تعرض موقع شركة ماهان إير التابعة للحرس الثوري الإيراني، الأحد الماضي، لهجمة سيبرانية استهدفت الشبكة الذكية المخصصة لتسجيل الركاب والمسافرين وحجز التذاكر.
واستخدم المتسللون، الذين قدّموا أنفسهم على أنهم أعضاء في مجموعة تسمى "أذكياء الوطن" (هوشمندان وطن)، شبكة معلومات شركة ماهان إير لإرسال رسائل بريد إلكتروني ورسائل نصية إلى عملاء وموظفي شركة ماهان إير.
وعبرت مجموعة الهكرز هذه، التي نجحت في اختراق كامل قواعد بيانات شركة ماهان إيران، عن احتجاجها في هذه الرسائل النصية على تعاون شركة الطيران المذكورة مع فيلق القدس، وعلى قتل واعتقال المتظاهرين الإيرانيين السلميين في انتفاضة البنزين الماضية عام 2019.
وكنتيجة للهجمة السيبرانية على شركة ماهان إير، خرج موقع الشركة الإلكتروني عن الخدمة، وتوقف عن بيع التذاكر وتسجيل معلومات الركاب، وتعطلت العديد من الخدمات التي تقدمها شركة الطيران عبر الإنترنت لعدة ساعات.
وعلى الرغم من ادعاء مسؤولي شركة ماهان إير أن هذه الهجمة كانت روتينية وأنهم يتعرضون لهجمات مشابهة لها في كل يوم، فإن ما يميز الهجمة السيبرانية الأخيرة هو نجاحها في الكشف عن مجموعة من الوثائق المهمة والضخمة المتعلقة بجزئيات جديدة ومفصلة للنشاطات السرية لهذه الشركة، وتعاونها العميق مع فيلق القدس، بعد أيام من انتهاء الهجوم السيبراني.
كيف يتم نقل مرتزقة فيلق القدس إلى سوريا عبر رحلات ماهان إير؟
في الحقيقة، تقوم ماهان إير منذ سنوات عديدة بنقل كوادر فيلق القدس ووكلائه على شكل ركاب عاديين، ويتم ذلك بهدف إخفاء أنشطة فيلق القدس في سوريا بالدرجة الأولى، واستخدام الركاب المدنيين على طائرات ماهان كدروع بشرية في المرتبة الثانية.
صحيح أن استخدام فيلق القدس لشركة ماهان إير من أجل نقل المرتزقة والأسلحة من طهران إلى دمشق ليس أمراً جديداً، وقد تم الكشف عنه في وقت سابق، مما أدى لوضع هذه الشركة على قوائم العقوبات الأمريكية، إلا أن الوثائق التي نشرتها مجموعة "هوشمندان وطن" على معرفاتها على تليغرام وتويتر تكشف عن تفاصيل توضح آلية نقل مرتزقة فيلق القدس والقوات العميلة له والأسلحة الخفيفة باستخدام طائرات الركاب التابعة لماهان إير من طهران إلى دمشق.
وفيما يتعلق برحلات طهران - دمشق، تظهر لنا إحدى الوثائق، التي نشرها المتسللون القراصنة من موقع ماهان الإلكتروني، آلية شراء التذاكر لأفراد فيلق القدس وقواته العميلة، وكذلك تسجيل شحناتهم الخطرة، بما في ذلك الأسلحة والذخيرة، ضمن رحلات الركاب التابعة لشركة ماهان إير.
وبحسب هذه الوثيقة، فإن الشخص الذي يمثل فيلق القدس والمسؤول عن التواصل مع شركة ماهان للطيران يُدعى العميد غلبرست، وهو الرئيس التنفيذي للشركة الوهمية همره أو همره سير، التي تقوم بحجز الرحلات وشراء التذاكر لنقل مرتزقة فيلق القدس إلى سوريا.
