icon
التغطية الحية

مركز صناعي وتجاري حيوي.. تعرف إلى قرية تل بطال بريف حلب

2021.10.03 | 06:25 دمشق

img_8745.jpg
المنطقة الصناعية في تل بطال بريف حلب الشمالي (خاص تلفزيون سوريا)
حلب - حسين الخطيب
+A
حجم الخط
-A

نشأت تل بطال الصناعية خلال سنوات الثورة السورية، بعد تكرار عمليات القصف والهجمات العسكرية من قبل النظام على الأحياء السكنية والصناعية في مدينة حلب، ما دفع معظم هؤلاء الصناعيين إلى التجمع في موقع واحد مشكلين سوقاً صناعية محلية يقصدها مئات الأشخاص يومياً لإصلاح آلياتهم، كونها مكملة للمناطق الصناعية في منطقتي الباب واعزاز.

وتأثرت العديدُ من المنشآت التجارية والصناعية بالعملياتِ العسكريَّةِ، والقصف العشوائي على مختلفِ المناطق السورية، ما أدى إلى إغلاقِ ونقلِ العديد من المحال والمنشآت الصناعية إلى مناطق أكثر أمناً لعل أصحابها يتابعون أعمالهم من أجل تأمينِ قوت أطفالهم، ومن أبرز تلك الأماكن التي جمعت أصحاب الورش والمنشآت الصناعية قرية تل بطال بريف حلب الشمالي.

 زار موقع "تلفزيون سوريا"، قرية تل بطال الواقعة على طريق الراعي - الباب شرقي حلب، التابعة لمدينة أخترين، والتقى العديد من أصحاب المهن والورشات العاملة في مجال التصليح، بالإضافة إلى عدد من الزبائن ومرتادي السوق الصناعية بشكل دوري من أصحاب المشاريع الزراعية، باعتبارها الراموسة الثانية بحسب وصفهم.

 

تنقلات متكررة بسبب الأوضاع الأمنية

نجيب بكار، تاجر قطع سيارات منوعة، ويملك مركزاً تجارياً في قرية تل بطال، قال خلال حديثه لموقع "تلفزيون سوريا": إنه تنقل بين العديد من المناطق في محافظة حلب، وبقي محافظاً على مصلحة التجارة، حيث افتتح مركزه في البداية بمدينة حلب، ولاحقاً في مدينتي اعزاز وتل رفعت حتى انتهى به المطاف في قرية تل بطال".

وأضاف أن سبب الانتقال المتكرر بين المدن هو "بسبب تردي الأوضاع الأمنية، وضعف الحركة التجارية لأسباب متعددة كان من أبرزها عمليات القصف ونزوح الأهالي، وتعرض المنطقة للتهديد المباشر". مؤكداً أن "عملية الانتقال كل فترة لم تكن بالسهلة جداً فقد سببت لي العديد من المشكلات منها خسارة الزبائن المعتادين، والأصدقاء من أصحاب الورش الموجودة في كل سوق".

  ويتنقل الآن بكار بين قرية تل بطال وقرية غيطون التي يقيم فيها بريف حلب الشمالي، ويحقق أرباحاً جيدة من خلال تجارة القطع الجديدة منها والمستعملة المعروفة بالقطع الأوروبية، لكن يشكو ضعف الحركة التجارية في المنقطة في ظل ارتفاع الأسعار واكتفاء الناس بالأساسيات فقط.

ورشات صناعية متنوعة

تتنوع الورشات الصناعية والمحال التجارية في قرية تل بطال، إذ إنها تؤمن لمن يقصدها من أجل إصلاح آلية نقل أياً كان نوعها إمكانية الحصول على كامل احتياجاته، ولوازمه لإتمام عملية التصليح، وهو ما أكسبها حركة تجارية جيدة قد تختلف عن المناطق الأخرى.

ويوفر مركز تل بطال الصناعي، محال التصليح المتنوعة، ويمكننا تسميتها باقتران اسم المهنة مع المعلم بحسب التسميات الدائرة محلياً: (طورنجي، دوزنجي، كهربجي، مكنسيان، طرنبات سيارات، كومجي، بخاخ سيارات، لف وفرط محركات، حدادين، نجارين) إلى جانب العديد من المهن التي تندرج ضمن صيانة وتصليح السيارات بمختلف أحجامها.

