icon
التغطية الحية

معرض تصوير ضوئي في ألمانيا يسلط الضوء على التراث العمراني لمدينة دير الزور

2022.05.09 | 16:58 دمشق

82589302_2824585427564314_2662787386018103296_n.jpg
تلفزيون سوريا - خالد عواد الأحمد
+A
حجم الخط
-A

تستضيف مكتبة مدينة Alzenau الألمانية خلال الفترة ما بين 9 وحتى 27 من أيار الحالي معرض صور بعنوان (دير الزور.. مدينة منكوبة على ضفاف الفرات) بهدف تسليط الضوء على التراث المعماري والعمراني للمدينة التي تعرضت للدمار بشكل كلي أو جزئي. ولطالما شكل هذا التراث المعماري جزءاً مهماً من الصورة البصرية ولاسيما لقلب مركز المدينة.

ونظم وأشرف على المعرض الأكاديمي السوري "أحمد خلف عطية" الذي كان يعمل أستاذاً جامعياً ورئيساً  لقسم العمارة في جامعة الجزيرة الخاصة في فترة سابقة قبل أن ينتقل إلى ألمانيا في نهاية عام 2014 ليعمل أستاذاً زائراً ومكلفاً بمهام تدريسية في كلية العمارة - قسم تخطيط وتطوير المدن بجامعة دارمشتات التقنية TU Darmstadt منذ عام 2018 إضافة  إلى عمله خبيراً لدى بنك إعادة الإعمار الألماني.

وحول فكرة المعرض الذي  تنظمه الجمعية الألمانية -الأجنبية أشار عطية لـ "موقع تلفزيون سوريا" إلى أنه حصل منذ سنتين على تمويل  من مؤسسة غيردا هنكل- برنامج دعم التراث Gerda Henkel Stiftung التي تمول أبحاث الجامعة فيما يتعلق بالحفاظ على التراث المعماري والعمراني وخصوصاً في فترة ما بعد الحرب وكان موضوعه -كما يقول- عن الحفاظ على التراث المعماري والعمراني في مدينة دير الزور وبالتحديد منطقة السوق القديم ومنطقة السرايا والمنطقة المحيطة بهما، وكانت المهمة الأساسية أمامه هي عملية توثيق دقيق بحيث تكون هذه الوثائق جاهزة في مرحلة الإعمار أو "ساعة الصفر" لإظهار ما تحتويه مدينة دير الزور من تراث معماري تم تدميره بشكل ممنهج.
وتابع عطية أن الإعلام ركّز بشكل كبير على مدينة حلب وآثار تدمر، ولكن بالنسبة لسوق دير الزور المبني من الطين ويعود إلى آخر الفترة العثمانية كان لابد من توثيقه وحصر الأضرار التي لحقت به وإجراء دراسة تاريخية آو بحوث  تسبق عمليات ترميم أي أثر عادة 

وروى محدثنا أنه قام عام 1998 بأول دراسة توثيقية للآثار بالاشتراك مع زميلته "ماري روز" وهي أول دراسة توثيقية من نوعها للأسواق وكانت هذه الدراسة الشرارة الأولى التي نبهت للخطر الذي يتهددها آنذاك، وكشف عطية أنه حمل كاميرته عام 2010 وتجول في الأسواق وقام بتوثيقها وتصوير الكثير من البيوت في أحياء "العرضي" و"الشيخ ياسين" و"الرشدية" و"الحميدية" وشمل التوثيق وضع مخططات لبعض هذه البيوت وبعض العناصر المعمارية المميزة التي كانت موجودة آنذاك ورسمها على برنامج الأوتوكاد وتضمن بحثه كما يقول بعض الرؤى لعمليات التطوير وإعادة البناء بعد الحرب ضمن الضوابط المحلية والمعايير والاشتراطات الدولية التي تنص على المحافظة بشكل آمن على الآثار.

