أعلنت الأمم المتحدة أن وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، مارتن غريفيث، قرر التنحي عن منصبه لأسباب صحية، على أن يستمر في أداء مهامه حتى نهاية حزيران المقبل "لضمان انتقال سلس" للمهام إلى خلف لم يعين بعد.
وفي تغريدة عبر منصة "إكس"، قال غريفيث إنه "بعد ثلاث سنوات من العمل، أبلغت الأمين العام عن نيتي بالتنحي في حزيران"، مضيفاً أنه "إلى الجميع في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، كان هذا امتيازاً في حياتي، وأنا مدين لكم بشدة. إلى جميع الشركاء والداعمين، شكراً لكم على مناصرة قضية الناس في الأزمات".
من هو مارتن غريفيث؟
مارتن غريفيث، 72 عاماً، محامٍ ودبلوماسي بريطاني ووسيط دولي عمل في منظمات إنسانية ودولية مختلفة، بما في ذلك "اليونيسف" و"أنقذوا الأطفال" و"أكشن إيد"، وعمل مديراً تنفيذياً للمعهد الأوروبي للسلام، وأبرز مهامه بعد منصبه الأخير مهمته كمبعوث للأمم المتحدة إلى اليمن بين عامي 2018 و2021.
خلال سنوات عمله، شغل غريفيث مناصب عدة، منها:
- مدير إدارة الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في جنيف، ونائب لمنسق الإغاثة في حالات الطوارئ.
- منسق الشؤون الإنسانية الإقليمي لإدارة للأمم المتحدة في منطقة البحيرات الكبرى في إفريقيا، والمنسق الإقليمي للأمم المتحدة في البلقان.
- مدير ومؤسس مركز الحوار الإنساني في جنيف، المتخصص بتطوير الحوار السياسي بين الحكومات ومناهضيها في بلدان عدة في آسيا وإفريقيا وأوروبا.
- مؤسس وكبير مستشاري جمعية "إنتر ميديت"، وهي مؤسسة متخصصة في حل النزاعات والتفاوض والوساطات السياسية.
- وفي سوريا، عمل غريفيث في مكاتب المبعوثين الثلاثة للأمم المتحدة إلى سوريا، كوفي عنان والأخضر الإبراهيمي وستيفان دي ميستورا، بالإضافة إلى مهمته كنائب لرئيس بعثة مراقبي الأمم المتحدة في سوريا.
- في العام 2021، تولى غريفيث منصب رئيس مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية "اوتشا".
ما علاقة "حماس"؟
منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، مارس غريفيث ضغوطاً متواصلة على إسرائيل لإتاحة دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وطالب دولة الاحتلال أكثر من مرة بعدم تجاهل تحذيرات عملياتها العسكرية وتأثيرها على المدنيين الفلسطينيين.
وفي شباط الماضي، دعا غريفيث إسرائيل إلى عدم تجاهل الدعوات المطالبة بوقف العملية العسكرية في رفح، حيث لجأ نحو 1.5 مليون فلسطيني هرباً من المعارك، محذراً من أن أي عملية عسكرية هناك "يمكن أن تؤدي إلى مجزرة".
وفي مقال نُشر على موقع "الجزيرة"، قال غريفيث إن "هجمات 7 تشرين الأول على إسرائيل لا تبرر ما يحدث لكل طفل وامرأة ورجل في غزة"، مؤكداً أن "الفشل الأخلاقي الذي شهده العالم في غزة لا بد أن يخجلنا جميعاً".
وفي حوار أجراه مع قناة "سكاي نيوز"، في 14 شباط الماضي، قال غريفيث إنه "لا يمكن اعتبار حركة حماس جماعة إرهابية، بل هي حركة سياسية".
وأوضح غريفيث أنه لديه "فهم كامل للصدمة" التي سببها هجوم "حماس" في 7 تشرين الأول، لكنه أكد أن إسرائيل "تحتاج إلى بناء علاقة مع جيرانها بغض النظر عن أي شيء آخر".
وعن جدوى الهدف العسكري الإسرائيلي المتمثل في القضاء على "حماس" وإلغاء وجودها من قطاع غزة، قال غريفيث إن "حماس ليست جماعة إرهابية بالنسبة لنا، وهي حركة سياسية، ومن الصعب جداً طردها من قطاع غزة دون التوصل إلى حل تفاوضي يضمن تطلعات الفلسطينيين".
وتسببت حينذاك هذه التصريحات بهجوم عنيف شنه الإعلام الإسرائيلي على المسؤول الأممي، واتهمه سياسيو دولة الاحتلال بأنه "يستغل سلطته لإنقاذ حماس"، معتبرين أن الأمم المتحدة "فقدت مصداقيتها"، في حين سربت عدة وسائل إعلام عبرية نقلاً عن سياسيين إسرائيليين أن المواقف التي يعلنها غريفيث بشأن غزة "سيُرد عليها بقوة".
"صندوق الثقة للتعافي المبكر"
سبق أن زار مارتن غريفيث سوريا أكثر من مرة، والتقى رئيس النظام السوري ووزير خارجيته، كان آخرها في 22 آذار 2023، وكشف حينها عن وجود خطة لدى الأمم المتحدة من أجل الاستجابة للزلزال في سوريا، وتعزيز عمليات الإنعاش المبكر.
في 10 آذار الجاري، كشفت الأمم المتحدة عن وثيقة استراتيجية لصندوق الثقة للإنعاش البكر 2024 – 2028، وهو صندوق مالي مقره دمشق، ويعمل تحت قيادة مباشرة من منسق الأمم المتحدة المقيم للشؤون الإنسانية، ومن أبرز ميزاته "المرونة التشغيلية" و"الإطار الزمني الأطول".
ويعود الفضل في إنشاء هذا الصندوق لمارتن غريفيث، بصفته رئيساً لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، حيث وظّف كارثة الزلزال الذي ضرب شمالي سوريا وجنوبي تركيا، في شباط 2023، للتواصل مع رئيس النظام السوري، بشار الأسد، وإقناعه بضرورة وجود عملية حقيقية وإنشاء الصندوق.
وذكر موقع "سيريا إن ترانزيشن" أن غريفيث اقترح أن يجذب الصندوق الجديد الأموال من دول الخليج العربي، كونها يمكن أن تكون أقل تقييداً من صندوق الأمم المتحدة الإنساني السوري وصندوق الأمم المتحدة للإغاثة العابرة في سوريا اللذين يدعما الأنشطة وفقاً لخطة الاستجابة الإنسانية للأمم المتحدة.
وذكرت مصادر الموقع أن تعيين الزميل السابق في برنامج الأمم المتحدة للتنمية، عبد الله الدرداري، في آذار 2023، كنائب الأمين العام المساعد لبرنامج الأمم المتحدة للتنمية، والمدير للمكتب الإقليمي لدول العرب، يأتي في إطار التخطيط لتوسيع ميزانية الإنعاش المبكر إلى 500 مليون دولار، بزيادة بنسبة 500 % على التمويل المقدم في ميزانية 2023 لخطة الاستجابة الإنسانية.
ووفق موقع "سيريا إن ترانزيشن"، فإنه على الرغم من أن خطة الأمم المتحدة لتعزيز صندوق التعافي المبكر في سوريا طموحة ولكنها معيبة، فهي ليست إنسانية كما يدعي التسويق لها، حيث يعمل فريق الأمم المتحدة في سوريا باستمرار على توسيع حدود ما يندرج ضمن مساعدات الإنعاش المبكر، فضلاً عن السماح بتجاوز العقوبات الأميركية والأوروبية.