قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها الصادر اليوم الجمعة: إنَّ نظام الأسد يهدد ويعتقل ويعذب أهالي الناشطين السياسيين والعسكريين المعارضين على نحوٍ مشابه لأساليب المافيا، مشيراً إلى إجبار والد الطبيبة الناشطة أماني بلُّور على الظهور في الإعلام الرسمي وتبني رواية الأجهزة الأمنية.
وطبقاً للتقرير فإنَّ ما لا يقل عن 20847 شخصاً بينهم 13 طفلاً و27 سيدة لا يزالون قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري لدى قوات النظام على خلفية صلات القربى التي تربطهم بناشطين في الحراك الشعبي أو معارضين للنظام منذ آذار 2011 حتى 21 من أيار 2021 ويشكلون قرابة 16 % من حصيلة المعتقلين أو المختفين قسرياً لدى قوات النظام، ومن بينهم ما لا يقل عن 137 شخصاً تجاوزت أعمارهم السبعين عاماً. في حين بلغت حصيلة من تعرضوا للاعتقال على خلفية صلات قربى تربطهم بمطلوبين للنظام وأفرج عنهم لاحقاً ما لا يقل عن 7929 شخصاً بينهم 147 طفلاً و180 سيدة.
وأضاف التقرير أن النظام لم يكتفِ بعمليات الاعتقال التعسفي والتعذيب الوحشي بحق المعارضين سياسياً على خلفية الحراك الشعبي، بل إنه قد أجبرهم تحت التعذيب والترهيب على الظهور على شاشة الإعلام الرسمي أو الموالي له والإدلاء بتصريحات وفقاً لما تمليه عليهم الأجهزة الأمنية.
وفي كثير من الأحيان لجأ في مناطق سيطرته إلى أهالي المعتقلين أو ناشطين سياسيين خارج سوريا، وأجبرهم على الظهور على وسائل الإعلام والتبرؤ من أولادهم واتهامهم بالعمالة للغرب ودعم الإرهاب وغير ذلك من الاتهامات المعلبة التي يرددها النظام والتابعون له.
وفي هذا السياق سجل التقرير ما لا يقل عن 364 حالة ظهور إعلامي لمعتقلين لدى النظام، أو لأهالي ناشطين سياسيين أُجبروا على الحديث عبر وسائل الإعلام الحكومية أو الموالية للنظام بما فيها وسائل إعلام تابعة لميليشيا حزب الله وإيران وروسيا، وقد تحول قرابة 300 منهم إلى مختفين قسرياً.
وتحدث التقرير عن أن النظام يبذل بمساعدة حليفيه الروسي والإيراني جهوداً ومبالغ مالية ضخمة تهدف إلى تبرئته من الجرائم وبمن ثم طمس وتشويه الحقيقة، وأنه عمدَ والموالون له إلى تأسيس العديد من المواقع والمنظمات، وإخراج مسلسلات وأفلام وثائقية تصبُّ في خدمة تغيير سردية الأحداث وتُشكِّك في صحة وقوعها.
وذكر التقرير أن قناة الإخبارية السورية الموالية وخدمةً لسردية النظام كانت قد عرضت في 20 من نيسان 2021 فيلماً وثائقياً حمل عنوان "من النفق إلى النور" يهدف بشكل رئيس إلى إيصال رسالة بأنَّ النظام لم يقُم باستخدام أسلحة كيميائية على منطقة الغوطة الشرقية بمحافظة ريف دمشق، واستجلبت الأجهزة الأمنية عدداً من العاملين في المشافي الميدانية في الغوطة الشرقية والذين بقوا بعد أن سيطر النظام السوري عليها، وقد أمرتهم الأجهزة الأمنية بتأدية هذه الأدوار مقابل عدم تشريدهم قسرياً أو اعتقالهم وتعذيبهم.
وقال التقرير إن الفيلم عمدَ إلى تشويه صورة الطبيبة أماني بلُّور والطبيب سليم نمور، اللذين عملا على إسعاف الجرحى والمصابين من قصف النظام بالأسلحة الكيميائية والأسلحة التقليدية على مدى سنوات طويلة، وخدمة لهذا الهدف المنحط، قام النظام السوري باستدعاء والد الطبيبة أماني بلُّور الذي بقي في الغوطة الشرقية ولم يتشرد منها، وطلب منه الظهور في الفيلم والتحدث لصالح رواية النظام في نفي الهجمات الكيميائية والقول بأنها هجمات مصطنعة ومفبركة من قبل "الإرهابيين".
وطبقاً للتقرير تعمد النظام الإساءة وتشويه صورة الطبيبة أماني بلُّور؛ نظراً للدور الكبير الذي لعبته خلال وجودها في مشفى الكهف، وبعد تشريدها قسرياً من الغوطة الشرقية عقبَ سيطرة قوات النظام عليها بعد هجومه الكيميائي على مدينة دوما في نيسان 2018.
وعرض التقرير أبرز إنجازات الطبيبة الناشطة أماني محمد بلُّور، التي جعلت النظام يستهدفها وعائلتها، والتي كان آخرها مشاركتها في جلسة خاصة لمجلس الأمن، عن الوضع الإنساني في سوريا، التي أدلت خلالها بشهادتها عن هجوم قوات النظام بالأسلحة الكيميائية على غوطتي دمشق في 21 من آب 2013.
وشد التقرير على أن النظام عاقب المعارضين السياسيين له بشتى الأساليب، ولعلَّ استهداف العائلة والأصدقاء والأقرباء كان من أشدِّ الأساليب وحشية، الأمر الذي يُشير إلى أنه ليس نظاما سياسيا دكتاتوريا فحسب، بل هذه التصرفات الهجمية عادة ما تلجأ إليها المافيا.