لم تشكل شروط نظام الأسد لعودة أهالي مخيم اليرموك إلى بيوتهم، صدمة لمن بقي منهم في سوريا، على اعتبار أن قسما كبيرا قد أصبح مهجرا أو لاجئا في دول الجوار و في أوروبا، وذلك هرباً من صواريخ النظام وبراميله التي دمرت أحياء المخيم.
العمليات العسكرية التي شنها النظام وحلفاؤه، حولت أغلب أحياء المخيم إلى ركام وهنا يسقط الشرط الأول في سلامة البناء كما يقول "زاهر" أحد أبناء المخيم لموقع تلفزيون سوريا والذي لم يتمكن من مغادرة المخيم كباقي أفراد عائلته: (نحن خمسة إخوة كنا نسكن شارع لوبيا ولدينا بناء مؤلف من ثلاثة طوابق بات على الأرض).
وكان سمير جزائرلي عضو المكتب التنفيذي في محافظة دمشق التابعة لحكومة النظام، قال إن: "المحافظة وافقت على عودة سكان مخيم اليرموك بشرط أن يكون البناء سليماً، وأن يثبت الشخص ملكيته للعقار، بالإضافة إلى وجوب حصوله على الموافقات اللازمة".
أما عن الشرط الثاني حول إثبات الملكية فيتابع زاهر: (أوراق الملكية احترقت مع البيت، والنظام يعتبر كل أرض المخيم ملكا له فهو يسميها أرض مؤسسة، وإن وجدت نسخ منها فماذا نستفيد منها ونحن لا نستطيع أن نطعم أبناءنا).
الموافقة الأمنية..كمين
أبو أحمد من سكان المخيم يرى أن الموافقة الأمنية التي يشترطها النظام ما هي إلا كمين أمني لاصطياد المطلوبين لأجهزة الأمن ويتابع لموقع تلفزيون سوريا: "المخابرات يبحثون عن بعض من يعتبرونهم مطلوبين وعندما يتقدم فرد من العائلة عليه أن يعترف على أهله وإخوته ويمكن أن يجبر على التنازل عن حقوقهم أو تزويرها أو بيعها لشبيحة النظام".
محمود من سكان المخيم له رأي آخر في هذا الشأن: "أنا انتظر أن تأتي موافقة من تقدموا بأوراقهم الثبوتية إن سمحوا لهم سأتقدم بالطلب حتى لو عدت وجلست في الشارع فالمخيم وطني ولم أعد أستطيع تحمل أعباء الإيجارات والتنقل من مكان لآخر".
وقالت "مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا" في الأول من الشهر الجاري، إن 50 عائلة فلسطينية قدّمت أوراقها الثبوتية، إلى الحاجز التابع للأمن السوري عند مدخل شارع الثلاثين، أمام مخيم اليرموك بهدف الحصول على موافقات أمنية تمكنهم من العودة إلى منازلهم في مخيم اليرموك.
وأوضحت المجموعة، أنه بعد قرابة 30 يوماً من تقديم الأوراق مع توفر الشروط المطلوبة للفروع الأمنية، يتلقى صاحب الطلب مكالمة من فرع الأمن العسكري في منطقة العدوي بدمشق لتسلّم الموافقة الأمنية التي تتيح له العودة والسكن في مخيم اليرموك.
اقرأ أيضا: "مجموعة العمل": 333 لاجئاً فلسطينياً مفقود في سوريا
الجواعنة في لوبيا
شارع لوبيا أشهر أحياء المخيم الذي كان ينافس أسواق العاصمة تجارياً، وانتقل للعمل فيه عدد كبير من أصحاب محال الصالحية والجسر الأبيض والحميدية، ولكن طائرات النظام حولته إلى خرائب مدمرة، وبات سكناً لمؤيدي النظام من جماعة أحمد جبريل وبعض متطوعي الدفاع المدني كما يقول أحد سكان المخيم، لـ موقع تلفزيون سوريا.
ويتابع قائلا : "هم من الجواعنة (عشيرة فلسطينية) في أغلبهم، وهؤلاء يقطنون نحو 20 بيتاً تم ترميم بعضها وبعض البيوت رممت بالشوادر، وليس هناك ماء ولا كهرباء نظامية فالماء يؤتى به بالصهاريج وأما الكهرباء فتم مدّ بعض الخطوط من حواجز الأمن".
ويدخل هؤلاء السكان ويخرجون من خلال حاجز الأمن العسكري على مدخل شارع الثلاثين حيث تم تنظيم بطاقات لهم وباتوا معروفين لعناصر الحاجز.
مخطط جديد.. مؤجل
طرح نظام الأسد مخططاً تنطيمياً جديداً لمخيم اليرموك وقد لاقى جملة اعتراضات كبيرة من الأهالي على اعتبار المخيم جزءا من القضية الفلسطينية وليس مجرد حي سكني، وأحد أهم رموز العودة والحق الفلسطيني، ولذلك تم التأجيل، وبرر النظام ذلك على لسان عضو المكتب التنفيذي في محافظة دمشق سمير جزائرلي الذي قال: "إن اللجنة المُكلفة بعودة سكان مخيم اليرموك إلى منازلهم الصالحة للسكن في محافظة دمشق، أقرت بعد اجتماعها الذي ناقش قرار عودة الأهالي إلى منازلهم، ابتداء من الاعتراضات التي بلغت حوالي 2900 اعتراض على المخطط التنظيمي للمخيم وصولاً إلى التريث في اقتراح الحل التنظيمي والذي له صفة هندسية بحتة ولا علاقة له بأي توجه سياسي، قررنا عودة سكان مخيم اليرموك إلى منازلهم ضمن شروط تتعلق بالسلامة الإنشائية والموافقات اللازمة".
وكانت 28 منظمة وتجمعاً، قانونياً وسياسياً ومدنياً، فلسطينياً وسورياً أعلنوا، رفضَهم واعتراضهم على المخطط التنظيمي لمنطقة مخيم اليرموك، الذي أصدرته محافظة دمشق التابعة للنظام.
وأرسلت المنظمات مذكرة إلى المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسون، أكدت فيها أن المخطط التنظيمي الذي أقرّته حكومة نظام الأسد، يجرّد سكان المخيم من حقوقهم العينية العقارية، كما أنّه يغير ويطمس هوية المخيم، مشيرين إلى أن مخطط النظام سيؤدي إلى تجزئة وحدة المخيم العقارية.
اقرأ أيضا: محافظة دمشق: 2800 اعتراض على المخطط التنظيمي لمخيم اليرموك