لم تتوقف رحلات مرتزقة فيلق القدس إلى سوريا خلال جائحة كورونا
في أعقاب انتشار جائحة كورونا، عُلّقت رحلات الركاب المدنيين على خطوط ماهان الجوية إلى سوريا منذ آذار 2020، واستمر التعليق حتى تشرين الثاني 2021.
لكن خلال فترة تعليق الرحلات السياحية أعلاه، وذروة انتشار فيروس كورونا، حُجزت عشرات الرحلات المستأجرة تحت عنوان "نقل السياح من إيران إلى سوريا"، من قبل الشركة الوهمية همره، مما يشير إلى الطبيعة العسكرية لهذه الرحلات المستأجرة التي كانت تتم في ظل حظر الرحلات السياحية إلى سوريا بسبب جائحة كورونا.
على سبيل المثال، تشير وثيقة مؤرخة في 14 آذار 2021 إلى حجز خمس رحلات طيران مستأجرة بأمر من شركة همره سير التي يرأسها ممثل فيلق القدس، العميد غلبرست، من طهران إلى دمشق، إذ نُقل 956 شخصاً إلى سوريا وأعيد 13 شخصاً فقط إلى طهران خلال هذه الرحلات.
ووفقًا لوثيقة أخرى مؤرخة في 10 أيار 2021، حُجزت ست رحلات طيران مستأجرة من طهران إلى دمشق، نُقل خلالها 1068 شخصًا إلى سوريا، لم يعد منهم سوى 25 شخصاً إلى طهران في رحلات العودة.
وتشير وثيقة أخرى مؤرخة في 8 حزيران 2021 إلى وجود أربع رحلات مستأجرة أخرى تم خلالها نقل 714 شخصاً إلى دمشق، عاد منهم 16 شخصاً فقط.
أكثر من 60 ألف مرتزق قدموا إلى سوريا منذ عام 2018 حتى الآن
بالإضافة لما ذكر أعلاه، نشرت مجموعة المتسللين قائمة ضخمة من المعلومات المتعلقة بالركاب على طريق طهران - دمشق منذ عام 2018 حتى الآن، كانت قد حصلت عليها من نظام استقبال الركاب في شركة ماهان. لكن النقطة المهمة هي أن غالبية الركاب على هذا الطريق سافروا دون الكشف عن هويتهم تحت اسم مستعار "Hamrah Hamrah".
ووفقاً للإحصائيات وتصفية البيانات من هذه القائمة الضخمة، التي احتوت على معلومات وقت الرحلة ووزن أمتعة الركاب وأسمائهم والعديد من المعلومات الأخرى المهمة، وُجد أكثر من 60 ألف مسافر بنفس الاسم الوهمي (Hamrah Hamrah) على متن رحلات طهران - دمشق.
بالإضافة إلى ذلك، احتوت الوثائق المسربة على الكثير من المعلومات التي تبين حجم الأسلحة ووزنها والطبيعة العسكرية لهذه الشحنات التي يتم نقلها عبر طيران ماهان إير إلى سوريا، وهو ما يفوق طاقة هذا التقرير على ذكره بشكل كامل.
وأكدت مجموعة المتسللين في حسابها على تليغرام أن "عدد الركاب بلا شك كبير جداً، والطريق بين طهران ودمشق هو بالتأكيد الطريق الأكثر شعبية لدى فيلق القدس"، لكن "فيلق القدس لم يكتف بإرسال مقاتليه إلى دمشق، واستمر بإرسالهم إلى أماكن أخرى بواسطة ماهان إير".
ووفقاً لمجموعة المتسللين مُسحت آلاف المستندات المتعلقة بماهان إير ضوئياً، وهو ما ستقوم بنشره تدريجياً على معرفاتها في الأسابيع القادمة. وستكشف هذه الوثائق المزيد من التفاصيل والمعلومات حول الزوايا الخفية للأنشطة غير القانونية لشركة ماهان إير وتعاونها الوثيق مع فيلق القدس.