طالب رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي، مايكل ماكول، إدارة الرئيس جو بايدن بإعادة تقييم المساعدات المقدمة إلى سوريا في إطار مشاريع التعافي المبكر، معرباً عن "القلق الشديد" بشأن السياسة الأميركية تجاه سوريا.
وفي رسالة بعثها على وزير الخارجية، أنطوني بلينكن، دعا السيناتور ماكول إلى "اتخاذ إجراءات فورية لضمان تقديم المساعدات بطريقة تتماشى مع الأهداف الإستراتيجية للولايات المتحدة"، مؤكداً على أن "السماح بمزيد من الاستثمار في سوريا بأي شكل من الأشكال هو شكل من أشكال التطبيع مع بشار الأسد، ويقلل من وضعه كمنبوذ".
وشدد المشرع الأميركي على أن "دعم التنمية طويلة المدى في سوريا، لتشمل أي شكل من أشكال إعادة الإعمار في المناطق التي يسيطر عليها الأسد، غير مقبول في ظل غياب قرار سياسي دائم، يتماشى مع قرار مجلس الأمن رقم 2254"، مضيفاً أنه "بعيداً عن العمل من أجل تحقيق تسوية سياسية مستدامة، يواصل الأسد وأنصاره ارتكاب جرائم حرب في جميع أنحاء سوريا لأنهم يستفيدون من المساعدات الدولية".
التوسع الهائل في المساعدات لمناطق سيطرة النظام
وقال السيناتور الجمهوري مايكل ماكول إن "التقديرات الحالية تشير إلى أن كلفة إعادة إعمار سوريا قد تصل إلى 1.2 ترليون دولار، وهو رقم أكبر بعدة مرات من الناتج المحلي الإجمالي لسوريا"، موضحاً أن "إعادة الإعمار تتطلب دعم المجتمع الدولي، وما تزال إعادة الإعمار أهم مصدر ضغط للمجتمع الدولي لضمان محاسبة الأسد وداعميه الروس والإيرانيين على جرائم الحرب التي ارتكبوها ضد الشعب السوري".
وأضاف أن "ما يحدث في سوريا ليس مهماً فقط للشرق الأوسط، ولكن أيضاً لأوكرانيا وخارجها"، مشيراً إلى أنه "لهذه الأسباب، أشعر بالقلق من التوسع الهائل في المساعدات الأميركية إلى المناطق التي يسيطر عليها الأسد، لأغراض تتجاوز بكثير المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة".
لا إجماع حول تعريف "التعافي المبكر"
ووفق السيناتور ماكول فإنه "نتيجة للإجراءات التي اتخذتها هذه الإدارة، فإن الأموال الأميركية، بما في ذلك تلك المقدمة من خلال الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى، تدعم الآن العديد من مشاريع التنمية الطويلة الأجل، مثل التدريب على تطوير الأعمال، وإعادة تأهيل المخابز، وبرامج تغير المناخ، في مناطق سيطرة النظام السوري".
وأوضح أن "هذا تحول واضح بعيداً عن السياسة الأميركية القديمة، ويهدد بخلق سابقة خطيرة للدول التي تسعى إلى تطبيع العلاقات مع نظام الأسد الوحشي"، معرباً عن شعوره "بالقلق إزاء جهود هذه الإدارة في التماس الدعم لأنواع معينة من المساعدة، مثل التعافي المبكر، على الرغم من عدم وجود إجماع حول كيفية تعريف هذا المصطلح".
كيف تعرف الولايات المتحدة "التعافي المبكر"؟
وذكر السيناتور ماكول أن وكالات الأمم المتحدة، التي تتلقى تمويلاً من الولايات المتحدة، تحدد "التعافي المبكر" على أنه "شكل من أشكال مساعدات التنمية، لبناء القدرة على الصمود في أوضاع ما بعد الأزمات"، مؤكداً على أن ذلك "يتناقض مع التعريف الذي تستخدمه الولايات المتحدة، والذي يصنّف التعافي المبكر كمساعدات مصممة لتلبية احتياجات التعافي التي تنشأ خلال المرحلة الإنسانية لحالة الطوارئ، عندما يكون إنقاذ الأرواح لا يزال حاجة ملحة ومهيمنة".
ولفت إلى أنه "من خلال تعزيز مساعدات التعافي المبكر في المناطق التي يسيطر عليها النظام، والتي تفتقر إلى حواجز حماية محددة بوضوح حول ما يشكل بالضبط مساعدة إنسانية منقذة للحياة مقارنة بالمساعدات التنموية، تخاطر هذه الإدارة بتشويه الفروق الحاسمة بين المساعدة وإعادة الإعمار، مما يؤدي إلى تآكل أقوى نفوذ لدينا ضد الأسد وداعميه".
ضرورة منع استخدام "التعافي المبكر" كترخيص لإعادة الإعمار
وشدد السيناتور ماكول على أنه "لمنع الأسد وداعميه من استغلال هذه النقاط الغامضة، لتعزيز هدفهم المتمثل في إعادة إعمار سوريا دون الامتثال للقرار 2254، يجب على الإدارة الأميركية التعامل مع الحلفاء والشركاء لمنع استخدام التعافي المبكر كترخيص لإعادة الإعمار"، مؤكداً على ضرورة أن "تكون هناك تعريفات واضحة لما يشكل التعافي المبكر، وكيف يختلف عن مساعدات التنمية وإعادة الإعمار".
وأشار المشرّع الأميركي إلى أنه "لتحقيق هذه الغاية، يجب على الولايات المتحدة أن تضغط من أجل اعتماد تعريف واضح ومقبول عالمياً للتعافي المبكر في مجلس الأمن، يكون على أساس إنساني وليس تنمويا"، مؤكداً على ضرورة "أن يكون هذا شرطاً مسبقاً ضرورياً للدعم الأميركي المستقبلي لمساعدات التعافي المبكر، سواء من خلال الأمم المتحدة أو المنظمات غير الحكومية".
وأعرب رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأميركية عن تطلعه "لمواصلة الانخراط بشأن هذا الموضوع وغيره من العناصر المهمة في سياسة الولايات المتحدة تجاه سوريا".