البث المباشر
قد تطالب النيابة العامة الأميركية بعرض لوحة فسيفسائية أثرية سرقت من سوريا، طولها نحو خمسة أمتار وارتفاعها نحو مترين وتظهر شخصية هرقل، في محكمة لوس أنجلوس، لتستخدم كدليل في محاكمة شخص متهم بتهريب الآثار إلى الولايات المتحدة، وذلك بحسب ما قرره أحد القضاة يوم الخميس الماضي.
فقد اتهم محمد ياسين الشريحي، 55 عاماً، بتهريب قطعة أثرية ضخمة إلى الولايات المتحدة عبر استخدام وثائق مزورة بهدف التهرب من دفع ضريبة الاستيراد، ثم قام بعد ذلك بإخفاء تلك القطعة في بيته. وقد تمكن عناصر من مكتب التحقيقات الفيدرالي من الوصول إلى ذلك العمل الفني الذي يعود للحقبة البيزنطية في عام 2016.
ومن المقرر عقد الجلسة التي ستمثل فيها تلك اللوحة في الثاني من أيار بمحكمة لوس أنجلوس الفيدرالية.
ووافق القاضي "جورج وو" على طلب الحكومة بالاعتراف بتلك القطعة الفسيفسائية على أنها دليل في تلك المحاكمة بحسب ما أوردته النيابة العامة الفيدرالية، في جلسة الاستماع التي عقدت صباح يوم الخميس.
تهريب الآثار السورية عبر تركيا
وقالت السلطات إن تلك القطعة الأثرية التي يبلغ وزنها طناً واحداً قد سرقت من سوريا خلال الحرب وتم تهريبها عبر تركيا، وهي لوحة تصور هرقل وشخصيات أخرى معروفة في الأساطير الرومانية.
في عام 2020 ورد في لائحة الاتهام الموجهة للشريحي زعمه بأنه اشترى تلك القطعة الفسيفسائية وغيرها من القطع بمبلغ 2200 دولار، في حين أنه في الحقيقة قام باستيراد قطعة فسيفسائية أثرية قدر الخبراء قيمتها بمبلغ يفوق المبلغ الذي ذكره هذا الرجل بخمسين ضعفاً. كما ورد في الاتهامات بأنه كذب في تحديد جودة اللوحة الفسيفسائية.
إلا أن الصحافة لم تتمكن من الوصول لمحامي هذا الرجل حتى يعلق على الموضوع.
فقد ذكر الدفاع بأن الصور الضوئية للوحة الفسيفسائية التي عثر عليها في مرآب الشريحي في عام 2016، والتي تم التقاطها خلال عملية ترميم اللوحة، تظهر بأن قيمتها تتجاوز 40 ألف دولار وهذا كاف بالنسبة لهيئة المحلفين.
في حين ارتأت النيابة العامة الفيدرالية بأنه في الوقت الذي ظهرت فيه الكثير من الأدلة عبر الصور الضوئية الملتقطة للوحة الفسيفسائية خلال مراحل متعددة من ترميمها، فإن هذه الصور "لا تكفي ولا يمكن أن تعبر عن الحجم والمجال الحقيقي للوحة الفسيفسائية وغير ذلك من سماتها وميزاتها".
وأكدت الحكومة بأن معاينة اللوحة الفسيفسائية أمر وثيق الصلة بشهادة الخبراء فيما يتصل بمصدر العمل الفني وقيمته وجودته.
غير أن المتهم عارض ذلك وذكر بأن معاينة اللوحة الفسيفسائية أمر لا علاقة له بالتهمة المنسوبة إليه وبأن مشاهدة العمل الفني بشكله الحالي قد يكون أمراً مضللاً ومربكاً وضاراً نظراً لعملية الترميم التي خضعت لها اللوحة، والتي تغير من خلالها شكلها وحالتها عما كانت عليه عندما اشتراها الشريحي.
إلا أن القاضي وافق على ما ذهبت إليه الحكومة التي اعتبرت الصور غير كافية للتعبير عن الحجم والمجال والسمات الكاملة للقطعة الفنية.
اقرأ أيضا: تماثيل مقابر ملك "أور".. تركيا تضبط 51 قطعة أثرية دخلت من معبر باب الهوى | صور
كما رفض القاضي حجة الدفاع التي رأت بأنه لا علاقة لعملية معاينة اللوحة الفسيفسائية بالتهمة المنسوبة للشخص في هذه القضية.
حيث أورد القاضي في حكم ابتدائي صدر يوم الخميس الماضي ما يلي: "إن دراسة ومعاينة سمات وصفات اللوحة الفسيفسائية يتصل بشكل واضح بعمليات تقييم قيمتها وجودتها، خاصة بعدما أوضح الخبراء في هذا المجال قيمتها الحقيقية".
إذ بعد وضع اليد على تلك اللوحة، خلص خبير يعمل لدى الحكومة إلى أن هذا العمل الفني "هو عبارة عن لوحة فسيفسائية أصلية تعود للحقبة البيزنطية وتصور الأساطير الرومانية، وتنسجم من صور الأيقونات الموجودة في الأعمال الفسيفسائية التي تم العثور عليها في سوريا، وعلى وجه الخصوص ضمن المنطقة المحيطة بمدينة إدلب السورية".
وورد في الشكوى الرسمية بأن هذه اللوحة الفسيفسائية قد وصلت إلى الولايات المتحدة وهي تحمل أوراقاً تشير إلى أنها جزء من شحنة مزهريات ولوحات فسيفسائية تصل قيمتها لنحو 2200 فقط، إلا أن الشريحي اعترف فيما بعد بأنه دفع 12 ألف دولار مقابل تلك القطع. فيما تشير التقييمات الأولية لتلك اللوحة بأن قيمتها أعلى بكثير.
يذكر أن الولايات المتحدة فرضت قيوداً على استيراد القطع الأثرية والتاريخية القادمة من سوريا، فيما أورد ناطق رسمي باسم الحكومة بأن تلك القطعة الفسيفسائية سيتم إرسالها إلى سوريا بعد انتهاء المحاكمة.
المصدر: Daily Bulletin
