استنكرت منظمات حقوقية، ما اعتبرته "عدم إحراز السلطات اليونانية أي تقدم" في تحقيقاتها بشأن الظروف المحيطة بحادثة غرق سفينة تقل لاجئين قبالة سواحلها، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 500 شخص، في واحدة من أسوأ كوارث القوارب في البحر الأبيض المتوسط.
وأكدت منظمتا "هيومن رايتس ووتش" والعفو الدولية، أن هناك مزاعم موثوقة بأن "تصرفات وتقصير" خفر السواحل اليوناني أسهم في غرق السفينة في 14 من حزيران الماضي.
وبعد ستة أشهر من الحادثة، ومع عدم انتهاء التحقيقات ومطالبة الناجين بالعدالة، قال ناشطون إن هناك مخاوف "بشأن مستقبل مساءلة المتورطين"، بسبب الطريقة التي يجرى بها التحقيق، مشيرة إلى أن السلطات فشلت في تعبئة "الموارد المناسبة"، حسبما نقلته صحيفة "الغارديان".
السلطات اليونانية تجاهلت إنقاذ اللاجئين
وقالت جوديث سندرلاند، المديرة المساعدة لأوروبا وآسيا الوسطى في "هيومن رايتس ووتش": "يبدو أن حطام سفينة بيلوس هو مثال مأساوي آخر على" تنازل السلطات اليونانية عن مسؤولية إنقاذ الأرواح في البحر".
وأفادت بأن "المحاسبة الكاملة لما حدث أمر بالغ الأهمية لضمان الحقيقة والعدالة للناجين وأسر الضحايا وللمساعدة في تجنب الوفيات في المستقبل".
وغرقت سفينة صيد محمّلة بما يتخطى قدرتها الاستيعابية قبالة بلدة بيلوس جنوبي اليونان ليل 13-14 من حزيران، خلال توجّهها من ليبيا إلى أوروبا، وعلى متنها نحو 750 شخصاً، بينهم نساء وأطفال، ولم ينج منهم سوى نحو مئة.
وكانت مصادر تحدثت إلى الناجين قالت لموقع "تلفزيون سوريا"، إن نحو 300 سوري كانوا على المركب والبقية من المصريين وعدد قليل جدا من الفلسطينيين وتجاوز مجمل عدد الركاب الـ 650 شخصاً.
ولم يجر العثور حتى الآن على حطام السفينة، التي غرقت في واحدة من أعمق مناطق البحر الأبيض المتوسط، على الرغم من اكتشاف 82 جثة في الأيام التي تلت الحادثة.
ومنذ البداية، أعربت جماعات حقوق الإنسان عن مخاوفها بشأن الروايات المتناقضة للأحداث بشأن الكارثة.
واستناداً إلى مقابلات مع 21 ناجياً، وخمسة من أقارب أشخاص ما زالوا في عداد المفقودين، وممثلي خفر السواحل والشرطة اليونانية، ومنظمات الإغاثة الدولية والأمم المتحدة، قالت منظمة العفو الدولية و"هيومن رايتس ووتش"، إن السلطات اليونانية لم تفشل فقط في تعبئة "الموارد المناسبة" "للإنقاذ" لكنها "تجاهلت أو أعادت توجيه" عروض المساعدة المقدمة من وكالة الحدود الأوروبية "فرونتكس".
وقالت المنظمات الحقوقية، إنه على الرغم من تنبيه المسؤولين لوجود أطفال على متن السفينة وإبلاغهم، بأن العديد من الركاب كانوا "مرضى جداً"، إلا أن شهادات الناجين تشير إلى أن زورق الدورية اليوناني لم يفعل شيئاً إلا بعد فوات الأوان.
منظمات حقوقية تحث اليونان على محاسبة المسؤولين
وحثت المنظمات الحقوقية السلطات اليونانية على مقاضاة المسؤولين في حالة وجود أدلة كافية على ارتكاب مخالفات، مشيرة إلى أن "الناجين قالوا إن زورق دورية لخفر السواحل ربط حبلا بسفينة الصيد وسحبها، مما تسبب في انقلابها".
وأوضح الناجون أيضاً، بحسب الجماعات الحقوقية، أنه بعد انقلاب القارب، "كان خفر السواحل بطيئاً في تفعيل عمليات الإنقاذ، وفشل في زيادة عدد الأشخاص الذين تم إنقاذهم إلى أقصى حد، وقام بمناورات خطيرة".
وأكد ناشطون حقوقيون، بأن "تعامل السلطات مع الحادث كان من ورائه الرغبة في دفع القارب إلى خارج المياه الإقليمية لليونان".
اليونان تصر على سياساتها المتشددة ضد اللاجئين
وفي مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) الشهر الماضي، أصر رئيس الوزراء اليوناني، كيرياكوس ميتسوتاكيس، على أنه من حق الدولة اعتراض القوارب قائلاً: "نحن نحقق في هذه الحادثة بالذات.. لدينا الحق في اعتراض القوارب في البحر وفي الوقت نفسه تشجيع هذه القوارب على العودة إلى الساحل من حيث غادرت".
وأضاف أن طاقم السفينة "رفض مرارا عروض المساعدة. لقد رفضوا أي مساعدة. وأرادوا الوصول إلى إيطاليا. وفي نهاية المطاف يجب أن نحاسب المهربين، وليس خفر السواحل الذي يحاول القيام بعمله".
وحتى اليوم، لم يحاكم تسعة مصريين مشتبه بهم متهمين بالإشراف على عملية التهريب والمحتجزين، منذ القبض عليهم في كالاماتا، باليونان.
بالنسبة إلى ليفتيريس باباغاناكيس، مدير المجلس اليوناني للاجئين، الذي يمثل معظم الناجين الذين يطالبون الآن بإجراء تحقيق في المأساة، فإن الوقت "أمر جوهري".
وقال لصحيفة الغارديان، "يجب محاسبة المسؤولين بعد كل حادثة غرق تحدث في اليونان"، مضيفا: "الناجون وأسر الضحايا، جميعهم يريدون العدالة. هلك الكثير من الناس. إنهم جميعاً يرقدون في قاع البحر، والشيء المفجع هو أننا لن نعرف أبداً من هم أو عددهم".