وحول هذا الموضوع يؤكد أحد الزبائن المداومين على تصليح آلياتهم الزراعية المتنوعة في قرية تل بطال أن "التنوع الموجود في تل بطال جعلها وجهة جميع المزارعين وأصحاب السيارات وغيرها، لأن وجودك في منطقة توفر لك كامل احتياجك لتصليح الآلية أمر صعب وهنا يمكن اختصار الوقت".

 

فرص عمل جيدة

أتاحت قرية تل بطال لأصحاب المهن إمكانية مزاولة أعمالهم في مجتمع مليء بورشات التصليح التي تجمع بعضها مع بعض ضمن صيانة وإصلاح السيارات باعتبارها مكملة لبعضها الآخر، التي توفر حركة تجارية جيدة وتزيد دخل أصحاب الورشات، ذلك لأن المعلم صاحب الورشة بحاجة إلى علاقات جيدة مع كامل السوق للاستمرار في مزاولة مهنته.

يوسف حسن الموسى (40 عاماً) يعمل صواج سيارات منذ 30 عاماً، وهو من مدينة حلب، انتقل قبل عدة سنوات من استراد المساكن موقع مركزه السابق إلى قرية تل بطال، وافتتح ورشة تصويج للسيارات، ويقيم يوسف في بلدة البرج، ويحاول تحسين الوضع المعيشي لأسرته وتوفير كامل احتياجاتها في ظل الأوضاع المعيشية بحسب ما أوضح خلال حديثه لموقع "تلفزيون سوريا".

وقال: "الحركة التجارية في قرية تل بطال تتصف بالجيدة لأنها واقعة على خط نقل رئيسي بين الراعي والباب ويفصل ريف حلب الشرقي عن الشمالي، ولها العديد من الناس يرتادونها". وأضاف: "كانت الأجور قبل عام على الأقل بالليرة السورية لكن انهيارها المتواصل دفعنا إلى استخدام الليرة التركية والدولار أيضاً في الأجور والتعاملات النقدية".

من جانبه مصطفى محمد من مدينة حلب اتجه للعمل منذ أربع سنوات في قرية تل بطال بمهنة الطورنجي، التي ما زال يعمل بها منذ 20 عاماً على الأقل بحسب ما أكد لموقع "تلفزيون سوريا". كان يقيم محمد سابقاً في قرية دير حافر إلا أن الأوضاع الأمنية التي تعاقبت على المنطقة أجبرته على نقل ورشته إلى قرية تل بطال، لتوفر الحركة التجارية والصناعية فيها.

قال الرجل خلال حديثه لموقع "تلفزيون سوريا": إن عملي في الطورنو يوفر لي دخلا يوميا يعينني على تحمل نفقات أسرتي التي أقيم معها في منزل قريب من سوق تل بطال، لكن نخشى أن تتعرض المنطقة لأي تهديد قد يضعنا في وضع معيشي مزر لأننا نعيش على ما ننتجه يومياً من المال".

 

 

وأوضح أن "اجتماعهم في منطقة واحدة مع مجتمع كامل يهتم بتصليح وصيانة السيارات ساهم في زيادة عدد الزبائن لأن الذي يأتي إلى القرية لا يمكنه أن يخرج من دون الوصول إلى ضالته، التي تحسم له فترة الإصلاح بوقت قصير ومناسب".

فعلياً توفر قرية تل بطال بمركزها الصناعي فرص عمل للمئات من عمال المياومة الذين يحصلون على أجورهم بشكل يومي حيث لا تتجاوز يومية الأكثر حظاً منهم 40 ليرة تركية، وبعضهم يحصل على نسبة من العمل مع صاحب الورشة قد تصل إلى 15 % من أجور العمل اليومي.

 

مركز تجاري وصناعي حيوي

تعتبر قرية تل بطال بريف حلب الشمالي مركزا صناعيا ضخما يحتوي على عشرات المنشآت الصناعية والورش، لتصليح السيارات والناقلات ومحركاتها، وتبدو أجور التصليح جيدة تناسب المستوى المعيشي للأهالي لكن لا يخفى أن أسعار القطع مرتفعة ولا يمكنها التناسب مع مستوى الدخل.