القشلات العسكرية

واستكمالاً للبحث والمعاينة الميدانية ذهب عطية  إلى مركز الأرشيف العثماني في إسطنبول وبحث في تاريخ مدينة دير الزور وحصل على الكثير من الوثائق المتعلقة بالمباني التاريخية والتطور العمراني للمدينة ولكنه -بحسب قوله- لم يحصل على الكثير فيما يتعلق بالأسواق خلال فترة البحث التي استمرت نحو 4 أسابيع 

وبنيت أسواق دير الزور أواخر الفترة العثمانية بعد أن أصبح هناك اهتمام بالمدينة وتطويرها لكونها ذات موقع استراتيجي بالنسبة للقوافل ولوقوعها على نهر الفرات فتنبه العثمانيون لهذه الأهمية وحاولوا عقد صفقات صلح مع القبائل التي كانت مقيمة في هذه المنطقة لضمان مرور التجارة والأشخاص بشكل سلس.
كما حاز نهر الفرات باهتمام كبير بغية  تنشيط النقل النهري ووفدت إلى المنطقة بعثات علمية فرنسية وبريطانية درست النهر وإمكانية الملاحة النهرية فيه ونشأت آنذاك الأسواق وبعض المباني الحكومية وبعض القشلات العسكرية والمشافي، ونوّه المصدر إلى أن أسواق دير الزور المقببة وبخاصة (سوق الظلام: بسبب تغطية السوق بالقبوات السريرية المستمرة والمدعمة بالأعصاب الإنشائية) لعبت دوراً اجتماعياً مهماً في توطيد العلاقة بين سكان الريف وسكان المدينة وقبلها بين البدو وسكان المدينة هذا فضلًا عن الأهمية الاقتصادية، حيث وفرت الأسواق أكثر من ألف فرصة عمل، كونها نقطة جذب سياحي.

ومن المقرر أن يضم المعرض الذي يقام في مدينة Alzenau التابعة لمدينة أشافنبورغ بولاية بايرون نحو 42 صورة التقط عطية بعضها بكاميرته قبل الحرب وبعض الصور من فترة الحرب حيث استعان فيها بأحد المصورين، ومن خلال هذه الصور حُددت الأضرار التي تعرضت لها الأسواق ومنطقة السرايا الحكومية المهدمة كلياً حتى أن حجارتها لم تعد موجودة، وكذلك متحف التقاليد الشعبية  الذي كان يشغل مبنى محكمة وتم تدشينه في عهد تاج الدين الحسني ودمر بنسبة 90 % ولم يتبق منه إلا جزء بسيط من الواجهة الأمامية.
كما دمرت مآذن المساجد مثل "تكية الراوي" و"الجامع الحميدي" –بشكل جزئي – وتكية السرايا بشكل كامل ومأذنة الجامع العمري التي حصل لها ميل جراء الاستهداف ويمكن أن تسقط بفعل عوامل الزمن إذا لم يجر لها تدعيم ودراسة إنشائية جديدة، 

منزل فرحان الفياض

وتابع المصدر أن الصور التي ستعرض توثق الضرر الذي لحق ببعض كنائس دير الزور التاريخية وتم تصوير وتوثيق الحالة  الراهنة للعديد من البيوت السكنية وأهمها منزل فرحان الفياض الواقع على ضفة نهر الفرات جانب المحافظة السابقة ولفت المشرف على المعرض أن المعرض يضم صوراً من الأرشيف الفرنسي والأرشيف العثماني وبالنسبة للصور التي ترصد الضرر الذي لحق بالسوق والنسيج المعماري في دير الزور منذ العام 2013 وحتى الوقت الحالي.
ولفت عطية إلى أنه استعان بالتصوير الفضائي لمنظمة أونتر التي تعنى بتوثيق الدمار الحاصل للآثار والمخيمات مما أعطى مصداقية وقوة للبحث والمعرض وبالنسبة للمرحلة الأخيرة وهي التوثيق بالنمذجة ثلاثية البعد (ثري دي إس ماكس) لهذه المباني التي تظهر كيف كانت قبل الحرب وقبل التدمير ومن خلال هذه الصور تم تحديد الأضرار التي تعرضت لها الأسواق ومنطقة السرايا  الحكومية. 

وأردف عطية أن لأسواق دير الزور قيمة عاطفية كبيرة بالنسبة للسكان إضافة إلى قيمتها الاقتصادية لأن بعضها تجارية وبعضها تشجع على السياحة، وهي جزء من ذاكرة وذهن وتاريخ المدينة والصورة البصرية المكونة لها، ولم تكن لسبب أو لآخر محلاً للاهتمام من قبل أي من الحكومات المتتالية في سوريا.