قال فريق "منسقو استجابة سوريا"، أواخر العام الفائت، إنّ قطاع الحماية تَصدّر قائمة التمويل بمبلغ 5 ملايين دولار أميركي، من إجمالي 25 مليون دولار خصّصها صندوق التمويل الإنساني للعمليات الإنسانية عبر الحدود، لتمويل العمليات الإنسانية في شمال غربي سوريا.
وأوضح الفريق أنّ التمويل ركّز على مبالغ كبيرة ضمن القطاعات ـ أبرزها الحماية ـ على الرغم من شدة الاحتياجات لتلك القطاعات أبرزها المخيمات، الذي لم يتجاوز تمويله نصف مليون دولار.
وهذه الأرقام، تدفع الفرق الإنسانية للتحذير من مخاطر "خلل في عمليات الاستجابة الإنسانية"، بحسب فريق الاستجابة، الذي اعتبر أنّ "الفوضى في إدارة المعلومات الخاصة بعمليات الاستجابة سينعكس سلباً على المدنيين في سوريا عامة، وفي شمال غربي سوريا بالتحديد".
ما طبيعة هذه المساعدات؟
محمد كتوب - مدير مشاريع في منظمة "إمباكت" وخبير مناصرة قضايا إنسانية - يوضّح لـ موقع تلفزيون سوريا، أنّ "هذه المساعدات، لا تمثّل إجمالي المساعدات الدولية لسوريا، عبر مختلف المانحين الدوليين ومنظمات الأمم المتحدة، إنما هي عبارة عن مساعدات تندرج تحت مسمى (مساعدات الطوارئ) ـ صندوق تشاركي ـ وليس لها نسب ثابتة، وإنما تدور في نحو نسبة 10% من إجمالي المنح الدولية لسوريا، ويشرف عليها مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة (أوتشا)".
ويشير إلى أنّ "المساعدات المشار إليها، يحدد نسبتها الحالة الآنية في المنطقة والاحتياجات، وهذه يحددها مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، من خلال آليات التقييم مع المنظمات العاملة في كل منطقة".
ويتابع مبيناً طبيعة توزيع نسب الاحتياجات المعتمدة: "في فترة جائحة كورونا، تصدّر القطاع الطبي صدارة التمويلات الطارئة، وفي حالات النزوح والتهجير خلال الحملة العسكرية، عام 2019، على منطقة شمال غربي سوريا، كانت الأولوية التمويلية للنازحين والمخيمات وغيرها"، مرجّحاً أنّ "المنظمات المحلية الناشطة في قطاع الحماية قد تكون رفعت احتياجاتها بناءً على مشاريعها في المنطقة".
ويتحدّث كتوب، عن مساعٍ سابقة للناشطين في شأن التمويل الإنساني نحو "الضغط على مسألة ألا يكون قطاع الحماية مقتصراً على المواضيع الحالية من إزالة ألغام وحقوق ملكية وسكن وعنف قائم على النوع الاجتماعي التي تستهدفها مشاريع الحماية، على الرغم من أهميتها في الحروب، إنما يتوسّع لحماية المدنيين، وتخصيصات للأمور المتعلقة بخطط سلامة العاملين في القطاع الإنساني أو حماية المنشآت الإنسانية من الهجمات بشكل أوسع".
توزع المنح الدولية للقطاعات
بالعودة إلى أرقام حجم التمويل الدولي لسوريا سواء عبر الحدود أو مناطق النظام السوري، في مواقع الأمم المتحدة الرسمية، فإنّ خطة الاستجابة (2022 - 2023)، تحدّد الاحتياجات بنحو 4.44 مليارات دولار أميركي، بينما حجم الاستجابة 2.32 مليار دولار فقط، وهي ما يعادل النصف.
