تخلف عمليات "تنظيف الجسم عبر التخلص من السموم" وحميات الديتوكس آثاراً دائمة في حالات نادرة، أي أنها قد تضعف صحة المرء مقارنة بوضعه الصحي قبل البدء بها، إلا أن البحث عن أساليب سريعة للحفاظ على الصحة قد يبدو أمراً جذاباً، حتى ولو لم تحقق تلك الأساليب الأهداف المرجوة منها.
تختلف عمليات التنظيف عبر تخليص الجسم من السموم بشكل كبير، إذ تشمل بعض الأنواع التي يتم الترويج لها ما يلي:
- الاستعانة بالأعشاب والتوابل
- شرب الماء وغيره من السوائل
- إنقاص الحريرات
- الاعتماد على الحمامات البخارية (الساونا)
- استخدام مكملات معينة مخصصة للحمية
- تناول أطعمة معينة فقط
- الحد من التعرض لأمور بيئية معينة
من السهل العثور على خطط وبرامج للتخلص من السموم (الديتوكس) كونها متوفرة بشكل تجاري عبر الشابكة، حيث يتحدث من وضعوا تلك البرامج عن آليتها وطريقة عملها عندما يعتمدها المرء، ولكنهم نادراً ما يتطرقون للحديث عن أنواع السموم التي تزيلها تلك الحميات أو الطريقة التي تعمل بها تلك الحمية بصورة مفصلة.
كما لا يورد هؤلاء أية أدلة واقعية تثبت مدى نجاح تلك البرامج، وقد يعود أحد أسباب ذلك إلى محدودية الدراسات التي أجريت حول عمليات التخلص من السموم (ديتوكس) أو رداءة معظمها.
آلية التخلص من السموم موجودة في جسمك بشكل فطري
ترى مارغريت ماكلنتوش وهي متخصصة بالعلاج عبر الوخز بالإبر وطبيبة متخصصة بالطب الصيني التقليدي في كندا بأن أغلب تلك التحولات الغذائية القاسية تضر الجسم أكثر من أن تفيده، ولهذا تخبرنا بأنها تفضل: "حمية وأسلوب حياة صحيين، بما أنهما يعتمدان على تناول جميع الأطعمة"، وأشارت إلى أن جسم الإنسان مفطور على القيام بعمليات للتخلص من السموم الموجودة فيه.
في الحقيقة، هناك أربعة نظم مختلفة داخل جسم الإنسان تعمل على التخلص من أي مادة قد تسبب أي ضرر، وهي:
- الكليتان: إذ تنقيان الدم وتطرحان السموم في البول
- الكبد: يقوم بمعالجة المواد المغذية وتعديل السموم لتسهيل طرحها عبر الكليتين
- الرئتان: تساعدان على التخلص من المواد السامة التي يحملها الهواء
- القولون: يساعد في التخلص من الفضلات والسموم عبر حركة الأمعاء.
لذا، فإن أفضل السبل لدعم تلك الأعضاء التي تقوم بتخليص الجسم من سمومه ومساعدتها على القيام بتلك العمليات على أكمل وجه، تشمل ما يلي:
- اتباع حمية غنية بالعناصر الغذائية تشمل الألياف والخضار والفواكه ومصادر البروتين الخالية من الدهون
- القيام بتمارين رياضية متوسطة الشدة لمدة 150 دقيقة في الأسبوع وسطياً
- أخذ قسط كاف من الراحة
- الإقلاع عن التدخين
- الامتناع عن شرب الكحوليات أو التقليل من تناولها
- شرب كمية كافية من الماء للاحتفاظ برطوبة الجسم
التخلص من السموم بالماء:
أضرار شرب كميات كبيرة من الماء
يرى توري تيدرو وهو متخصص تغذية منزلية يعمل لصالح تطبيق الغذاء الصحي SugarChecked بأن شرب الماء بكميات كبيرة يمكن أن يتسبب بإنقاص الصوديوم في الدم، وذلك لأن تراجع نسبة الصوديوم في الدم تؤدي إلى انتفاخ في خلايا الجسم، وقد ينجم عن ذلك أعراض منها:
- غثيان
- إقياء
- صداع
- تشوش
- إعياء
- تشنج العضلات
- نوبات صرع
- غيبوبة
وتختلف شدة تلك الأعراض، لكنها سرعان ما تتحول إلى خطر يهدد حياة الإنسان ولهذا لابد من التدخل الطبي عند حدوث أي منها.
ثمة أدلة تثبت بأن شرب الماء بكميات مفرطة مع الحد من تناول الحريرات يمكن أن يتسبب بحدوث خلل في نسبة الشوارد.
التخلص من السموم بالصيام:
هل الصيام هو الحل؟
في الوقت الذي يحذر فيه أغلب الخبراء من عمليات تنظيف الجسم التي تشتمل على حمية قائمة على العصائر أو الملينات فقط، يقترح آخرون طريقة لتناول الطعام تقوم بتحفيز عملية الالتهام الذاتي، إذ ترى جين ستيفنز مؤلفة كتاب: (أجّل ولا تُنكر: اتباع أسلوب حياة يقوم على الصيام المتقطع): "إن الصيام يعمل على تحفيز عملية الالتهام الذاتي"، ولهذا تعتمد الكثير من عمليات تنظيف الجسم على الصيام المتقطع الذي يركز على إنقاص الحريرات والمكملات الغذائية.
وبخلاف أشكال عمليات التخلص من السموم الأخرى، ثمة أدلة تشير إلى أنه بوسع الصيام المتقطع أن يحقق بعض الفوائد التي تشمل إنقاص الوزن، وهنالك بعض الأدلة التي تثبت بأن طريقة الحمية هذه تساعد في تدريب الجسم على الاستعانة بالكيتونات الموجودة في الدهون من أجل توليد الطاقة بدلاً من الغلوكوز، وهذا التغيير يمكن أن يحفز على خسارة الدهون.
