أعلنت فصائل "الجيش الوطني السوري" بمشاركة شخصيات سياسية، تشكيل "مجلس ثوري موحّد" بهدف توحيد كلّ من القيادة العسكرية وإنهاء حالة الانقسام والاحتراب، وإدارة الموارد الاقتصادية والحواجز والقوى الأمنية، والمكاتب القانونية والرقابة والعلاقات العامة.
وجاء إعلان "المجلس" الجديد يوم الجمعة الماضي (16 من أيلول الجاري) على خلفية مبادرة أطلقها مدير إدارة التوجيه المعنوي بالجيش الوطني السوري حسن الدغيم مع العديد من الشخصيات الأكاديمية السورية، وطُرحت لأول مرة عقب دخول "هيئة تحرير الشام" إلى جندريس وعفرين بريف حلب الشمالي لدعم "حركة أحرار الشام- القاطع الشرقي" (الفرقة-32) في مواجهة الجبهة الشامية (الفيلق الثالث) في حزيران الماضي قبل انسحابها بوساطة تركية.
وقد تمخض عن تلك الأحداث استمرار تبادل الاتهامات بين قادة الفصائل حول مسؤولية الاختراق الذي تم بالتنسيق مع "تحرير الشام" وقائدها "الجولاني" .
وسبق ذلك أن طرح العديد من الأطراف أيضاً مبادرة مشابهة في شهر شباط من هذا العام، بالتزامن مع تفاصيل محاسبة قائد فصيل "سليمان شاه" محمد الجاسم (أبو عمشة).
آلية عمل المبادرة والمجلس الجديد
بحسب مصادر خاصة لـ موقع تلفزيون سوريا، فإنّ أهم آليات عمل المبادرة تتمثّل في إنشاء مجلس قيادة موحدة للمنطقة يضم إلى جانب قيادات الجيش الوطني وممثلي الفصائل العسكرية عددا من الشخصيات المستقلة والمدنية في المنطقة.
يضاف إلى ذلك، تعزيز الإدارة الموحدة للملف الأمني في مناطق سيطرة الجيش الوطني، وتشكيل إدارة أمنية موحدة من مختلف التشكيلات، ومنحها صلاحيات واسعة تُمكّنها من أداء مهامها بعيداً عن الحسابات الفصائلية التي أعاقت أداء الشرطة المدنية والعسكرية في المنطقة سابقاً.
كذلك طرحت المبادرة إنشاء قوة مهام خاصة مشتركة من جميع الفصائل والتشكيلات تضطلع بالمهام الاستثنائية وتكون جاهزة لأي عملية عسكرية أو أمنية مفاجئة، إضافة إلى توحيد الحقائب المالية لفصائل الجيش الوطني، والعمل على زيادة رواتب عناصر وأفراد الجيش التي لا تتجاوز الـ 30 دولاراً شهرياً.
أعضاء "المجلس الموحد"
وأمس السبت، نقلت صحيفة "المدن" عن مصدر عسكري في الجيش الوطني أن المجلس الجديد يتألف من 28 عضواً من العسكريين والسياسيين التابعين للفيالق الثلاثة 7 منهم مستقلون، وسيتم على إثره تشكيل مجلس قيادة عسكري موحد، وإدارة اقتصادية واحدة، وقوة أمنية موحدة، وإدارة حواجز مشتركة، إضافة إلى مكتبين الأول للعلاقات العامة والآخر قانوني وهيئتين واحدة للرقابة والثانية عامة.
ووفق ما تم تداوله عبر حسابات محلية على منصات التواصل الاجتماعي، فقد ضمت قائمة أسماء الأعضاء المستقلين كلاً من: الشيخ عمر حذيفة، المحامي محمد سلامة، الدكتور جواد أبو حطب، الشيخ حسن الدغيم، الدكتور أحمد طعان، الشيخ عبد الله الشيباني، بينما لم يتم الإعلان عن الاسم السابع.
فيالق الجيش الوطني وموقفها من المبادرة
يتابع المصدر العسكري أن "أصحاب المبادرة طرحوا فكرتها في بادئ الأمر على قيادة الفيلق الثالث الذي أبدى موافقته بشكل مباشر عليها، في حين أدى التفاعل السلبي من الجانب التركي على الفكرة إلى موقف متردد من الفيلق الأول الذي يشكل فصيل أحرار الشرقية عموده الفقري، وعلّق الأخير موافقته بقبول جميع الأطراف عليها، بينما كان موقف (ثائرون للتحرير) التي تعتبر الأقرب والأكثر ارتباطاً بالموقف التركي معطلاً وليس متردداً".
ويستطرد: "لكن قائد ثائرون فهيم عيسى، عاد بموقف إيجابي بعد مرور عدد من الجلسات التفاوضية التي كان موقفه معطلاً فيها خصوصاً على نسب العائدات الاقتصادية من المعابر، وأبدى موافقته في الجلسة التي سبقت الاتفاق الكامل على المبادرة"، موضحاً أن النسب توزعت "30 في المئة للفيلق الأول و36 في المئة للفيلق الثاني و34 في المئة للفيلق الثالث".
الفيلق الثاني: خلافات وفصل "العمشات" و"الحمزات"
وأمس الأربعاء، أصدرت قيادة الفيلق الثاني في الجيش الوطني بياناً أعلنت فيه فصل كل من فرقة سليمان شاه (العمشات) وفرقة الحمزة (الحمزات)، لعدم التزامهم بقرار الانضمام للجسم الجديد، الذي أعلن عنه قائد الفيلق الثاني فهيم عيسى.
#الجمهورية_العربية_السورية #الجيش_الوطني_السوري#وزارة_الدفاع #الفيلق_الثاني pic.twitter.com/XJjJssXI70
— الفيلق الثاني (@SecondLegion2) September 17, 2022
مصير "المجلس الموحد"
صحيفة "العربي الجديد" نقلت بدورها عن مصادر محلية مقربة من شخصيات اعتبارية مؤثرة في الشمال السوري من بين التي قدّمت المبادرة لـ الجيش الوطني، أن الاتفاق "ما يزال في طور المداولات"، مضيفة بأنه "لا يوجد شيء رسمي حتى اللحظة، ولكن نرجو أن نشهد تشكيل هذا المجلس".
أما الباحث في مركز "جسور" للدراسات وائل علوان، فيرى أن "المبادرة تحتاج إلى الدعم التركي لتنجح"، معرباً عن اعتقاده بأن "ظروف النجاح غير متوافرة ذاتياً، حتى لو توافقت الفيالق الثلاثة في الجيش الوطني".
ولفت إلى أن المجلس الجديد "يستهدف ترتيب القضايا المالية المتعلقة بالمعابر، وتوزيعها بشكل مرضٍ للفصائل درءاً للمشكلات"، مضيفاً أن معظم الخلافات بين الفصائل سببها الصراع على النفوذ وعلى المعابر والموارد المالية.
وأوضح علوان أن هناك "تجارب سابقة طويلة ومريرة لم تنجح، وليس بالبعيد غرفة عمليات عزم التي شُكلت من قبل الجيش الوطني ولم تعمّر طويلاً، وباتت حبراً على ورق" وفق حديث لـ "العربي الجديد".