وتُبيّن الأرقام أن نسبة الاحتياجات لقطاع الأمن الغذائي والزراعة نحو مليار و710 ملايين دولار، وهو القطاع ذو الاحتياجات الأضخم في عملية التمويل الإنساني، لكن نسبة الاستجابة له لا تتجاوز 61%، أي ما يعادل مليار و42 مليون دولار، واحتياجات قطاع إدارة وتنسيق المخيمات، هي 31 مليون دولار، بنسبة استجابة وصلت لـ64% فقط، وقطاع الصحة 582.2 مليون دولار، بنسبة استجابة وصلت لـ27% فقط، بينما احتياجات الحماية 419.4 مليون دولار، باستجابة 19% فقط.
وبلغت احتياجات قطاع المأوى والمواد غير الغذائية 534.2 مليون دولار، بينما نسبة الاستجابة وصلت لـ19% فقط، بينما قطاع التغذية 124.1 مليون دولار، وبنسبة استجابة 24.3% فقط، أما احتياجات قطاع المياه والصرف الصحي والنظافة 390.3 مليون دولار، بنسبة استجابة 35.7% فقط.
"دعم نفسي ووقائي"
تتعرض مشاريع الحماية في الشمال السوري لانتقادات ترتبط بـ"أولويات الدعم الإنساني"، وضرورة التوجّه نحو قطاع أكثر حيويةً مثل التعليم والصحة والمخيمات ومشاريع سبل العيش، في حين يعتبر القائمون عليها "ضرورية في زمن الحروب وما خلفته من آثار نفسية واضطرابات اجتماعية بين السكّان".
وحول ذلك، يقول بلال عبيد - منسق مشروع الحماية في مكتب إدلب لمنظمة "سيريا ريليف" - إنّ "أنشطة مشروع الحماية، تركّز على الدعم النفسي الاجتماعي والخدمات القانونية (توعية قانونية، استشارات فردية) والتوعية العامة للأطفال والبالغين، وتقديم خدمات الإحالات للوكالات الأخرى، وجلسات المهارات الوالدية، وتشكيل لجان مجتمعية، وبناء قدرات للأشخاص غير الاختصاصيين بالحماية، وبناء قدرات متقدمة للعاملين في مجال الحماية".
ويقول "عبيد" في حديث لـ موقع تلفزيون سوريا، إنّ "مشروع الحماية، يعمل على تزويد السكان النازحين والمقيمين المعرضين للخطر لخدمات حماية متخصصة وغير متخصصة عالية الجودة ومتكاملة، وتعزيز البيئة الوقائية من خلال توفير معلومات منهجية حول الخدمات المتاحة، والدعم النفسي والاجتماعي المنظم للأطفال، والإحالات، والوصول إلى خدمات شاملة في الحماية".
وتطمح المشاريع بحسب "عبيد"، إلى "التخفيف من مخاطر الحماية في مواقع الإيواء الكريمة من خلال توفير خدمات الحماية المجتمعية والمتخصصة، بما في ذلك الخدمات العامة، والحماية الشخصية، والخدمات الاستشارية القانونية للمساعدة في الحماية الفردية، إلى جانب تحقيق الرفاه النفسي لهم".
وحول تجاوب المجتمع المحلي مع نوعية الخدمات التي يقدمونها، يقول إنّ ذلك "يعتمد على معرفة المجتمع بخدمات الحماية إن كانت تقدم في هذه المجتمعات للمرة الأولى أو أنهم يعرفون كيفية تنفيذ مشاريع الحماية".
ويردف: "نشارك في مشاريعنا، المعلومات مع المجتمعات قبل تنفيذ المشاريع من خلال إجراء تقييم للاحتياجات في المواقع المستهدفة، ونعتمد على نهج الحماية القائم على أساس المجتمع من خلال دور اللجان المجتمعية، حيث يتم اختيار اللجان من السكان النازحين والمضيفين والعمل على بناء قدرات اللجان ويكون لهم هم دور في تحديد الأطفال الأكثر ضعفاً وإحالة أو مساعدة الأطفال والأسر للوصول للخدمات، بالإضافة إلى دعم المبادرات المجتمعية".