طرح زعيم "هيئة تحرير الشام"، أبو محمد الجولاني، رؤيته "الإصلاحية" للخروج من الأزمة الحالية التي يعاني منها التنظيم، لا سيما بعد خروج مظاهرات في إدلب، لثلاثة أسابيع على التوالي، تطالب بإسقاط الجولاني وإطلاق سراح المعتقلين، وغير ذلك.
جاء ذلك في كلمة لـ"الجولاني"، في أثناء اجتماع قيل إنه "للقوى الثورية والمؤسسات العامة وفعاليات المجتمع المدني مع قيادة المحرر لمناقشة الأحداث الأخيرة"، إذ تحدث الجولاني عن 7 إجراءات ستُتخذ رداً على مطالب المتظاهرين.
وأفادت مصادر مطلعة على تفاصيل اللقاء، لـ موقع تلفزيون سوريا، بأن الجولاني طلب توزيع أوراق معدّة سابقاً على الحضور، تتضمن 7 مطالب، داعياً كل شخص لكتابة اسمه على الورقة والتصويت على المطالب المذكورة، ومن ثم التوقيع.
وبعد الاجتماع، تحدث الإعلام التابع لـ"هيئة تحرير الشام"، عن أن المطالب المذكورة، هي من مخرجات اللقاء، علماً أنها لم تتطرق لمطالب المتظاهرين بتنحي الجولاني عن المشهد، كما أنها كانت مفاجئة للحضور، ووضعتهم تحت الأمر الواقع.
ما الإجراءات الواردة في الورقة؟
وحصل موقع تلفزيون سوريا على نسخة من الورقة التي وزعتها "هيئة تحرير الشام" على الحضور في ذلك اللقاء، وتضمنت 7 إجراءات، هي:
- تشكيل مجلس استشاري أعلى يتألف من أهل الشوكة والرأي والاختصاص والكفاءة العلمية مهمته النظر في السياسات والقرارات الاستراتيجية في المناطق المحررة.
- دعوة مجلس الشورى العام لإجراء انتخابات مبكرة، وإعادة النظر في القانون الانتخابي وآلياته، بما يضمن توسيع التمثيل للأهالي والشرائح والفعاليات، وتعزيز الدور الرقابي للشورى لتحقيق ضبط وكفاءة ونزاهة المؤسسات التنفيذية العاملة على الأرض، وتمكين الحكم الرشيد.
- إعادة تشكيل جهاز الأمن العام ضمن وزارة الداخلية في حكومة الإنقاذ السورية.
- تشكيل ديوان المظالم والمحاسبة.
- تشكيل جهاز رقابي أعلى.
- إعادة النظر في السياسات الاقتصادية، ومكافحة الفساد ومنع الاحتكار.
- تفعيل دور المجالس المحلية والنقابات المهنية.
وفي ختام كلمته، قال الجولاني مخاطباً الحضور: "ليس هناك خلاف على السلطة، تستطيعون من مجلسكم هذا الاتفاق على شخص للقيادة والسير في المحرر إلى بر الأمان، فإذا اتفقتم على شخص فأنا معه، وإذا اتفقتم على الذي تكلمنا عنه (المخرجات السبعة)، فالواجب أن نستمر في مسيرتنا من دون إعاقة"، ليرد عليه أحد الحضور بالقول: "نستمر على خيرة الله شيخ أبو محمد".
ورأى مراقبون أن طرح "الجولاني" كان غير منطقي، وأشبه بالتعجيزي، إذ إنه أصر على اختيار شخص للقيادة في زمان ومكان محددين، علماً أن حاضري الجلسة لا علم لهم في أن موضوع القيادة قد يُطرح أساساً في اللقاء، وهذا ما اعتبروه تجاهلاً من الجولاني للمطالب المنادية بإسقاطه، واختزال المشكلة في 7 إجراءات.
خطوط حمراء
وأوضح الجولاني، أن "هناك مطالب أعتقد أن الوقت لا يسمح بها الآن، أو ستؤثر على حياة الناس، هناك خطوط حمراء يجب أن يعيها الجميع، خطوط حمراء أرجو ألا يصل أحد إليها، وأرجو أن توقفوا من يسعى لخراب المحرر، لأنه إذا تدخلنا لحماية المحرر سنتدخل بشكل شديد".
وأكّد الجولاني قائلاً: "لن نسمح لأحد على الإطلاق بأن يمس المحرر بسوء، وما وصلنا إليه من مكتسبات لن نعود فيها إلى الوراء على الإطلاق، لذلك انتبهوا وحذروا الناس، لأن ما بني في سنوات لن نسمح له أن يهدم على الإطلاق، فهو بني على دماء وأشلاء أناس ضحت".
وأردف: "دعونا نعيش بالمحرر جميعاً بسلام وأمان، لا تعيدونا إلى المربع الأول، هذا الكلام بناء على معلومة وليس تحليلاً، هناك من تضرر من الانضباط في المحرر مستغلاً المطالب المحقة والحادثة الأخيرة التي حدثت، بعد هذا المجلس أرجو أن يكون الأمر قد حل. العودة إلى الوراء خط أحمر بالنسبة إلينا".
مظاهرات ضد الجولاني
وشهدت مناطق سيطرة "تحرير الشام" مظاهرات على مدار ثلاثة أسابيع، على خلفية ما وصفها ناشطون بانتهاكات جهاز الأمن العام بحق المعتقلين، إذ طالب المتظاهرون بإسقاط الجولاني وإطلاق سراح المعتقلين، مرددين هتافات: "الشعب يريد إسقاط الجولاني"، و"جولاني ولاك.. ما بدنا ياك".
وبدأت شرارة الاحتجاجات بمقتل شاب تحت التعذيب في سجون الهيئة، إذ دعا المتظاهرون إلى محاسبة القائمين على الفعل، لكن المطالب توسعت لاحقاً، لتشمل إسقاط الجولاني، وتحييد جهاز الأمن العام عن الحياة العامة، وإطلاق سراح معتقلي الرأي من بقية الفصائل وغيرهم، وإنهاء المحاصصات في العمل التجاري، وإلغاء الرسوم والضرائب على البضائع.
واتخذت "هيئة تحرير الشام" و"حكومة الإنقاذ" التابعة لها إجراءات عقب الاحتجاجات، منها إصدار عفو عام عن بعض المساجين وفق شروط، إلا أن هذه الخطوات لم ترق لمطالب المتظاهرين، خاصة أن قرارات العفو هذه، تصدر كل عام تقريباً بشكل روتيني.