قال مصدر في المعارضة السورية لـ"تلفزيون سوريا" إنّ لقاء وفد المعارضة السورية الذي ضم رئيس الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة ورئيس الحكومة السورية المؤقتة ورئيس هيئة التفاوض السورية مع وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، أمس الثلاثاء في العاصمة التركية أنقرة، ناقش أوضاع السوريين اللاجئين في تركيا وما يشعرون به من مخاوف، فضلا عن التطورات الأخيرة فيما يخص اللقاء الثلاثي الذي جمع وزراء دفاع روسيا وتركيا والنظام السوري بمشاركة قادة الأجهزة الاستخباراتية في الدول الثلاث يوم الأربعاء الفائت في العاصمة الروسية موسكو.
وعقد اللقاء مع وزير الخارجية التركي بعد طلب رسمي من قبل المعارضة السورية لمعرفة تفاصيل اللقاء وتحديد موقفهم بناء على مجريات لقاء موسكو، لا سيما أنّ الأنباء تضاربت حول ما طرح فعلياً على النظام السوري من قبل وزير الدفاع التركي والبنود التي طلب النظام السوري من تركيا تحقيقها.
السوريون في تركيا وشروط انحساب تركيا من سوريا
سبق لقاء وزير الخارجية عدة لقاءات مع مسؤولي الملف السوري في الخارجية وجهاز الاستخبارات التركي، وكان تمهيديا للقاء وزير الخارجية، ووفق المصدر فإنّ الجانب التركي نفى لوفد المعارضة ما تداولته وسائل إعلام تركية وعربية حول طلب تركيا في موسكو بأن يخضع السوريون لمحاكمات عادلة، وهذا الاقتراح كان من قبل روسيا لكنه قوبل برفض قاطع، وكان الرد التركي على هذا الاقتراح بأن مراسم العفو السابقة التي أصدرها النظام السوري لم تكن جادة وحقيقية، وهذا غير مشجع للقبول باقتراح إخضاع السوريين لمحاكم النظام السوري.
ومما طرح في اللقاء أيضا حقيقة طلب النظام من تركيا إخراج قواتها من شمال سوريا، إذ أكّد وزير الداخلية التركي أنّ سحب القوات التركية مرتبط بعدّة شروط منها التزام النظام السوري بتأمين الحدود مع تركيا وتنفيذ الحل السياسي وفق قرار مجلس الأمن 2254 وإنشاء بيئة آمنة تضمن حياة الناس وأمنهم وإعادة عقاراتهم وتأمين سبل معيشة كريمة لهم، حينذاك ستخرج القوات التركية من الشمال السوري.
المشكلات القانونية التي يتعرض لها السوريون في تركيا كانت على طاولة النقاش، وكان رد "أوغلو" بأنهم في مرحلة صراع انتخابي، ومؤسسات الدولة فيها من كل الأحزاب، وإن التجاوزات التي تحصل ليست ممنهجة ولا يوجد أي قرار بترحيل السوريين، ويوجد العديد من الحالات التي تمت معالجتها بعد التأكد من سلامة وضعها القانوني.
ورأى المصدر أنّ تركيا تفصل بين الملف الإنساني والملف السياسي، فالمباحثات حول إعادة العلاقة مع نظام الأسد غير متعلقة بالانتخابات وقد تستمر حتى بعد الاستحقاقات التركية، بينما ستخفف تركيا من إجراءاتها بحق السوريين المقيمين في تركيا بعد الانتخابات، إذ إنّ هذا الملف مرتبط بالصراع الانتخابي الذي تعيشه تركيا حاليا.
خط ساخن
لم يُخف وزير الخارجية التركي (بحسب المصدر) سعي تركيا لتفعيل اللجان الأمنية والعسكرية ثم الخارجية بين تركيا وروسيا والنظام السوري، إلا أنّ تفعيل اللجان لن يكون على حساب الحل السياسي وفق قرار مجلس الأمن 2254 على حد قوله.
