icon
التغطية الحية

لوموند: هل انتهت الحرب في سوريا أم أنها تستمر بصمت؟

2024.09.18 | 06:36 دمشق

طفل يسير ممسكاً بدراجته وسط الدمار الذي لحق بإحدى المناطق في سوريا - المصدر: الإنترنت
طفل يسير ممسكاً بدراجته وسط الدمار الذي لحق بإحدى المناطق في سوريا - المصدر: الإنترنت
Le Monde- ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

ما الذي بقي من سوريا منذ انتهاء الحرب التي بدأت عام 2011 ضمن ما يعرف بالربيع العربي؟ إنها يوميات سورية، وهي سلسلة مقالات نشرتها اللوموند منذ 15 أيلول، وتشتمل على إجابات شافية نظراً لانغلاق هذا البلد عن العالم، بيد أن الدروس المستفادة من هذه اليوميات مرعبة، إذ بعد اندلاع الحرب والوحشية غير المسبوقة التي أبداها نظام بشار الأسد والميليشيات الجهادية التي استفادت في ذلك الحين من ضعف النظام، تصف تلك اليوميات بلداً ينهار ببطء وبشكل ميؤوس منه، والقضية هنا لا تتعلق بركام لن يشهد إعادة بناء ولا بتعاسة منتشرة في كل مكان فحسب، بل إن ذلك يتعلق أيضاً بعملية تقطيع أوصال المجتمع ومحو جيل كامل لم تسحقه الحرب إلا أن المنفى صار يغريه أكثر مما تغريه فكرة البقاء في الوطن.

أما الأسباب فمعروفة للجميع، فالسلالة الحاكمة الكليبتوقراطية التي بقيت في سدة الحكم بدمشق انتصرت بفضل دعم إيران وروسيا اللتين تسعى كل منهما وراء مصالحها الاستراتيجية في هذا البلد. واليوم أصبحت طهران تركز على بقائها، في حين غرقت موسكو في حربها على أوكرانيا، فعدمت كل منهما أي وسيلة لاستكمال عملية استعادة الأسد للسيطرة بشكل كامل على أراضي بلده التي بقيت تنزلق بعيداً عن قبضته، ناهيك عن فكرة تمويل عملية إعادة إعمار البلد التي تحتاج إلى وقت طويل وأموال طائلة.

إن النفوذ الذي كسبه النظام الإيراني خلال عقد من النزاع والذي يعلل سبب القصف الإسرائيلي المتكرر على سوريا التي فقدت قدراً كبيراً من سيادتها، يمكن أن يثني عزم دول الخليج على التدخل في الملف السوري. كما أن العقوبات التي فرضتها دول غربية عدة وعلى رأسها الولايات المتحدة، أضافت عقبة أخيرة أمام ذلك الأمر. وقد أقر الكونغرس الأميركي قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين في عام 2019 وذلك تحت مسمى محاربة الإفلات من العقاب، وذلك لأن هذا القانون يستهدف جرائم الحرب التي لا حصر لها والتي ارتكبت بحق الشعب السوري والتي يعتبر فيها النظام السوري الطرف المذنب والمدان بارتكابها، ابتداء من القصف بالأسلحة الكيماوية، وصولاً إلى التعذيب الممنهج للمعتقلين.

تعب دولي

ارتأى الأسد بأن الواقعية السياسية لا بد أن تعمل في نهاية الأمر على إنهاء تلك العقوبات، وذلك بمجرد أن أدرك بأن السلطة الوحيدة التي بقيت لديه تتمثل بسلطة إزعاج الآخر ومضايقته والمتمثلة بدوره المؤذي في الاتجار بالمخدرات التي دمرت المنطقة برمتها، وذلك من دون تنازله عن أدنى قدر من السلطة.

بيد أن تلك الحسابات ذهبت أدراج الرياح، وذلك لأن الإعادة الرمزية لسوريا إلى حظيرة الجامعة العربية المخصية في عام 2023 بمبادرة سعودية، لم تُخرج البلد من المأزق الذي ألفى نفسه فيه، كما لم تغير سلوك سيد دمشق الذي تقلصت سياسته وتقزمت سلطته، ولهذا لا بد من مقارنة الدعوات الأخيرة التي ظهرت داخل الاتحاد الأوروبي وطالبت بالعودة للتعامل مع الأسد مع تلك السابقة العربية المخيبة للآمال إلى حد بعيد.

ما تزال حالة الجمود المسيطرة على الملف السوري تخلف سأماً على المستوى الدولي، وخاصة من قبل تلك الدول التي استقبلت أكبر الأعداد من اللاجئين بسبب الحرب السورية، ولقد سارعت بعض الدول وخاصة الأوروبية منها لتصنيف سوريا كدولة آمنة من جديد وذلك حتى يعيدوا اللاجئين إليها، بيد أن يوميات سوريا كشفت بأن هذا ليس بصحيح، بل على العكس، لأن المحنة السورية ما تزال مستمرة ولكن في ظل ضجيج أقل وشكل آخر لا يقل دماراً عن شكلها السابق.

 

المصدر: Le Monde