ويتجه أصحاب السيارات ومحركات ضخ الماء وغيرها من الأليات إلى قرية تل بطال الواقعة على طريق الباب الراعي بريف حلب الشمالي لاحتوائها على محال عديدة للتصليح وبأسعار مقبولة جداً، تنافس المراكز الصناعية الأخرى الواقعة في اعزاز والباب.

قال طه إبراهيم لموقع تلفزيون سوريا: "إن تل بطال أصبحت أساس المناطق الصناعية بمعنى أن أصحاب الورشات الضخمة يفتتحون مراكزهم في تل بطال والفروع في مدينة اعزاز وغيرها من المدن بريف حلب الشمالي، ومعظم أصحاب الورشات في تل بطال هم ليسوا من أبناء القرية نفسها، لأن معظم أصحاب الورشات البالغ نسبته 65 % من مناطق عدة".

وأكد أن القرية استقطبت خبرات متنوعة من الشبان ومعلمي التصليح على الرغم من صعوبة جمعهم إلا أنهم باتوا الآن يمارسون مهنهم من دون أي تردد، في ظل الحاجة الملحة إلى الخبرات الفنية في صيانة السيارات وإصلاحها.

ويعمل طه إبراهيم 32 عاماً، في بيع قطع السيارات الجديدة والمستعملة الأوروبية، إلى جانب مهنته الأساسية مكنسيان سيارات، حيث كانت لديه ورشة في الحيدرية بمدينة حلب، ولديه أقارب يعملون في المهنة ذاتها في مدينة الباب.

وأضاف: "تواجهنا العديد من المشكلات من أبرزها تكاليف وصول قطع تبديل الخاصة بالسيارات التي تدخل ريف حلب من تركيا، وصعوبة تصريف البضاعة بسبب ضيق مساحة المنطقة، إلى جانب سعر صرف الليرة السورية الذي أرهق الناس، ومنعهم من إصلاح آلياتهم لأنه شيء من الرفاهيات في ظل انخفاض مستوى الدخل، وتردي الوضع المعيشي".

ويرى معظم الأهالي بريف حلب أن عملية إجراء تغييرات في المركبة التي لا تعيق سيرها أمر من الرفاهيات، حيث يسعى بعضهم إلى تخديم آلياتهم للمحافظة على استمراريتها في المسير وتأدية واجباتها التنقلية، التي يمكنها أن تساعدهم على تحقيق حاجياتهم.

نشاطات تنظيمية

من جهته رئيس غرفة التجارة والصناعة في المجلس المحلي لمدينة أخترين بريف حلب الشمالي أحمد الكدرو، وصف الحركة التجارية والصناعية في منطقة تل بطال بـ "الممتازة"، وقال الكدرو خلال حديثه لموقع "تلفزيون سوريا": "عملت غرفة التجارة والصناعة في المجلس المحلي لمدينة أخترين على إنشاء مكتب خدمي في منطقة تل بطال وإنارة الشوارع وإيصال الكهرباء إلى سوق البلدة، بالإضافة إلى تعيين مختار ينقل ما تحتاجه المنطقة وسكانها من متطلبات واحتياجات".

وأضاف: "حصل أصحاب الورشات على تراخيص لورشاتهم ومحالهم الصناعية وتم تنظيمها من خلال ترقيمها، ووضع سجلات خاصة بهم لدى المختار". وأكد أن "غرفة التجارة والصناعة تسعى إلى الحصول على سجل صناعي لحماية منشآتهم وتعمل الغرفة على اعتمادها منطقة صناعية بشكل رسمي لكونها تتصف بحركة تجارية متميزة".

ويعتبر النشاط التجاري الذي امتازت به قرية تل بطال جعل منها منطقة صناعية من دون تخطيط سابق، قد تحتاج المنطقة إلى بعض التنظيم والاهتمام من المجالس المحلية لجعلها أكثر تنظيماً للمساهمة في نجاحاها، لأنها أوجدت نفسها في السوق الصناعية المحلية وأسهمت في إتاحة الفرص لعشرات الشبان والعاملين في مختلف المجالات الفنية المتخصصة بإصلاح السيارات.