في الوقت الذي تهدد فيه تركيا بمنع مساعدي كل من السويد وفنلندا للانضمام إلى حلف "الناتو" في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا، تحدث ثلاثة مسؤولين أتراك كبار إلى صحيفة "بلومبرغ" الأميركية عن تطلعات حكومتهم وشروطها للسماح للدولتين في الانضمام إلى الحلف.
"العمال الكردستاني" وشركاؤه
وفق المصادر، تصرّ أنقرة على أن يعترف أي مرشح جديد لعضوية "الناتو" بمخاوفها بشأن "الميليشيات الكردية"، داخل تركيا وعبر حدودها في سوريا والعراق، مشيرة إلى أن هذا الأمر "كان مصدراً رئيسياً للتوتر داخل الحلف"، لأنه في الوقت الذي يعترف جميع أعضاء الحلف بأن حزب "العمال الكردستاني" منظمة إرهابية داخل تركيا، يدعم آخرون ويقدمون أسلحة لفرعه السوري "وحدات حماية الشعب" دعماً لقتاله "تنظيم الدولة".
وتطالب تركيا السويد وفنلندا بـ "إدانة علنية" ليس فقط لحزب "العمال الكردستاني، بل أيضاً لشركائه والتابعين له، قبل السماح لهم بالانضمام إلى الحلف، وفق المصادر.
وأكدت المصادر التركية على أن "تصنيف حزب العمال الكردستاني كمنظمة إرهابية ليس كافياً، بل يجب على المتقدمين من بلدان الشمال الأوروبي بذل مزيد من الجهد لتضييق الخناق على المتعاطفين مع الحزب داخل بلدانهم".
قيود على السلاح التركي وبرنامج "F-35"
وأضاف المسؤولون الأتراك أن أنقرة تريد أيضاً من السويد وفنلندا "وضع حد لقيود تصدير الأسلحة التي فرضتها على تركيا، إلى جانب العديد من أعضاء الاتحاد الأوروبي الآخرين، بعد توغلها في سوريا في العام 2019، لإبعاد وحدات حماية الشعب عن الحدود".
وأوضحت "بلومبرغ" أنه على الرغم من أن تجارة الأسلحة التركية مع البلدين لا تذكر، ولا تسعى أنقرة إلى أي مشتريات دفاعية كبيرة معهم، إلا أن المسؤولين الأتراك قالوا إن تركيا "من حيث المبدأ لن تقبل توسيع تحالف عسكري مع دول تمنع صفقات الأسلحة".
وسبق أن أوضح وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، هذه النقطة علناً، حين صرّح بأن "القيود المفروضة على الأسلحة تتعارض مع روح التحالف".
وقال المسؤولون الأتراك إن أنقرة تريد أيضاً إعادة إدراجها في برنامج طائرات "F-35" الذي مُنعت من المشاركة فيه بعد أن اشترت نظام "S-400" الدفاعي الروسي، كما أن لديها طلباً معلقاً إلى الولايات المتحدة لشراء العشرات من طائرات "F-16" الحربية وتحديث مجموعات لأسطولها الحالي، بالإضافة إلى رفع العقوبات الأميركية التي فرضت عليها بعد حصولها على نظام "S-400" الروسي.
مطالب أخرى
وأكد المسؤولون الأتراك على أنه "من غير الحكمة توقع أن تغير أنقرة مسارها، وتسمح بانضمام السويد وفنلندا إلى الناتو ما لم يتم حل الخلافات أولاً، والتزام بلدان الشمال الأوروبي علناً بالتضامن مع تركيا ضد الجماعات الكردية".
وأشارت "بلومبرغ" إلى أن المسؤولين الأتراك قالوا إن "أنقرة لا تتطلع إلى المساومة على مواضيع خارج مواقف فنلندا والسويد من الصراع الكردي"، لكنها لفتت إلى أن "قبضة أنقرة على الناتو عميقة وقائمة رغباتها طويلة".
وأضافت الصحيفة الأميركية أن "استخدام تركيا لنفوذها على توسيع الحلف لتحقيق أي من أهدافها سيكون أمراً صعباً، لكن أنقرة أظهرت استعدادها للحفر بعمق، بل وحتى الإضرار باقتصادها، في مقابل الخلافات الجيوسياسية أو صفقات السلاح أو حملاتها العسكرية ضد الأكراد".
ورفض المسؤولون الأتراك فكرة أن معارضة بلادهم لانضمام السويد وفنلندا إلى الناتو بسبب علاقاتها مع روسيا، أو بصداقة الرئيس رجب طيب أردوغان مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مشيرين إلى أن تركيا "سعت إلى حل وسط بشأن الحرب في أوكرانيا، حيث تسعى إلى تحقيق التوازن في علاقاتها مع كل من موسكو، لحماية قواتها المنتشرة في سوريا، وكييف، التي زودتها بطائرات مسيّرة مسلحة".
كما نفى المسؤولون الأتراك أن تكون "مناورة الناتو مرتبطة بالسياسات الداخلية، رافضين التكهنات بأن رفع القضية الكردية إلى مستوى عالمي يهدف إلى إفادة أردوغان من خلال تعزيز الدعم بين القوميين قبل الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها العام المقبل".