مشفى بن زايد الميداني بريف دمشق.. خدمات غير موجودة ومحطة مؤقتة للأطباء

افتتح الهلال الأحمر الإماراتي المشفى الميداني الثاني من نوعه في حي المهاجرين بمدينة حمص وسط سوريا، ويحمل اسم مشفى الشيخ محمد بن زايد الميداني، تم افتتاحه في نهاية شهر تشرين الأول من العام الحالي ويعتبر المشفى دعما من دولة الإمارات العربية المتحدة في ظل الاستجابة الإنسانية لجائحة كوفيد-19.

وبحسب ما نشرت وزارة الصحة التابعة للنظام السوري على صفحاتها الرسمية في مواقع التواصل الاجتماعي، فإن هذه المبادرة تأتي في "إطار تمتين أواصر علاقات الصداقة التي تربط بين البلدين قيادة وشعباً".

ويضم المشفى 100 سرير إضافة إلى 20 سرير عناية من شأنه أن يدعم العمل الصحي في محافظة حمص إلى جانب كونه مشفى طوارئ وإسعاف ولعلاج مرضى كورونا إضافة إلى تقديم خدمات متنوعة من مخبر وأشعة وغير ذلك.

وفي 25 من تموز الماضي افتتحت الإمارات مشفى ميدانياً بنفس الاسم في ريف دمشق في منطقة ما قبل المطار وبطاقة استيعابية تصل إلى 135 سريرا وبنفس امتيازات المشفى الميداني في حمص. المشفيان الميدانيان تم تقدمة معداتهما وتجهيزاتهما بالكامل من دولة الإمارات العربية المتحدة، وكانت الإمارات أرسلت مساعدات طبية ومعونات بكميات كبيرة خلال جائحة كوفيد-19.

اقرأ أيضاً

تأمين صحي لا يعالج أمراض السوريين من يستفيد منه؟

مشفى بن زايد.. خدمات محدودة

"كل ما يدخل سوريا يتطبع بطباعها"، هذا ما وصف به الطبيب حمزة واقع المشفى الميداني في دمشق، وهو طبيب في فترة الاختصاص في أحد مشافي العاصمة دمشق "طلب عدم ذكر هويته". وبحسب ما وصل لحمزة ورفاقه فإن مشفى بن زايد الذي أنشئ على طريق مطار دمشق الدولي هو لخدمة أهالي منطقة مطار دمشق وما حولها، وتقديم كل الخدمات الإسعافية بما فيها الجراحية. لكن الواقع كان عكس المعلن عنه، فما إن دخل المشفى حيز العمل حتى بدأ العاملون فيه يحولون المرضى لمشافي العاصمة بحجة عدم وجود تجهيزات كافية وعدم القدرة على إجراء عمليات إسعافية.

بحسب حمزة فتحويل المرضى بين المشافي يتم عند الحاجة لخدمات غير متوفرة في المشفى الذي يوجد فيه المريض وهو إجراء روتيني يحصل دائما، ولكن تبين أن المشفى الميداني حالياً مجرد بناء دون تقديم أي خدمات ذات نفع أو جدوى، فلا عمليات جراحية إسعافية ولا عمليات باردة وحتى إن معظم الخدمات التي تم الإعلان عنها غير موجودة، ما يثير السخرية حول ماهية وسبب افتتاح هذا المشفى وجعله مجرد بناء دون هدف.

أحد الأطباء الذين تم إيفادهم للعمل في مشفى بن زايد في دمشق والذي تحفظ على ذكر اسمه، أكد أن المشفى فعلياً يخدم شريحة واسعة من الناس في المنطقة المحيطة به ولكن المثير للريبة هو غياب أي رقابة من متبرعي المشروع ودخوله في سلسلة الفساد في سوريا من غياب للأدوية ونقص في الأطباء.

المشفى محطة مؤقتة للأطباء السوريين

منذ افتتاح المشفى الميداني الأول في تموز من هذا العام تم إيفاد الأطباء في دمشق إليه ممن يقضون فترة الامتياز، وسنة الامتياز في سوريا هي سنة فرضتها وزارة الصحة على جميع الأطباء السوريين بعد تجاوزهم امتحان البورد السوري النهائي، في محاولة لرفد قطاعات الصحة السورية بكوادر بعد النقص الشديد، واشترطت الوزارة حصول الطبيب على شهادة الاختصاص باجتيازه هذه السنة.

وبحكم أن معظم الأطباء يحلمون ويسعون للسفر خارج سوريا فقد قبل هؤلاء الأطباء ذلك على مضض، إذ كان هؤلاء سابقاً ينتظرون انقضاء العام بعد نجاحهم في امتحان البورد للحصول على الشهادة ومعظمهم غير ملزم بالدوام فقد أجبروا على الدوام في هذا المشفى.

اقرأ أيضا: واقع القطاع الطبي في مناطق النظام السوري.. الغوطة نموذجاً

وبما أن السوريين يبحثون عن أي وسيلة للسفر خارج سوريا فقد استطاعوا إيجاد حلول للالتفاف على القوانين، مهند "اسم مستعار" أحد الأطباء المقبلين على التقديم لامتحان البورد السوري النهائي أكد أنه يسعى للسفر فور نجاحه في شقي الامتحان النظري والعملي وبخصوص شهادة البورد "سيترك راتبه لمدير المشفى ويدفع له زيادة عنه مقابل التستر على غيابه" كما يقول، وبحسب مهند فإن معظم رفاقه فعلوا مثله، بمجرد نجاحهم في الامتحان النهائي تركوا البلاد واستطاعوا بعد سنة كاملة الحصول على شهادة البورد والعمل بموجبها في دول الخارج، وهكذا فإن الأطباء الراغبين في الهروب من سوريا هم المستفيدون من هذا المشفى ولو كان بموجب رشاوى.

ويذكر أنه تم تعيين الدكتور إياد طيجن مديرا لمشفى بن زايد الميداني في دمشق وهو اختصاصي جراحة عظمية وكان معاون مدير صحة ريف دمشق.

القطاع الصحي في سوريا

تعـرَّض القطاع الطبي في سوريا، خلال السنوات العشر الماضية، لتغيـرات بنـيوية واسعة، خصوصاً في ريف دمشق، حيث دُمّر نظام الرعاية الطبية بعد عقد من الحرب بشكل شبه كامل، نتيجة للظروف الأمنية والعسكرية وهجرة آلاف الأطباء والعاملين في المجال الطبي، وهذا الأمر انعكس سلباً على السوريين في جميع المحافظات السورية.

وتعاني مناطق سيطرة النظام من تدهور ملحوظ في القطاع الصحي، ازداد مؤخراً مع ازدياد هجرة الأطباء بسبب تدني الأجور وسوء البنية التحتية في المستشفيات العامة.

وأدى نقص الأطباء، وخاصة أطباء التخدير، إلى إغلاق مشفى التوليد وأمراض النساء الجامعي بدمشق أبوابه بوجه أي حالات مرضية إسعافية، مطلع شهر كانون الثاني الماضي، وأوقفت جميع القبولات الخاصة بذلك لعدة أيام.