يسعى مخرج سوري شاب عبر أفلامه لنقل "الصورة الحقيقية" لما حصل ويحصل في وطنه الأم للشعب الهولندي، ولا سيما معاناة الشباب الذين هربوا من وطنهم إلى القارة العجوز خوفاً من نظام الأسد.
ولاقى "العودة" أول فيلم قصير يخرجه الشاب السوري يزن ربيع اهتماماً واسعاً من قبل وسائل الإعلام الهولندية خصوصاً أنه تناول من خلاله "الكوابيس" التي لا زالت تلاحق اللاجئين السوريين في هولندا ودول اللجوء الأخرى خوفاً من العودة لـ "حضن الوطن" !.
كيف يصنع النظام السوري الوحوش؟
ووصل يزن (28 عاماً) إلى هولندا في شهر كانون الأول عام 2016 ويقول الشاب السوري لموقع تلفزيون سوريا "غادرت سوريا في شهر آب عام 2014 بسبب شحّ موارد الحياة وخوفاً من اعتقال قوات النظام لي رغم أنني لم أكن مطلوباً آنذاك ولكنني كنت أعيش في حلب في القسم التابع للنظام حيث الحرية المطلقة لجنود النظام وعناصر الأمن باتخاذ قرارات باعتقال المدنيين أو استجوابهم على الحواجز لساعات".
وأضاف يزن الذي ينحدر من محافظة حلب "لم أعد أشعر بالأمان خلال فترة دراستي في حلب إلى أن خرجت من سوريا إلى تركيا"، وتابع "كنت أشعر كالعديد من السوريين الآخرين بالخوف من النظام لا سيما خلال سنوات الثورة".
وقبل خروجه من سوريا إلى تركيا في عام 2014 كان يزن يدرس في كلية "الهندسة المدنية" قسم الهندسة المائية لكنه لم يكمل دراسته.
وبعد وصوله إلى هولندا اختار يزن أن يدرس في أكاديمية "سينت يوست" للفنون - قسم الأفلام، ويقول "درست فيها لمدة أربع سنوات وتخرجت مع فيلمي القصير (مئات آلاف الكرات لبضعة لاعبين) أو بالإنجليزي Beyond the Sun".
ويضيف "تناولت في الفيلم صناعة الوحوش في المعتقلات السورية، وكيفية تحويل العسكري الذي يلتحق بالمعتقلات السورية ليؤدي خدمته الإلزامية تدريجياً من شخص مسالم إلى وحش يعمل لدى النظام".
فكرة فيلم نشأت من "الكوابيس"
وعن فيلمه "العودة" الذي لاقى اهتماماً من عدة وسائل إعلام هولندية ومن أين أتت فكرته يقول يزن "راودني لفترة طويلة كابوس مزعج منذ أن غادرت سوريا وهو: أنني أرى نفسي عائداً إلى سوريا هارباً من مظاهرة أو ليس بحوزتي دفتر الخدمة الإلزامية.. وأرى نفسي دائماً وأنا أركض وأنا خائف.. كنت أظن أنني الوحيد الذي يراوده هذا الكابوس إلى أن قرأت قبل عامين منشوراً على فيس بوك لأحد الأصدقاء واصفاً الكابوس ذاته".
وأضاف "بدأت حينها بسؤال أصدقائي ومعارفي عن الكابوس لأكتشفَ أن معظم من سألتهم لديهم هذا الكابوس بشكلٍ أو بآخر.. حينها ولدت فكرة فيلم العودة".
و"بدأت أبحث في الفيلم عن أسباب الكابوس وكيف أن الكثير من السوريين يتشاركون الكابوس ذاته؟ أسئلة طرحتها في الفيلم بالاستعانة بالمواد الأرشيفية وبعض المواد التي صورتها هنا في هولندا"، يقول المخرج الشاب.
دعم معنوي ومادي
وفيما إذا كان قد تلقى دعماً هولندياً في إنتاج فيلمه يقول يزن "تلقيت دعماً مادياً ومعنوياً.. في البداية قمتُ وفريق الإنتاج بإطلاق حملة لجمع التبرعات، وخلال أسبوعين تم جمعها.. ثم تلقيت دعماً مادياً من منظمتين لإكمال المشروع".
وأضاف "حتى الصحف المحلية قامت بدعم الفيلم قبل وبعد انتهاء الفيلم.. وتم عرض الفيلم الأول في مهرجان هولندا السينمائي لعام 2022".
وعن رسالته من الفيلم يقول المخرج السوري "منذ العام 2021 بدأت بعض الدول، مثل الدنمارك، بالحديث عن أن سوريا باتت بلداً آمناً وأن على اللاجئين العودة إلى سوريا.. بالفعل بدأوا بإعادة اللاجئين، ثم بدأت دول أخرى بالقيام بنفس الأمر، الأمر الذي أشعرني بالإحباط والخوف: كيف يعتبرون سوريا آمنة والمُتسبب بحمامات الدماء لا يزال في سوريا وهو النظام السوري؟ لماذا تقوم هذه الدول بالتطبيع مع النظام الذي شرد الملايين وقتل نصف المليون؟".
وأضاف "فيلمي العودة هو تذكير بأن الناس لم تهاجر من سوريا فقط بسبب الصواريخ والدبابات، وإنما بسبب الإرهاب النفسي الذي خلفه النظام لدى الشعب السوري".
ويتابع يزن "في الفيلم لم أتطرق فقط إلى إرهاب نظام بشار الأسد، وإنما عرضت غيضا من فيض الإرهاب النفسي الذي خلفه والده حافظ".
ويصف ربيع انطباع الهولنديين الذين شاهدوا الفيلم بـ"الإيجابي" ويقول إن "كثيرا من الهولنديين لا يعرفون ما حصل في سوريا، ومن خلال الفيلم أردت أن أروي البعض مما حدث خلال فيلم قصير.. كما ذكرت مسبقاً أن العديد من الصحف نشرت مقابلات معي عن فيلميّ وهذا شيء إيجابي للمساعدة في توضيح حقيقية ما حدث ويحدث في سوريا للمجتمع الهولندي".
ويقول يزن إن فيلمه "سيشارك في عدة مهرجانات سينمائية وبعد ذلك سنسعى لعرضه عبر قنوات التلفزيون ومنصات الأونلاين".
وفيما إذا كان لديه مشاريع مستقبلية، يقول يزن "لدي عدة مشاريع للمستقبل (..) بدأت مؤخراً بكتابة فيلم قصير عن الحب والموت وقدمته لشركة إنتاج هولندية عسى أن يتم دعمه مادياً".