زادت "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) من عملياتها الأمنية في مناطق سيطرتها شمال شرقي سوريا، منذ منتصف كانون الأول الماضي، بعد تعليق عملها مع التحالف الدولي في 23 تشرين الثاني احتجاجا على العملية العسكرية التركية "المخلب السيف" التي انطلقت في 20 تشرين الثاني الماضي.
وكان أكبر هذه الحملات الأمنية ما أطلقت عليه عملية "صاعقة الجزيرة" والتي أطلقتها "قسد" في 29 كانون الأول، واستمرت إلى 6 كانون الثاني، وشملت العملية ثلاث مناطق بالحسكة هي تل براك وتل حميس والهول، واعتُقل 154 شخصا خلالها بحسب بيان لـ "قسد".
مصادر محلية من المناطق المذكورة أكدت لتلفزيون سوريا حينذاك، أن المعتقلين هم في غالبيتهم العظمى من المدنيين الذين لم يسبق لهم الانخراط في أي نشاط عسكري، وبعض الأشخاص الذين كانوا اعتقلوا سابقا بتهم تتعلق بالارتباط بالتنظيم وأفرج عنهم.
"داعش" ذريعة دائمة لتنفيذ الاعتقالات
الناشطة نور الخطيب عضو الشبكة السورية لحقوق الإنسان، تقول إن "قسد" تستخدم "بشكل عام الانتماء لتنظيم (داعش) أو وجود صلات معه، كغطاء لعمليات اعتقال المدنيين، في سياسة مشابهة للتي يتبعها النظام السوري باستخدام ذريعة الإرهاب".
وأضافت "الخطيب" في تصريح لتلفزيون سوريا، أن الذي يحدث في مناطق سيطرة "قسد"، أن أي شخص يتم كتابة تقرير فيه أنه ينتمي إلى "داعش" أو يتعاون معه يتم "اعتقاله دون التحقق من المعلومات ويتحول إلى مختف قسريا طوال مدة التحقيق معه أو احتجازه كما لا يستطيع هؤلاء المعتقلون توكيل محام وفي حال محاكمتهم يُحولون إلى محاكم غير مؤهلة".
وأشارت إلى أن "قسد" اعتقلت في عام 2022 633 شخصا بينهم 93 طفلا و10 سيدات، أفرج عن 129 منهم وتحول 504 إلى مختفين قسريا، لافتة إلى أن معظم هذه الاعتقالات "استهدفت مدنيين وناشطين وسياسيين وطلابا ومعلمين وعاملين لدى المؤسسات التابعة لها؛ بعضها جرى بذريعة محاربة خلايا تنظيم داعش، وقد شاركت قوات التحالف الدولي في عدد من هذه العمليات".
ورقة بوجهة التهديدات التركية بعملية عسكرية
إبراهيم الحبش مدير تحرير موقع الخابور المحلي، قال لتلفزيون سوريا، إن حملات "قسد" الأمنية دعائية الهدف من خلالها الترويج لنفسها عبر التخويف من "بعبع داعش" الذي "يستفحل فقط حين تكون التهديدات التركية قوية بتطهير الحدود من (قسد)".
وأشار "الحبش"، إلى أن ما سمي بعملية "صاعقة الجزيرة" "لو كانت حقيقة ضد التنظيم وكان المعتقلون من أفراد خلايا التنظيم لتخللتها اشتباكات أو مقاومة من المستهدفين فيها، لو بحادث واحد على الأقل ولكن هذا لم يحدث، ما يؤكد أن الحجة التي قامت عليها الحملة كاذبة".
وأشار إلى أنه في 24 كانون الأول الماضي، هبطت طائرة مروحية لقوات التحالف في مدينة الشحيل، وأعادت شخصين من أهالي قرية الزر في ديرالزور كانت اعتقلتهم بالتعاون مع "قسد"، مؤكدا أن العشرات اعتقلوا بشكل كيدي وأعيد الإفراج عنهم، خلال عملية أمنية مماثلة.
وأعاد "الحبش" التذكير بمرات سابقة استخدمت فيها "قسد" التنظيم لتبرير وجودها، "كما حدث حين أفرجت عن السجناء في منطقة عين عيسى شمال الرقة إبان عملية نبع السلام في 2019"، مضيفا أن "قسد" كلما زادت الضغوط التركية أو كانت هناك ملامح توافق تسمح "بتوسيع المناطق الآمنة بالشمال السوري" تقوم بإعادة "تدوير التنظيم" عبر سياسة أمنية تتيح المجال لنشاط خلايا التنظيم بسحب بعض الحواجز، أو الإفراج عنهم عبر ما تزعم أنه وساطات عشائرية، ثم تشن حملات أمنية بحجة مكافحته.
حملات هدفها الناشطون وليس "الدواعش".
الباحث السوري سعد الشارع، يقول إن الحملات الأمنية تهدف إلى إظهار قوة "قسد" وجهاز "الأسايش" الأمني التابع لها في المنطقة، من خلال تسيير الحملة في أرتال كبيرة هدفها الترويع والاستعراض، وهو ما جرى في الحملة الأخيرة "صاعقة الجزيرة".
وأضاف "الشارع" بحديثه لتلفزيون سوريا، إن الحملات الأمنية التي تجريها "قسد" تستهدف الناشطين الذين ينظمون المظاهرات ضدها والمعارضين لها، بشكل أساسي.