icon
التغطية الحية

لماذا يمتنع النظام السوري عن الرد على تصريحات الرئيس التركي بخصوص التطبيع؟

2024.07.09 | 09:27 دمشق

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان (الأناضول)
لماذا يمتنع النظام السوري عن الرد على تصريحات الرئيس التركي بخصوص التطبيع؟
+A
حجم الخط
-A

كرر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان منذ بداية تموز/يوليو 2024 تصريحاته التي تؤكد استعداده لإعادة العلاقات مع بشار الأسد كما كانت سابقاً. وكان آخرها إبداء الاستعداد لتوجيه دعوة للأسد من أجل زيارة تركيا في أي وقت لإعادة العلاقات كما في الماضي.

اللافت أن النظام السوري امتنع عن الرد الرسمي على تصريحات الرئيس التركي، واكتفى بتمرير بعض الرسائل عبر وسائل إعلامه، حيث نشرت جريدة "الوطن" التابعة له تقريراً في 8 تموز/يوليو الجاري أشارت فيه إلى عدم حديث تركيا عن الانسحاب من الأراضي السورية رغم التصريحات المرحبة بتطبيع العلاقات.

المراوحة بين روسيا وإيران

تفيد المعلومات بأن تعاطي النظام السوري مع التصريحات التركية ينطلق من مراعاة التوازنات بين روسيا وإيران. إذ أتت تصريحات أنقرة المتتالية الإيجابية بعد جهود روسية تهدف لاستكمال ما بدأته موسكو في نهاية عام 2022 من مساعي استعادة النظام السوري لعلاقته بتركيا. بالمقابل، تتحفظ إيران على عودة اللقاءات بين أنقرة ودمشق، ولا تشجع على الدخول فيها إلا بوساطة روسية خشية أن تفقد طهران بعضاً من نفوذها على الأراضي السورية لصالح تفاهمات أنقرة مع موسكو. حيث تعمل الأخيرة على ضخ الدماء من جديد لعلاقتها مع تركيا بعد حالة من الفتور، استعداداً لجولة جديدة من التصعيد بين روسيا وحلف شمال الأطلسي على الساحة الأوكرانية يتم التجهيز لها حالياً.

وفقاً لما رشح من معلومات من الساحة العراقية، فقد تدخلت طهران وفرملت مساعي الحكومة العراقية الهادفة لعقد لقاءات بين تركيا والنظام السوري، نظراً لعدم امتلاكها تصوراً واضحاً عن مستقبل هذه الاجتماعات فيما لو انطلقت. وهذا ما منع انعقادها على الرغم من التسريبات التي تداولتها وسائل إعلام محسوبة على الحكومة العراقية في شهر حزيران/يونيو الماضي، وتحدثت عن تقدم ملموس في وساطة بغداد بين أنقرة ودمشق.

تعاطي النظام السوري الحذر مع الدوافع التركية

يعكس سلوك النظام السوري حالة من الحذر والشك في الدوافع التي جعلت الرئيس التركي يؤكد استعداده لعقد لقاء مع بشار الأسد. خاصة وأن هذه التصريحات تصاعدت قبل قمة حلف شمال الأطلسي التي ستستضيفها واشنطن بداية الثلث الثاني من شهر تموز/يوليو الجاري. من المفترض أن تشهد القمة لقاءً ثنائياً بين الرئيسين التركي والأميركي، كان مقرراً في أيار/مايو الماضي، لكن واشنطن قامت بإلغائه نتيجة خوف بايدن من تداعيات مثل هذه القمة على حملته الانتخابية، لأنها قد تؤدي لغضب اللوبي الداعم لإسرائيل في ظل تصاعد الخطاب التركي ضد الحرب على غزة.

ويبدو أن النظام السوري لا يريد إغضاب واشنطن عن طريق إبداء الاستعداد للتنسيق مع تركيا. لأن الأخيرة تستهدف بشكل أساسي من التقارب مع النظام السوري العمل على الضغط على شمال شرقي سوريا الخاضع للنفوذ الأميركي. خاصة في ظل فترة الانتعاش التي يعيشها النظام منذ انطلاق حرب غزة والتزامه الهدوء التام فيها. حيث قام العديد من المسؤولين الغربيين بإجراء زيارات إلى دمشق، وعقدت البعثة الأوروبية الخاصة بسوريا عدة ورشات عمل في دمشق لمناقشة عمليات إعادة التعافي المبكر. ويأمل النظام أن يتطور الأمر إلى درجة إقناع واشنطن بمزيد من تخفيف العقوبات عنه.

الحسابات الداخلية والخارجية

ما يتم تداوله في أروقة النظام السوري حالياً، هو ضرورة عدم التسرع في الخطوات، وانتظار نتائج الانتخابات الأميركية وما سينتج عنه واقع جديد في المنطقة عموماً، مع تنسيق المواقف مع إيران التي تتجهز فيما يبدو لجولة مفاوضات جديدة مع الغرب بعد وصول مسعود بزشكيان المحسوب على التيار الإصلاحي إلى الرئاسة في إيران. وهو صاحب الوعود الانتخابية بتحسين الحريات في البلاد والانفتاح على العالم.

من الواضح أن مسار تطبيع العلاقات بين تركيا والنظام السوري معقد للغاية، ومحكوم بحسابات كثيرة منها كثرة اللاعبين الدوليين الفاعلين في الملف السوري، وتباين الرؤى الكبير بين تركيا والنظام. حيث لم يتجاوب الأخير مع كل المساعي الدولية والإقليمية الرامية إلى تفعيل الحل السياسي، وتسهيل عودة اللاجئين، ويبحث دائماً عن المكاسب دون تقديم تنازلات تذكر، إما نتيجة عدم الرغبة أو فقدان القدرة على منح المكاسب للدول المطبعة. بناءً عليه، حتى وإن حصل اللقاء بين أردوغان والأسد، يبقى نجاح المسار من عدمه مرهوناً باعتبارات تتخطى الجانبين.