اتضح المرشحون الأساسيون للرئاسة وللتحالفات الرئيسية في تركيا بعد سنة كاملة وتحديدا في صفوف المعارضة، وكما توقعنا في مقال سابق رجحت الكفة في تحالف المعارضة لصالح كمال كليجدار أوغلو زعيم حزب الشعب الجمهوري والذي ضغط بكل قوته برغم كل الانتقادات والتحديات والمرشحين الآخرين لينجح في أن يكون مرشحا لتحالف المعارضة في انتخابات 14 مايو 2023، حيث وجد أن هذه هي فرصته الأخيرة وأنه هو صاحب الفضل في فوز أكرم إمام أوغلو برئاسة بلدية اسطنبول ومنصور يواش برئاسة بلدية أنقرة، وأنه صاحب الفضل أيضا بتكوين الطاولة السداسية للمعارضة التركية وزعيم أكبر حزب معارض في تركيا مما جعله يصمد أمام كل الضغوطات التي كانت تروج أنه مرشح لا يمكنه الفوز أمام أردوغان.
بعد اتفاق الطاولة السداسية كان على كليجدار أوغلو أن يجلس مع حزب الشعوب الديمقراطية ذي الأغلبية الكردية في تركيا، لأن موقف الحزب يحدد نظريا الفائز بين التحالفين الأساسيين لأن التقديرات تشير حاليا إلى أن التحالفين الرئيسييين كلاهما عند 44 إلى 46% وبالتالي فإن حزب الشعوب الذي يملك على الأقل 10% من الناخبين وفق النتائج السابقة قد يكون له دور في الحسم إذا أقنع ناخبيه بالتوجه لصندوق الانتخابات.
لم يدعُ حزب الشعوب للتصويت لكليجدار أوغلو مباشرة بل قالوا شعبنا يعرف من هو المرشح الديمقراطي وذلك لعدم تعريض كليجدار أوغلو للإحراج
بالفعل بعد لقاء كليجدار أوغلو بحزب الشعوب الديمقراطية الكردي، أعلن الحزب أنه لن يعلن مرشحا خاصا به للرئاسة مما يعني دعم كليجدار أوغلو ولكن الحزب في نظر الأتراك لديه اتصال وعلاقة مع حزب العمال الكردستاني، وبالتالي قد تتضرر صورة كليجدار أوغلو أمام الناخب التركي، ولذلك لم يدعُ حزب الشعوب للتصويت لكليجدار أوغلو مباشرة بل قالوا شعبنا يعرف من هو المرشح الديمقراطي وذلك لعدم تعريض كليجدار أوغلو للإحراج.
لم تستطع الطاولة السداسية خلال أكثر من عام أن تسمح بجلوس حزب الشعوب الديمقراطية على الطاولة لأسباب تتعلق باتهام الحزب من جزء الشارع التركي بدعم الإرهاب، وعليه كان الحزب الجيد خصوصا يرفض حضور حزب الشعوب ولكن بعد اختيار كليجدار أوغلو مرشحا بدا أن قيادة الحزب الجيد في وضع مريح بحيث إنها لم تجلس مع حزب الشعوب على طاولة واحدة وإن الذي يجلس هو كليجدار أوغلو ولكن هل ستمر هذه الطريقة على ناخبي الحزب الجيد.
هنا يمكن الوقوف على نقطتين مفصليتين في الانتخابات وهما قناعة الناخب المؤيد لحزب الشعوب الكردي وقناعة الناخب المؤيد للحزب الجيد القومي التركي، حيث إن الناخب يرى ويتابع ما يجري فالناخب الكردي عرف عنه أنه يفضل انتخاب مرشح كردي ليمثله فهل سيكون خيار كليجدار أوغلو كافيا لإقناعه للذهاب للتصويت له.
ميرال أكشينار رئيسة الحزب الجيد كانت قد رفضت ترشح كليجدار أوغلو لفترة طويلة فهل تنعكس هذه التطورات مع الحزب الجيد وقناعات أكشينار السابقة حول ضعف شخصية كليجدار أوغلو
أما الأمر الآخر فهو الناخب المؤيد للحزب الجيد هل يعتبر تعاون كليجدار أوغلو مع حزب الشعوب الديمقراطية الكردي تكتيكا اضطراريا للفوز وبالتالي يصوت له أم يعتبره انتهاكا لقواعد التوجه القومي الذي ينتمي إليه فلا يعطي صوته له، ومن المعلوم أن ميرال أكشينار رئيسة الحزب الجيد كانت قد رفضت ترشح كليجدار أوغلو لفترة طويلة فهل تنعكس هذه التطورات مع الحزب الجيد وقناعات أكشينار السابقة حول ضعف شخصية كليجدار أوغلو أمام أردوغان على ناخب الحزب الجيد.
لا شيء أصدق من نتائج صندوق الانتخابات في الإشارة لمدى انطباق إجابات هذه الأسئلة ولكن التحليل الأولي يشير إلى أنها ستكون حاضرة وستشهد عقول كثير من الناخبين حالة صراع بين الخيارات ولهذا من المرجح أن نشهد تركيزا من الرئيس أردوغان وتحالفه على إجابات مباشرة وقوية تقدم للناخب ليحسم أمره لصالحهم. وهذا ما قد نراه في الأيام المقبلة.