طالب مجلس الدولة الهولندي وزارة العدل والأمن بـ"إعادة النظر" في قضايا طالبي اللجوء السوريين الذين يحملون "إقامات يونانية"، رافضاً ترحيلهم إلى اليونان.
وقال مجلس الدولة إنّه يجب على وزارة الدولة لشؤون العدل والأمن أن تشرح بشكل أفضل "لماذا يجب إعادة المواطنين الأجانب إلى اليونان التي أعطتهم تصريح إقامة يحملونها ، عندما يتقدمون بطلب للحصول على اللجوء في هولندا؟".
وأضاف أنّ أوضاع طالبي اللجوء في اليونان "غير إنسانية" وبالتالي "لا تجب إعادتهم إلى ذلك البلد".
قضية اثنين من طالبي اللجوء السوريين في هولندا
يأتي ذلك، عقب إصدار أعلى محكمة إدارية تابعة لـ مجلس الدولة في هولندا، الشهر الفائت، حكماً في قضية اثنين من طالبي اللجوء السوريين حصلا على إقامة يونانية بعد فرارهم من سوريا، أوائل عام 2020.
وقالت المحكمة إنّ اللاجئين السورين الحاصلين على إقامة يونانية يمكنهم الإقامة بشكل قانوني في اليونان، لكّن وضعهم سيئ هناك، مردفةً "لا يوجد عمل ونادراً ما تُقدّم لهم دورات اللغة، فضلاً عن أنّ السكن يكون مؤقتاً في حال كان متاحاً".
وحسب صحيفة "دا فولكس كرانت" الهولندية، فإنّ قرابة 30 ألف طالب لجوء حصلوا على تصاريح إقامة من اليونان، عام 2020، ولكنّهم يعيشون في الشوارع هناك، ما يدفع الكثير منهم إلى البحث عن ملاذ آمن في مكانٍ آخر.
هولندا ترفض استقبال لاجئين لديهم إقامات في دولة عضو بالاتحاد الأوروبي
ومن خلال تصاريح الإقامة في اليونان يمكن للاجئين السفر بشكل قانوني إلى دول الاتحاد الأوروبي، ثم تقديم طلب لجوء جديد في تلك الدول، إلّا أنّ الحكومة الهولندية ترفض هذه الطلبات، لأن هولندا لا يتعين عليها استقبال اللاجئين الذين لديهم تراخيص إقامة في دولة عضو بالاتحاد الأوروبي.
لكن هذا لم يعد صالحاً كما يقول مجلس الدولة الهولندي في حكمه الأخير بقضية اللاجئين السوريين، حيث لا يمكن العودة بشكل أو بآخر إلّا إذا ضمنت الدولة المستقبلة حقوق الإنسان لـ طالب اللجوء، وفي حالة اليونان، لم يعد ذلك مؤكداً.
وخلصت المحكمة الإدارية على أساس المعلومات الحالية بشأن وضع الاستقبال في اليونان، أنّه ومن الناحية العملية غالباً ما تكون اليونان غير قادرة على تأمين وضع إنساني جيد للاجئين، حيث لا يمكنها توفير الاحتياجات الأساسية لهم مثل المأوى والطعام.
وكان مجلس الدولة الهولندي قد أقرّ، في أيار 2018، بأنّ الوضع في اليونان صعب على اللاجئين، لذلك لا يمكنهم العودة إلى ذلك البلد، ووفقاً لهذا القرار يجب على وزيرة الدولة لشؤون العدل والأمن أنكي بروكرزنول، أن تبتّ مجدّداً في طلبات لجوء اثنين من السوريين، ويجب عليها إمّا أن تشرح بشكل أفضل سبب عودتهم إلى اليونان أو أن تعيد النظر والتعامل مع طلبات اللجوء الخاصة بهم بـ"شكل موضوعي".
كذلك يجب على "بروكرز" - وفق صحيفة "دا فولكس كرانت" الهولندية - أن تثبت بشكل أفضل أن حقوق الإنسان للاجئين السوريين في اليونان "لن تنتهك".
فرصة للحصول على الإقامة
لدى اللاجئين السوريَين اللذين تناول "مجلس الدولة" قضيتهما فرصة للحصول على "إقامة" في هولندا، لأنّ سوريا بالنسبة للاتحاد الأوروبي - باستثناء الدنمارك - تعدّ دولة "غير آمنة"، والحكومة الهولندية لا تعمل حالياً على ترحيل طالبي اللجوء السوريين.
وسابقاً أعربت ألمانيا وهولندا عن قلقهما من سوء الأوضاع للاجئين في مخيمات اليونان، كما طالبت العديد من المنظمات الهولندية بجلب الأطفال من المخيمات اليونانية، لا سيما "مخيم موريا" الذي وقع فيه حريق أتى على معظم خيمه.
وبصفة اليونان بوابة الاتحاد الأوروبي - وفق ما يُطلق عليها - فإنّ الوضع فيها متدهور بشكل كبير، عقب تدفق أعداد هائلة من اللاجئين إليها، ولم تستطع التعامل - بشكل جيد - مع هذا التدفق الكبير، في ظل ما تواجهه من مشكلات اقتصادية تدفعها منذ سنوات، لطلب مزيد من المساعدات المالية من الاتحاد الأوروبي.
ونتيجة لهذا الوضع في اليونان فإنّ كثيراً من اللاجئين من حاملي الإقامة اليونانية يغادرون بمفردهم إلى دول أُخرى من الاتحاد الأوروبي، ما دفع هولندا وفرنسا وألمانيا إلى إرسال تحذيرات للمفوضية الأوروبية، بداية حزيران الماضي، لمناقشة هذه المشكلة.
وقالت ألمانيا إنها تلقت بالفعل منذ تموز عام 2020 وحتى الآن، أكثر من 17 ألف طلب لجوء من حاملي الإقامات اليونانية، الذين استخدموا حقهم في العبور الحر ضمن منطقة "شنغن"، للقيام بمحاولة لجوء جديدة في ألمانيا، وسط اتهامات لليونان بـ"تشجيع" هذا الاتجاه عمداً، للتخلّص من اللاجئين.
مجلس الدولة الهولندي
يشار إلى أنّ مجلس الدولة الهولندي هو هيئة استشارية للحكومة والبرلمان، كما أنّه أعلى هيئة قضائية يمكنها البت في النزاع بين المواطنين والحكومة.
ويعدّ ويليم ألكسندر - بصفته ملك هولندا - هو رئيس مجلس الدولة رسمياً، لكن القيادة الفعلية للمجلس هي في يد نائب الرئيس، الذي يشغل منصبه توم دي خراف، منذ عام 2018.