ما تزال الصيدليات بدمشق تعاني من انقطاع عدة أصناف من الأدوية الهامة، رغم رفع سعرها من قبل وزارة الصحة التابعة للنظام العام الماضي، بنسبة وصلت إلى 30 في المئة، والتي لم ترض أصحاب المعامل الذين يطالبون بزيادة أكبر على أسعار الأدوية لمعاودة الإنتاج.
المفقود في الصيدليات متوفر في السوق السوداء
وأكد صيادلة في دمشق، لموقع "تلفزيون سوريا"، أن زمراً دوائية هامة ما تزال مقطوعة من المعامل التي لم تقم بطرحها رغم حصولهم على مطالبهم من وزارة الصحة بعد الضغط عليها لرفع الأسعار، مشيرين إلى أن الأصناف المقطوعة هي أدوية الالتهاب "الصادات الحيوية"، وأدوية الصرع، وشرابات الأطفال، وأدوية أخرى مثل "السيتامول"، وأدوية الربو وغيرها.
وأشار الصيادلة إلى أن الأدوية المقطوعة متوفرة لكن بأسعار مرتفعة في السوق السوداء، نتيجة احتكار بعض الموزعين والمستودعات لها، وبيعها للصيادلة بطريقة التحميل مع أدوية أخرى غير مطلوبة أو اقترب انتهاء صلاحيتها.
وخلال جولة على عدة صيدليات بدمشق، قال بعض المرضى لموقع "تلفزيون سوريا" إن أنواعا شهيرة من الأدوية المسكنة مثل "البروفين" انقطعت مؤخراً، بينما توفرت أدوية بذات التركيبة لكن بشكل جديد وسعر مرتفع أكثر، حيث كانت تباع عبوة مسكن الآلام "البروفين" بمبلغ 1800 ليرة قبل انقطاعه، بينما يباع الدواء بشكله الجديد وتحت اسم "إيبو بروفين" وبذات التركيبة بسعر وصل إلى 2500 ليرة من شركات أخرى.
التصنيع المحلي خسارة للمعامل
وأوضح أحد أصحاب المعامل، فضّل عدم ذكر اسمه، أن نسبة الرفع الأخيرة لم تحقق طموح المعامل، وبالتالي قد لا تتوفر زمر الأدوية المقطوعة قريباً، لأن المعامل طالبت برفع الأسعار 70 %، بينما وافقت وزارة الصحة على 30 % فقط، ولهذا يعتبر استيراد المواد الأولية وتصنيعها محلياً خسارة للمعامل.
وأضاف المصدر أنه "عندما رفعت وزارة الصحة أسعار الأدوية كان سعر صرف الدولار وفق النشرة الرسمية 1262 ليرة، بينما كان سعر صرف تمويل المستوردات 2525 ليرة، لكن مع بداية العام ارتفع سعر الصرف بنشرة المركزي 100 % إلى 2525 ليرة، وارتفع سعر تمويل المستوردات إلى 3490 ليرة مضافاً إليها العمولة".
وأوضح صاحب المعمل أن "مطالبنا سابقاً برفع أسعار الأدوية كانت بسبب تسعير الأدوية وفق سعر 1262 ليرة للدولار، بينما الاستيراد يتم على سعر 2525 ليرة، ورغم ذلك لم ترفع الوزارة أسعار الأدوية سوى 30 %"، مشيراً إلى أنه "بعد أن وافقت الوزارة على رفع السعر قام المصرف المركزي بزيادة سعر صرف التمويل، ما يعني أن الأمور تتعقد أكثر فأكثر، والأدوية بهذا الشكل لن تستقر، ويمكن وصف ما يحدث بلعبة القط والفأر بين وزارة الصحة والمعامل، والخاسر الأكبر هو المرضى".
وأكد المصدر على أن سعر الصرف الجديد يتطلب من وزارة الصحة أن تعيد النظر بنسبة رفع سعر الأدوية، وأن تعاود رفعها مرة أخرى، مشيراً إلى أن توفر الأدوية بعد رفع الأسعار بشكل مجزٍ، يتطلب من شهر إلى 3 أشهر لإتمام عملية التوريد والتصنيع، ما يعني أن التأخر بوضع سعر منصف لشركات الأدوية، يؤخر توفرها أكثر، ويزيد من الأدوية المهربة بالأسواق وينعش السوق السوداء، ويفاقم معاناة المرضى الفقراء.
شح كبير بحوامل الطاقة في سوريا
وأشار صاحب معمل الأدوية إلى أن مشكلة سعر الصرف ليست وحدها التي تؤثر بأسعار الأدوية، فالمعامل بحاجة للطاقة أيضاً، وهناك شح كبير بحوامل الطاقة إضافة إلى أن سعرها مرتفع جداً.
يشار إلى أن وزارة الصحة رفعت نهاية العام الماضي أسعار جميع الأدوية بنسبة 30 % للمرة الثانية خلال العام 2021، وذلك بعد يوم واحد على زيادة الرواتب بنسبة 30 % أيضاً، ما جعل البعض يتهكم على القرارين بقولهم إن "الحكومة تريد من المواطنين إنفاق الزيادة على صحتهم".
وفي 17 حزيران الماضي، رفعت وزارة الصحة سعر أكثر من 11 ألف صنف دوائي بنسب تقارب 30 % أيضاً، ما أثار استياء المواطنين، وحينذاك لم تفلح الحكومة بدفع المعامل على طرح الأدوية لتعود وترفعها من جديد نهاية العام، وسط توقعات برفع الأسعار أيضاً في العام 2022 الجاري أكثر من مرة، بحسب أصحاب معامل أدوية خاصة، نتيجة رفع سعر صرف تمويل المستوردات وسعر صرف الدولار بالنشرة الرسمية.