التقى الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بنظيره الروسي، فلاديمير بوتين، اليوم الجمعة، للمرة الثانية خلال ما يزيد قليلاً عن أسبوعين، وبعد أن ساعدت تركيا في التوصل لاتفاق لاستئناف صادرات الحبوب من أوكرانيا عبر البحر الأسود، التي توقفت عقب الغزو الروسي.
ووفق وكالة "رويترز"، فإن الجانب التركي يعتبر الاتفاقية، التي يمكن أن تحد من ارتفاع أسعار الغذاء العالمية، تسلّط الضوء على أهمية الاتصالات الدبلوماسية لتركيا، الدولة العضو في حلف "الناتو"، مع الجانبين.
وعلى الرغم من أن تركيا انتقدت الغزو الروسي، وزودت أوكرانيا بالسلاح، خاصة المسيّرات، إلا أنها انفصلت عن الحلفاء الغربيين بعدم فرض عقوبات على روسيا.
في العام 2015، أسقط الجيش التركي طائرة روسية عبرت إلى المجال الجوي التركي، مما أدى إلى أزمة في العلاقات، لكن بعد أقل من عام، كان بوتين من أوائل زعماء العالم الذين أعربوا عن دعمهم لأردوغان عقب محاولة الانقلاب في تركيا في تموز 2016، ووضع الأساس لعلاقاتهم الدفاعية المتنامية.
وقالت "رويترز" إن "هذا التوازن الدقيق يعكس مدى تعقيد العلاقات التركية الروسية، بدءاً من التعاون الوثيق في إمدادات الطاقة، إلى المنافسة العسكرية في سوريا وليبيا وأذربيجان"، مشيرة إلى أبرز المحطات في هذه العلاقات.
خصوم في سوريا وليبيا وأذربيجان
في سوريا، تدعم تركيا فصائل من المعارضة السورية ضد نظام بشار الأسد، فيما دعم التدخل الروسي النظام، وساعد في إعادة سيطرته على معظم الأراضي التي كانت تسيطر عليها المعارضة، وبقائها في محافظة إدلب وأجزاء من ريف حلب شمالي سوريا.
في شباط من العام 2020، قتلت غارة جوية ما لا يقل عن 34 جندياً تركياً، ما دفع بتركيا لإرسال تعزيزات إلى محافظة إدلب، لوقف تقدم قوات النظام السوري المدعومة من روسيا، والتي تسببت في نزوح نحو مليون شخص.
وقبل أسابيع، قال أردوغان إن تركيا تخطط لتوغل آخر في شمالي سوريا، مستهدفاً مناطق تسيطر عليها "قوات سوريا الديمقراطية"، مما أثار انتقادات من روسيا وإيران والولايات المتحدة.
في ليبيا، أدى التدخل العسكري التركي إلى تراجع الهجوم على الحكومة المعترف بها دولياً في طرابلس من قبل قوات متمركزة في الشرق، يدعمها مقاتلون من مجموعة مرتزقة "فاغنر" الروسية.
أما في أذربيجان، دعمت تركيا هجوماً عسكرياً لطرد القوات الأرمنية من جزء كبير من منطقة ناغورنو كاراباخ الجبلية في جنوب القوقاز، وهي منطقة تعتبرها روسيا جزءاً من مجال نفوذها.
الحبوب الأوكرانية
بعد أيام من اجتماع الرئيسين بوتين وأردوغان، في طهران الشهر الماضي، أشرفت تركيا على اتفاق لاستئناف صادرات الحبوب الأوكرانية.
وبموجب الاتفاقية، تستضيف تركيا مركزاً مشتركاً، حيث سيعمل ممثلو روسيا وأوكرانيا وتركيا والأمم المتحدة على ضمان النقل الآمن لصادرات أوكرانيا إلى الأسواق العالمية.
وتعتمد تركيا بشكل كبير على روسيا وأوكرانيا للحصول على الحبوب، فيما استحوذت روسيا على 56 % من واردات الحبوب التركية في العام 2021، بقيمة 2.24 مليار دولار، في حين بلغت الواردات من أوكرانيا 861 مليون دولار.
مبيعات الأسلحة
لعبت طائرات "بيرقدار" التركية المسيّرة، التي بيعت لأوكرانيا، دوراً بارزاً في إبطاء تقدم القوات الروسية عندما توغلت في الأراضي الأوكرانية في فبراير.
وفي الوقت نفسه، لدى تركيا أيضاً علاقات دفاعية متنامية مع روسيا، حيث اشترت نظام "S-400" الروسي للدفاع الصاروخي في العام 2019، وأشارت إلى أنها قد تشتري المزيد.
وأثارت الصفقة بين تركيا وروسيا غضب واشنطن، التي ألغت صفقة بيع مقاتلات من طراز "F-35"، وفرضت عقوبات على الصناعات الدفاعية التركية.
وسبق أن أعلن أردوغان أن تركيا تدرس المزيد من الخطوات المشتركة في صناعة الدفاع مع روسيا، بما في ذلك بالنسبة للطائرات المقاتلة والغواصات.
الطاقة
يشكل الغاز الطبيعي الروسي نحو 45 % من مشتريات الغاز التركية المعتمدة على الاستيراد العام الماضي، والتي سجلت مستوى قياسياً نتيجة للجفاف وما يرتبط به من زيادة في إنتاج الطاقة المدفوعة بالغاز.
كما تبني شركة "روساتوم" النووية الروسية العملاقة محطة نووية في أكويو جنوبي تركيا، قال بوتين العمل بإنشائها سيبدأ العام المقبل.
ومن المتوقع أن توفر المحطة نحو 10 % من احتياجات تركيا من الطاقة، في حين ستستمر شركة "روساتوم" في تشغيلها وإدارتها لعدة عقود، وفق اتفاق موقع بين الجانبين في أيار من العام 2010.
السياحة
في العام 2029، زار سبعة ملايين سائح روسي تركيا، وهو أكبر عدد من أي دولة أخرى، قبل أن توقف جائحة "كورونا" بشكل كبير السفر إلى الخارج، إلا أن السياحة الروسية ما تزال مصدراً مهماً للعملة الصعبة للاقتصاد التركي.