وكشف المصدر عن طلب الوفد السوري المعارض الذي التقى وزير الخارجية التركي، إنشاء فريق عمل مشترك أو خط ساخن، لتبقى المعارضة على اطلاع بما يجري، فالمعارضة لا تريد خسارة حلفاء آخرين من جهة، ولا تريد التفريط بمواقفها من جهة ثانية.
وحول إمكانية سحب تركيا لقواتها من الشمال السوري قال وزير الخارجية التركي إنّ ردهم واضح حول ذلك، فقبل تأمين الحدود وتنفيذ حل سياسي وفق القرار 2254 وإعطاء ضمانات عودة آمنة للاجئين وإعادة عقاراتهم وممتلكاتهم وتأمين سبل معيشة كريمة لهم، لا يمكن الحديث عن هذا الأمر.
العلاقات مع النظام السوري سقفها القرارات الدولية
وخلال اللقاء أشار وزير الخارجية التركي إلى أنّ من يدفع الثمن هم تركيا والشعب السوري، وتلك المفاوضات مع النظام السوري قد تشكل ضغطا سياسيا يدفع أميركا إلى التسريع في إنجاز الحل السياسي.
وقال المصدر إنّ تركيا سبق أن أعادت العلاقات مع جمهورية مصر العربية، وهي غير محرجة من إعادة العلاقات مع النظام السوري، إلّا أنّ وزير الخارجية التركي أكّد لوفد المعارضة أنّ تلك العلاقات سيكون سقفها القرارات الدولية الخاصة بالقضية السورية.
ويرى الصحفي "عمار جلو" خلال حديث إلى تلفزيون سوريا أنّه من حق كل دولة -ومنها تركيا- أن تسير وفق مصالحها العليا بمعزل عن الآخرين، وأيضا من حق الآخرين العمل على مصالحهم العليا، وفي الاستدارة التركية الأخيرة التي بدأت بخطوات عملية للتطبيع مع نظام الأسد برعاية روسية، فإنها لم تراعِ الكثير من الوقائع، والحقوق الخاصة بالسوريين المعارضين.
وأضاف "جلو": "الوقائع بادية للعيان من تقليص مناطق خفض التصعيد الأربعة منذ بدء مسارها الأستاني، والخوف من إلحاق السوريين بقرارها للتطبيع مع نظام الأسد، وهذا الأمر إن بقيت عليه أنقرة فسيفتح أمامها المفاضلة بين الخيارات السيئة، والسيئة فقط: الأسد، داعش، قسد، النصرة، فالإنسان لا يولد إرهابيا أو متطرفا، لكن ظروفا معينة أو إكراهات تكتيكية معينة قد تدفعه إلى ذلك، وبالمحصلة تسير أنقرة وفق قول المتنبي أنت الخصم والحكم، وعلينا أن لا نسير وفق مسيرتها، فروسيا خصم وليست حكما، ولنا في مسار أستانا السوري، وأوسلو الفلسطيني عبرة لمن يحيد عن القرارات الدولية، أو المنزلقين بطرقها الجانبية بعيدا عن الغطاء الدولي".
وقال إنّه على المعارضة السورية في هذه اللحظة مصارحة شعبها مصارحة تامة بما يجري، فهذا الشعب تحمل كل صنوف الألم، ومستعد لتحمل سواها، إلا ألم العودة إلى نظام الأسد. كما يجب على الفصائل المنضوية وغير المنضوية تحت مسمى الجيش الوطني أن تعلن عن موقفها بجدية.
وفيما يتعلق بملف إعادة اللاجئين، يرى جلو أنه يجب على المعارضة التواصل مع المنظمات الحقوقية الدولية، والذهاب إلى الأمم المتحدة، ووضعها أمام مسؤولياتها، لمنع تنفيذ إعادة قسرية تحت تفسيرات ضيقة للعودة الآمنة.