حذّرت حركة "حماس"، يوم السبت، من وقوع مجزرة في رفح التي باتت الملاذ الأخير لأكثر من مليون نازح فلسطيني في جنوبي قطاع غزة، مع مواصلة الاحتلال الإسرائيلي قصفها الكثيف وإصدار رئيس وزرائه توجيهات بإعداد "خطّة لإجلاء" المدنيين من المدينة، ما أثار خشية دولية من هجوم بري محتمل.
وشنّت طائرات الاحتلال غارات على محيط رفح، حيث يحتشد نحو 1.3 مليون فلسطيني، أي أكثر من نصف سكان غزة، غالبيتهم نازحون هربوا من القصف الإسرائيلي على شمالي القطاع ووسطه.
وأفادت وزارة الصحة في حكومة حماس بسقوط 110 قتلى السبت، بينهم 25 قتلوا في ضربات في رفح، مشيرة إلى معارك عنيفة دارت في مستشفى ناصر في خان يونس.
وأكّدت الوزارة مقتل شخص في هذا المستشفى، حيث لا يزال يوجد 300 من أفراد الطاقم الطبي و450 جريحا، إضافة الى زهاء عشرة آلاف نازح.
نتنياهو يزعم إعداد خطة إجلاء من رفح
وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أنه أمر جيش الاحتلال بإعداد "خطّة لإجلاء" المدنيّين منها، وسط خشية دولية متزايدة من هجوم محتمل على المدينة الواقعة على الحدود مع مصر.
وأفاد مكتبه بأنّه طلب من الجيش "تقديم خطّة لإجلاء السكّان والقضاء على كتائب" حماس في المدينة، وأضاف: "يَستحيل تحقيق هدف الحرب دون القضاء على حماس. من الواضح أنّ أيّ نشاط (عسكري) كثيف في رفح يتطلّب أن يُخلي المدنيّون مناطق القتال".
حماس تحذّر من مجزرة
وحذّرت حماس في بيان، يوم السبت، من "كارثة" في رفح بحال شنّت إسرائيل عملية برية.
وقالت: "نحذر من كارثة ومجزرة عالمية قد تُخلِّف عشرات آلاف الشهداء والجرحى في حال اجتياح محافظة رفح (..) نحمّل الإدارة الأميركية والمجتمع الدولي والاحتلال المسؤولية الكاملة".
وحذر مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبّي جوزيب بوريل من هجوم محتمل للجيش الإسرائيلي في رفح قال إنه سيكون بمنزلة "كارثة إنسانية لا توصف".
وباتت رفح محور الترقّب بشأن المرحلة المقبلة مع دخول الحرب شهرها الخامس. وهي تستضيف الغالبية العظمى من النازحين الذين يقيم معظمهم في خيم عشوائية في مختلف أنحاء المدينة، وسط ظروف إنسانية صعبة وشحّ في المساعدات.
ونقلت وكالة "فرانس برس" عن نازح يدعى عادل الحاج قوله: "إذا اجتاح (الجيش الإسرائيلي) رفح، كما قال نتنياهو، ستحدث مجازر، ويمكن لنا وقتئذٍ أن نودّع البشريّة جمعاء".
ورغم بقائها في منأى عن العمليات العسكرية المباشرة، لم تسلم رفح من القصف الإسرائيلي الذي أدى الجمعة إلى تدمير مبانٍ عدة.
وأظهر فيديو لفرانس برس فلسطينيين يبحثون عن أقارب لهم في مستشفى النجار في رفح. وظهرت امرأة تنتحب قرب إحدى الجثث.
الخارجية السعودية تطالب بجلسة عاجلة لمجلس الأمن
من جانبها حذّرت الخارجية السعودية في بيان السبت "من التداعيات بالغة الخطورة لاقتحام واستهداف مدينة رفح في قطاع غزة، وهي الملاذ الأخير لمئات الألوف من المدنيين الذين أجبرهم العدوان الوحشي الإسرائيلي على النزوح".
واعتبرت أن "هذا الإمعان في انتهاك القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي يؤكد ضرورة انعقاد مجلس الأمن الدولي عاجلا لمنع إسرائيل من التسبب بكارثة إنسانية وشيكة يتحمل مسؤوليتها كل من يدعم العدوان".
وكانت الأمم المتحدة وكذلك الولايات المتحدة، الحليف الرئيسي لإسرائيل، قد أعربتا عن مخاوفهما من عملية رفح.
وحذّرت الخارجيّة الأميركيّة هذا الأسبوع من أنّ "تنفيذ عمليّة مماثلة الآن (في رفح)، بلا تخطيط وبقليل من التفكير، في منطقة يسكنها مليون شخص، سيكون كارثة".
وفي انتقاد ضمنيّ نادر لإسرائيل، قال الرئيس الأميركي جو بايدن هذا الأسبوع إنّ "الردّ في غزّة... مُفرط"، مبيناً أنّه بذل جهوداً منذ بدء الحرب لتخفيف وطأتها على المدنيّين.
بدوره، شدد وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه على أنه وإن كانت "صدمة الإسرائيليين حقيقية" بعد 7 تشرين الأول، فإن "الوضع في غزة غير مبرر".
أما وزير الخارجية البريطاني ديفيد كامرون، فقال عبر منصة إكس: "نشعر بقلق عميق إزاء احتمال شن هجوم عسكري على رفح حيث يلجأ أكثر من نصف سكان غزة إلى المنطقة. يجب أن تكون الأولوية للوقف الفوري للقتال من أجل إدخال المساعدات وإخراج الرهائن، ثم التقدم نحو وقف دائم ومستدام للنار".
ومنذ 7 تشرين الأول الماضي، تشن إسرائيل حرباً مدمرة على قطاع غزة، خلّفت عشرات آلاف الضحايا المدنيين معظمهم أطفال ونساء، فضلا عن كارثة إنسانية غير مسبوقة ودمار هائل بالبنية التحتية، الأمر الذي أدى إلى مثول تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية لمحاكمتها بتهمة "الإبادة الجماعية"، لأول مرة في تاريخها.