"منذ نحو أسبوعين كانت حياتي تسير بشكل شبه طبيعي كأي طالبة جامعة، ولا يعتريها إلا ما يعتري حياة السوريين في تركيا من بعض المصاعب التي تأقلمنا عليها، وبينما أنا منهمكة في التحضير لامتحاناتي، تفاجأت بصدور قرار يقضي بترحيلي على خلفية تقديمي شكوى في أحد مراكز شرطة، بسبب تعرض شقيقتي وشقيقي للاعتداء والعنصرية من قبل مدرستهما في المدرسة"، تقول الشابة السورية إيمان ناصيف.
إيمان ذات الـ 22 ربيعاً تحدت الظروف الصعبة التي تعيشها عائلتها كحال معظم السوريين في تركيا، وبدأت دراستها منذ 3 سنوات في جامعة سكاريا تخصص "معلم صف"، لكنها الآن تواجه خطر الترحيل إلى سوريا رغم كافة المخاطر التي ستواجهها هناك وتشتيت شملها عن عائلتها، فهي لا تملك أي إقامة في بلد آخر للذهاب إليه.
كيف بدأت القصة؟
تقول إيمان لموقع "تلفزيون سوريا"، إنها تقيم وعائلتها في تركيا منذ العام 2011، وانتقلت منذ 3 سنوات إلى مدينة سكاريا للدراسة الجامعية، وكانت حياتها تسير كالمعتاد، ولكن منذ نحو 6 أشهر وخلال زيارتها لعائلتها في ولاية غازي عنتاب اشتكت شقيقتها وشقيقها من تعرضهما للعنصرية والاعتداء من قبل مدرستهما، فحاولت إيمان التواصل مع الآنسة وإدارة المدرسة للوقف على القضية ومعالجتها.
"أختي تعرضت للضرب والعنف وآنستا اشتكت عليي"!
— تلفزيون سوريا (@syr_television) December 21, 2022
طالبة جامعية سورية مهددة بالترحيل من #تركيا تروي قصتها#تلفزيون_سوريا #نيو_ميديا_سوريا pic.twitter.com/ZdcMGmUTcE
وتضيف إيمان أنها حاولت الحديث مع الآنسة لمعرفة سبب تكرار العنف والعنصرية ضد شقيقيها، إلا أن رد فعلها كان عنيفاً جداً، لذلك توجهت إلى مدير المدرسة لكنه لم يبد أي اهتمام في الموضوع وكان رده بأن "هذا الأمر طبيعي وقد يحصل".
وتشير إيمان إلى أنها بعد ذلك توجهت إلى مركز الشرطة لتقديم شكوى، بعد أن وثقت بالصور وجود عصا خشبية كانت تستخدمها الآنسة لضرب شقيقها، فما كان من الآنسة إلا أنها قدمت هي الأخرى شكوى ضد إيمان، مدعية تعرضها لاعتداء لفظي وجسدي من قبل إيمان.
وبحسب إيمان، فإن ادعاء الآنسة غير صحيح بالمطلق وما حصل على عكس من ذلك، إذ إن الآنسة هي من اعتدت لفظياً عليها، وأكدت إيمان أن حديثها مع المدرسة موثق لديها بمقطع فيديو، فضلاً عن وجود كاميرات مراقبة في المدرسة يمكن الرجوع إليها والتحقق من الأمر.
قرار ترحيل نهائي
وبعد تقديم الشكوى المضادة بحق إيمان، جرى نقلها إلى مركز الاحتجاز في دائرة الهجرة بولاية غازي عنتاب، وفقاً لإيمان، حيث بقية محتجزة لمدة 12 يوماً، قبل أن يجري الإفراج عنها على أن تحال القضية إلى المحكمة.
وقبل نحو أسبوعين تفاجأت إيمان بإيقاف بطاقة الحماية المؤقتة الخاصة بها "الكيملك"، وصدور قرار من محكمة غازي عنتاب بترحيلها من تركيا، وتؤكد إيمان أن "قرار الترحيل تعسفي ولا يستند إلى أي مسوغ قانوني".
وناشدت إيمان السلطات التركية بإعادة النظر في قضيتها قبل ترحيلهم، وخصوصاً أنه لم يتبق لها سوى العام القادم للتخرج من الجامعة وتحقيق أهدافها وطموحاتها، بالإضافة إلى وضع عائلتها الصعب، إذ يعاني والدها من مشكلات صحية كبيرة، حيث أجرى ثلاث عمليات جراحية خلال الفترة السابقة.
ودعت إيمان جميع المنظمات والهيئات الحقوقية السورية في تركيا إلى مساعدتها لوقف قرار الترحيل.
ترحيل مئات السوريين من تركيا
وبات ملاحظاً خلال الأشهر الماضية تزايد حملات ترحيل اللاجئين السوريين بشكل غير طوعي من تركيا نحو الشمال السوري، الذي تعتبره السلطات التركية "منطقة آمنة"، بالتزامن مع ارتفاع حدة الخطاب التحريضي وخطاب الكراهية، من قبل بعض الأحزاب التركية المعارضة، مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية.
وفي 24 من تشرين الأول الماضي، أصدرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" تقريراً، قالت فيه إن السلطات التركية "اعتقلت واحتجزت ورحّلت بشكل تعسفي مئات الرجال والفتيان السوريين اللاجئين إلى سوريا بين شباط وتموز الماضيين".
ويقيم في تركيا نحو 3 ملايين و585 ألفاً و447 لاجئاً سورياً، بحسب أحدث إحصائية صادرة عن الرئاسة العامة لإدارة الهجرة التركية، في 17 من تشرين الثاني الحالي.