قضت أعلى محكمة في فرنسا يوم أمس الجمعة بإمكانية محاكمة أي مواطن أجنبي في المحاكم الفرنسية على جرائم ضد الإنسانية أو جرائم حرب ارتكبت في الخارج ضد ضحايا أجانب، بشرط أن يكون المتهم مقيماً على الأراضي الفرنسية، وبذلك يواصل القضاء الفرنسي التحقيق في قضيتي الناطق الرسمي السابق باسم "جيش الإسلام" مجدي نعمة المعروف باسم "إسلام علوش" والعنصر المنشق عن جهاز أمن الدولة لدى النظام السوري عبد الحميد شعبان.
وسبق أن تقدم محاميا الدفاع عن نعمة وشعبان طعوناً بعدم أحقية فرنسا على محاكمتهم بموجب “الولاية القضائية العالمية”، بناء على أن سوريا لا تصادق على نظام روما الأساسي، وهي المعاهدة التأسيسية للمحكمة الجنائية الدولية التي تحدد جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
وبناء على قرار محكمة النقض فإنه يحق لفرنسا مواصلة التحقيق مع نعمة وشعبان بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وفي مطلع العام الجاري نددت عائلة مجدي نعمة بالظروف اللاإنسانية لاعتقال ابنهم في السجون الفرنسية منذ نحو ثلاثة أعوام، من دون تقديمه إلى محاكمة عادلة، مشيرة إلى أن الممارسات التي يتعرض لها ابنهم تعيد إلى الأذهان فضيحة سجن أبو غريب.
وقالت المحكمة في بيان إن شرط التجريم المزدوج الذي يقتضيه القانون الفرنسي يُستوفى بمجرد أن يعاقب التشريع الأجنبي الأفعال المرتكبة من قبل المُتهم أو المشتبه به.
وأشار بيان المحكمة أن محاميا الدفاع عن "نعمة" و"شعبان" قدّما طعوناً مرتبطة بعدم استيفاء شروط إجراء محاكمات بموجب “الولاية القضائية العالمية” ما يعني أن محاكمتهما ليست من اختصاص القضاء الفرنسي، في حين اعتبرت المحكمة أن شرط الإقامة المعتادة للمشتبه به يتحقق بمجرد وجود اتصال كافٍ بين فرنسا والمشتبه به الذي يرغب في الإقامة بفرنسا.
ويعتبر حكم محكمة النقض مهماً بالنسبة لـ 160 قضية تم رفعها إلى دائرة الجرائم ضد الإنسانية في محكمة باريس والتي تتعامل مع قضايا من 30 منطقة جغرافية بما في ذلك روسيا وأوكرانيا.
ترحيب واسع
من جانبها رحّبت المبعوثة الفرنسية إلى سوريا بريجيت كورمي بقرار المحكمة، معتبرة أنه "قرار مهم جداً".
وقالت في تغريدة عبر حسابها في تويتر: "قرار مهم جداً لمحكمة النقض والذي يعترف بالاختصاص العالمي للعدالة الفرنسية فيما يتعلق بالجرائم المرتكبة في سوريا (..) أكثر من أي وقت مضى، يجب أن يستمر الكفاح ضد الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة في سوريا".
بدوره اعتبر مدير "المركز السوري للإعلام وحرية التعبير" (أحد المراكز الحقوقية التي تنسق استدعاء الشهود ضد نعمة) مازن درويش أن "هذه القرارات توفر أملاً كبيراً للضحايا السوريين ولضحايا الجرائم الدولية بشكل عام، الذين لجؤوا إلى العدالة الفرنسية لأنهم لم يتمكنوا من رفع قضاياهم أمام محاكمهم الوطنية".
وأضاف، وفق بيان نشره المركز: "كان من الملفت للانتباه أن المشتبه بهما استخدما نفس الادعاءات عند الطعن باختصاص المحاكم الفرنسية بالتهم الموجهة لهما، وذلك على الرغم من أنهما كانا منتميين لجهتين من المفترض أنهما كانتا على طرفي نقيض، وهما جهاز أمن الدولة وجيش الإسلام".
من هو مجدي نعمة؟
شغل مجدي نعمة سابقاً منصب الناطق الرسمي باسم "جيش الإسلام"، وخرج من الغوطة الشرقية إلى الشمال السوري وتركيا عام 2013، وبقي بمنصبه إلى حين تقديم استقالته في حزيران من عام 2017، وعاش في تركيا لإكمال دراسته الجامعية في فرع العلوم السياسية والعلاقات الدولية، ومنها سافر إلى فرنسا.
واعتقلت السلطات الفرنسية نعمة بمدينة مرسيليا في الـ 29 من كانون الثاني عام 2020، بعد ثلاثة أيام من شكوى رفعها بحقه المركز السوري للإعلام وحرية التعبير والفدرالية الدولية لحقوق الإنسان والرابطة الفرنسية لحقوق الإنسان، إلى قسم الجرائم ضد الإنسانية في النيابة الوطنية لمكافحة الإرهاب في فرنسا.
أما شعبان فهو عنصر سابق في فرع "أمن الدولة "التابع للنظام السوري، يبلغ من العمر 33 عاماً، اعتقل في أحد ضواحي العاصمة الفرنسية باريس في شباط 2019، ووجّهت إليه تهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية من قبل المدعي الخاص في باريس.