في حين تشير أدلة أخرى، مثل المراجعة التي أجريت في عام 2017 لأساليب مختلفة من الحمية، بأن ذلك يمكن أن يؤدي إلى إنقاص الوزن في البداية، إلا أنه من غير المرجح لتلك الفوائد أن تدوم لفترة طويلة، وذلك لأن المرء سيسترجع ما خسره من الوزن بمجرد أن يعود لممارسة عاداته الغذائية المعهودة التي تكسر القيود المفروضة على نسبة الحريرات التي تم الالتزام بها ضمن عملية الديتوكس أو التخلص من السموم.
إلا أن هذه الطريقة قد لا تكون مفيدة لكل الناس، ولهذا عليك أن تسأل طبيبك عن أهداف إدارة الوزن لديك حتى تعرف إن كان الصيام المتقطع سيساعدك في تحقيق تلك الأهداف أم لا.
التشكيك بصحة تلك العمليات له ما يبرره
ترى الدكتورة إيرين ستاير المتخصصة بالصحة العامة وهي مستشارة صحية ومؤلفة كتاب (الغذاء والمزاج) بأن معظم الناس لا يعرفون ما هو السم، ناهيك عن جهلهم بالأنواع التي يحاولون التخلص منها وطرحها من أجسامهم، ولهذا يبدأ كثيرون بعمليات تنظيف الجسم عبر استخدام منتجات تحتوي على ملينات أو عبر الامتناع عن تناول الحريرات، وذلك لأن كلمة "ديتوكسين" تبدو جذابة أكثر من عبارة: "التخلص من الفضلات".
لكن بعض المرضى الذين عاشوا تجربة خسارة الوزن في البدايات عند اللجوء إلى تلك الحلول قصيرة الأمد أصبح لديهم دافع قوي للجوء إلى خيارات صحية بصورة أكبر حتى بعد انتهاء حمية الديتوكس أو تنظيف الجسم، إلا أن تلك النتائج لم تكن مثالية، بحسب ما ورد في المراجعة التي أجريت في عام 2017 لأربعة خيارات من الحمية المخصصة لإنقاص الوزن، حيث ذكر الباحثون بأن عمليات الديتوكس وتحويل الفضلات لسوائل يمكن أن تتسبب في إنقاص الوزن في البدايات، إلا أنه من المرجح لمن خضع لتلك العمليات أن يعود لكسب الوزن الذي خسره بمجرد أن تنتهي عملية التخلص من سموم الجسم.
ولهذا يعتقد الخبراء أنه من الأفضل الابتعاد عن السموم المعروفة، مثل التبغ والكحول، مع الالتزام بحمية متوازنة ونشاط دوري، كما ينصحون بالحصول على قدر كاف من النوم، مع شرب كميات كافية من الماء.
وبتلك الطريقة بوسعك أن تدعم نظم التخلص من السموم الموجودة في جسمك بدلاً من الاعتماد على حمية قاسية قد تتسبب بضرر لفترة قصيرة أكثر من الفوائد التي تستمر مع المرء على مر الزمان.
كيف تؤثر حمية الديتوكس في الصحة العقلية؟
يمكن أن تؤثر الأغذية التي نتناولها في صحتنا العقلية، إذ بحسب ما أعلنته الجمعية النفسية الأميركية، فإن هنالك الكثير من الأبحاث التي تشير إلى أن الغذاء يلعب دوراً مهماً بالنسبة للصحة العقلية.
ففي دراسة نشرت عام 2020 حول الطريقة التي تؤثر بها الحمية التي يتبعها المرء على مزاجه، اكتشف الباحثون أدلة تثبت بأنه يمكن للأساليب المختلفة لتناول الطعام أن تؤثر في مزاج الإنسان، وذكروا حمية البحر المتوسط التي تدعم الصحة النفسية بصورة أكبر من أي حمية غربية معروفة تعتمد على أطعمة مصنعة بنسبة كبيرة.
كما أعلن الباحثون أن هنالك أطعمة معينة بوسعها أن تؤثر في نسبة السكر في الدم، وعلى بكتيريا الأمعاء، وعلى الاستجابة المناعية، وكل تلك الأمور لها تأثير على مزاج الإنسان. ولكن لابد من إجراء المزيد من الأبحاث لمعرفة الطريقة التي يمكن من خلالها للتغييرات في الحمية أن تؤثر في الصحة العقلية.
الخلاصة
لا تعتبر برامج وحميات الديتوكس ضرورية لإزالة السموم من الجسم، وذلك لأن جسم الإنسان يحتوي على أعضاء ونظم تعمل على إزالة المواد الضارة وغير الضرورية من الجسم.
ولهذا من الأفضل التركيز على اتباع نمط حياة صحي، يشتمل على حمية متنوعة، وممارسة التمارين الرياضية بشكل منتظم، والامتناع عن التدخين والكحوليات.
في حال كان الهدف هو إنقاص الوزن، عندها يمكن لبعض حميات الديتوكس أن تعزز عملية إنقاص الوزن في البدايات، ولكن من المحتمل العودة لاكتساب الوزن بمجرد توقف المرء عن الالتزام بعملية التخلص من السموم، وذلك في حال عدم وجود استراتيجيات وخطط طويلة المدى للاحتفاظ بخسارة الوزن تلك.
ولهذا يجب عليك مراجعة طبيبك والتعامل مع متخصص في التغذية أو الحمية لتحديد أفضل خطة لاتباع حمية بحسب احتياجاتك.
المصدر: هيلثلاين