"ترحيل بالجملة"، هكذا يصف كثير من السوريين ما يحدث في العاصمة التركيّة "أنقرة" والتي يقطنها نحو 97 ألفاً و700 سوري بحسب آخر الإحصائيات الرسمية التركية. إذ تحوّل ترحيل اللاجئين السوريين في تركيا من الترحيل الفردي إلى ترحيل عائلاتٍ بأكملها وبشكل شبه دوريّ. وأمس السبت سجلت آخر تلك العمليات مع ترحيل أكثر من 40 عائلة سورية.
أحد السوريين المرحّلين مؤخراً، فضل عدم ذكر اسمه، أفاد لـ موقع تلفزيون سوريا بأن "السلطات الأمنية التركية أوقفت مجموعة من العائلات السورية الأسبوع الماضي في منطقة (قازان) بأنقرة، وكنت وعائلتي من بين الموقوفين. تم اقتيادنا إلى مركز الترحيل (أوزلي) في غازي عنتاب، وبعد أقل من 48 ساعة تم نقلنا إلى معبر جرابلس الحدودي وترحيلنا إلى مناطق ريف حلب الشمالي، وذلك بعد توقيعنا إلزامياً على أوراق العودة الطوعية"، بحسب قوله.
وأضاف: "معظم العائلات المرحّلة يحمل أفرادها بطاقات حماية مؤقتة، وبعض أرباب العمل لديهم اذن عمل وأوراق قانونية لأعمالهم الخاصة بهم كالمحال والورش، وجزء كبير من المرحّلين قالوا إن ممتلكاتهم الشخصية المنقولة بقيت دون أي إجراء تنظيمي في أنقرة بعد قرار ترحيلهم".
حملات الترحيل بأنقرة
تشهد العاصمة التركية أنقرة حملات ترحيل طالت العديد من السوريين القاطنين فيها، وارتفعت حدتها في الآونة الأخيرة، بعد ما بات يعرف بـ "أحداث أنقرة" التي اندلعت في بداية شهر آب عام 2021 على خلفية حادثة الطعن، واشتدت بالتضييق على اللاجئين السوريين بإغلاق تسجيل النفوس في أكبر تجمع لهم فيها في حي "التن داغ"، تقول السلطات إنها محاولة لتوزيعهم على الأحياء والمناطق الاخرى في العاصمة، ومن ثم صدر قرار بمنع منح بطاقة الحماية المؤقته "الكملك" للمرة الأولى وإغلاق أنقرة أمام اللاجئين الجدد بتاريخ 2-9-2021.
الجانب التركي بحسب تصريحات غير رسمية، يقول بأن سبب الترحيل هو وجود محاكم لم تغلق ومخالفات وشكاوى قضائية، وغيرها من المشاكل الأمنية والقانونية، بينما ينفي ذلك معظم من تواصلنا معهم من السوريين المرحلين.
حملات الترحيل تركزّت في المرحلة الأولى على المقيمين في أحياء أنقرة، بدأت بـ"التن داغ" ثم "حي "ماماك" فحيّ "كتشورين"، ومن ثم توسّعت إلى ريف العاصمة في مناطق "باي بازاري" و"بولاطلي" و"كازان" واخرها منطقة "تشبوك".
خطوات الترحيل في أنقرة، بحسب تجربة السوريين الذين مروا بها، عادةً ما تبدأ بنقل العائلات أولاً إلى مديرية الأمن العام في المدينة، ثمّ إلى مركز الإعادة الطوعية في منطقه "أكيورت"، وبعدها ينقلون إلى مراكز الترحيل في الجنوب التركي الأقرب إلى الحدود السورية تمهيداً لترحيلهم الأخير نحو مناطق الشمال السوري.
ووفق تصريح للمدير العام لمكافحة الهجرة غير الشرعية رمضان سيشليمش بتاريخ الـ3 من الشهر الجاري، فإن الترحيل شمل 109.816 "مهاجراً غير شرعي" خلال العام.
وأشار سيشليمش إلى أن مراكز الإعادة، وعددها 30 في أنحاء البلاد، كانت تستوعب 1740 شخصاً عام 2015 ووصلت الطاقة الاستعيابية لها اليوم إلى 20 ألفاً و 540 شخص، لافتاً إلى وجود ما يقرب من 18000 مهاجر غير شرعي في مراكز الترحيل.
بانتظار توضيح السلطات التركية
بدورها، قالت المتحدثة باسم "اللجنة السورية التركية المشتركة" إناس النجار إنها أرسلت إخطاراً لرئاسة الهجرة حول الوضع الراهن عند ترحيل الدفعة الأولى، و"اللجنة على تواصل مع جميع العوائل ولكن إلى الآن لم يصلنا ردّ من الجهات التركية".
وأضافت إنه تم التواصل أيضاً مع "وزارة الداخلية" ومع "رئاسة اللاجئين في البرلمان التركي" وبإنتظار التوضيح من الجانب التركي حول ما يحصل.
وتنصح العديد من الجمعيات والمنظمات الحقوقية والإنسانية بتوكيل محامٍ فور التعرض للتوقيف في مركز الترحيل، كإجراء من شأنه أن يوقف عملية الترحيل. إلا أن ارتفاع تكلفة أجور المحامين التي تتخطى أحياناً الـ15 ألف ليرة تركية كدفعة أولى، يحول دون تمكّن معظم العائلات السورية من إجراءات التوكيل والطعن وإيقاف الترحيل.