يتوجّه كل من رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير ليان، ورئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشيل، إلى زيارة تركيا، غداً الثلاثاء، لإجراء محادثات مع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في محاولة لإحياء العلاقات بين أنقرة وبروكسل بعد توترات شهدتها خلال العام الماضي.
ويتوقع مسؤولون، بحسب صحيفة "حريات" التركية، مناقشة خطوات جديدة للعودة إلى مسار إيجابي في العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، من خلال إعادة إطلاق حوار سياسي رفيع المستوى، وبدء المفاوضات على تحديث الاتحاد الجمركي الذي مضى عليه 25 عاماً، وتجديد اتفاق عام 2016 المتعلّق بملف تمويل تركيا لدعم اللاجئين السوريين الذين تستضيفهم على أراضيها.
وقال المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي، بارين ليتس، الأسبوع الماضي: "نحن مستعدون، مع المجلس الأوروبي والدول الأعضاء، لطرح المزيد من المقترحات الملموسة على الطاولة من أجل إقامة علاقة أكثر استقراراً ويمكن التنبؤ بها مع تركيا".
تحديث الاتحاد الجمركي وتجديد اتفاق المهجّرين السوريين
جاء ذلك عبر بيان أعقب قمة افتراضية لزعماء الاتحاد الأوروبي، في الـ25 والـ26 من آذار الفائت، ناقشوا خلالها تقريراً بشأن مستقبل العلاقات التركية الأوروبية، أعده منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، والمفوضية الأوروبية وقرروا مواصلة المفاوضات، وفق أجندة بنّاءة.
وشددت استنتاجات المجلس الأوروبي على خفض التصعيد في شرق البحر المتوسط واستئناف الحوار التركي- اليوناني كخطوات إيجابية، وتعهدت بالبدء في تنفيذ ما سُمّي بـ"الأجندة الإيجابية"، بما في ذلك تحديث الاتحاد الجمركي وتجديد الاتفاق المتعلّق بالمهجّرين السوريين لعام 2016.
خفض التصعيد في شرق البحر المتوسط
وجاء في البيان الأوروبي: "من بين الحوافز الاقتصادية، سيكون هناك تكثيف للمحادثات مع تركيا لمعالجة الصعوبات الحالية في تنفيذ الاتحاد الجمركي، وضمان تطبيقه الفعال على جميع الدول الأعضاء، ودعوة المجلس بالتوازي مع العمل على تفويض لتحديث الاتحاد الجمركي".
وشدد المجلس الأوروبي أيضاً على أن "التحسن في جميع هذه المجالات يخضع لخفض التصعيد المستمر في شرق البحر الأبيض المتوسط. وندعو تركيا إلى الامتناع عن تجدد الاستفزازات أو الأعمال الأحادية الجانب التي تنتهك القانون الدولي. مع الأخذ في الاعتبار الاتصال المشترك، نعيد تأكيد تصميم الاتحاد الأوروبي، في حالة حدوث مثل هذا الإجراء، على استخدام الأدوات والخيارات المتاحة له للدفاع عن مصالحه ومصالح الدول الأعضاء فيه وكذلك لدعم الاستقرار الإقليمي".
بوريل يدعو إلى بناء جسور بين الاتحاد وتركيا
وكتب بوريل، في الـ30 من آذار الماضي، على مدونته المخصصة للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي: "للاتحاد الأوروبي مصلحة استراتيجية في تطوير علاقة تعاونية ومفيدة للطرفين مع تركيا".
يعد الاقتصاد أحد أهم مجالات التعاون منذ أن بلغت الصادرات التركية إلى الاتحاد الأوروبي 69.8 مليار يورو (81.8 مليار دولار) وتتلقى البلاد 58.5 مليار (68.6 مليار دولار) من استثماراتها الأجنبية المباشرة من دول الاتحاد الأوروبي، وفقاً لبوريل.
واعترف بأن الكتلة (الاتحاد الأوروبي) وتركيا لديهما توترات بشأن أربعة أسئلة رئيسية، وهي شرق البحر المتوسط، وقضية قبرص، والصراعات الإقليمية مثل ليبيا وسوريا، والمعايير الديمقراطية.
وذكر أن "الخلافات القديمة تؤثر بشدة على المصالح الأمنية للاتحاد الأوروبي ولم يعد من الممكن اعتبارها مجرد مسائل ثنائية بين تركيا وبعض الدول الأعضاء".
اكتسبت العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي زخماً جديداً في أواخر عام 2020 بعد أن عادت سفينة المسح الزلزالي التركية (Oruç Reis)، التي كانت تبحر بحثاً عن موارد الطاقة في شرق البحر الأبيض المتوسط، إلى الميناء قبل قمة زعماء الاتحاد الأوروبي في كانون الأول الماضي.
وشجعت الكتلة التحركات التصالحية من أنقرة على مدى الأشهر القليلة الماضية، بما في ذلك استئناف المحادثات مع اليونان بشأن الحدود البحرية المتنازع عليها.
جذور التوتر
وكانت التوترات بين حلفاء الناتو، وتركيا واليونان، تصاعدت في الصيف الماضي مع إعلان حشد عسكري بعد أن أرسلت تركيا سفينتها البحثية (Oruç Reis)، برفقة فرقاطات بحرية، إلى المياه المتنازع عليها. دفعت هذه الخطوة اليونان إلى إرسال سفنها الحربية أيضاً، وأجرى البلدان تدريبات عسكرية لتأكيد مطالبهما.
وفي أواخر عام 2019، سعت أنقرة وأثينا أيضاً للحوار وعقدتا اجتماعات على المستويين السياسي والعسكري بهدف خفض التصعيد في شرق البحر المتوسط.