نظّم المئات من أهالي منطقة الأتارب بريف حلب الغربي، اليوم الإثنين، وقفة احتجاجية بهدف تسليط الضوء على سياسات تهميش "حكومة الإنقاذ" الواجهة الخدمية لـ"هيئة تحرير الشام" لجميع القطاعات الخدمية في المدينة والقرى التابعة لها.
وتجمع المحتجون في ساحة الحرية بمدينة الأتارب، ورفعوا لافتات ندّدت بسياسات حكومة الإنقاذ تجاه المدينة وأهلها، إذ كُتِب على بعض منها: "لا طاعة لمن لا تغنيه كرامة أهله - نطالب بتحسين وتنظيم واقع الخدمات العامة في منطقة الأتارب ودعمها - يجب إيقاف نزيف سحب المؤسسات مهما كانت الأسباب - من واجب من يتولى أمر هذه المنطقة القيام بأعمال خدمية واقتصادية تساعد على تثبيت إقامة الأهالي فيها".
وتأتي الوقفة بعد مضي ثلاثة أيام فقط على خروج مظاهرة عقب صلاة الجمعة من المدينة طالبت بإعادة الخدمات المسلوبة من المدينة، وإعادة الدوائر الحكومية التي نُقلت في معظمها إلى مراكز المدن في شمالي إدلب، إذ شارك في المظاهرة وقتئذٍ ما يزيد على 400 شخص من أهالي المدينة (مدنيين وناشطين).
أهداف الحملة ومتطلباتها
أُطلقت الحملة في العاشر من شهر آب الجاري، تحت وسم "لا لتهميش مدينة الأتارب" وتركزت مطالبها على إعادة المؤسسات الخدمية المسحوبة من المدينة إليها، وتشكيل لجان مجتمعية منتخبة أو متوافق عليها من شأنها تفعيل المشاركة المجتمعية، التي تعمل على تمثيلهم وإيصال أصواتهم والمشاركة في حل مشكلاتهم، بالإضافة إلى صياغة وإعادة تشكيل المجلس المحلي بمشاركة مجتمعية دون تفرد أو تعيين.
وطالبت الحملة بضرورة دعم "حكومة الإنقاذ" لصمود أهالي الأتارب بما يحقق نهضة وتعافي المدينة اقتصادياً واجتماعياً، بالإضافة إلى تعزيز مبادئ العدالة الاجتماعية والتضامن والشفافية في تقديم الخدمات فيها.
وحول آلية عملها، قال محمد جميل، وهو أحد ناشطي مدينة الأتارب، لموقع "تلفزيون سوريا" إن آليات عمل الحملة تتركز على النشر على وسائل التواصل الاجتماعي، والعمل على تنظيم وقفات احتجاجية، والحشد والمناصرة محلياً ووطنياً، وإيصال الرأي العام بقضايا الأتارب إلى وسائل الإعلام، وتشكيل لجنة تمثيلية عن الحملة.
وأوضح أن المدينة تشهد تهميشاً تدريجياً على كل المستويات الخدمية والحكومية من منذ عام 2019، بدأت بنقل أفرع الجامعات وانتهت بنقل آخر مركز تربوي إلى خارج البلدة مطلع الأسبوع الماضي.
شرارة الاحتجاج
بدوره، أكد الناشط الإعلامي وأحد المشاركين في الحملة، أحمد عبيد، على أن شرارة انطلاق الحملة جاءت عقب توقيع "حكومة الإنقاذ" على قرار سحب معهد إعداد المدرسين في الأتارب إلى مدينة الدانا شمالي إدلب، الأمر الذي دفع الأهالي للتعبير عن غضبهم إزاء نزيف سحب المؤسسات المستمر من المدينة، والذي بات وكأنه أشبه بحملة ممنهجة لإفراغ المدينة.
وأضاف عبيد في حديثه لموقع "تلفزيون سوريا" أن سياسة التهميش المتبعة من قبل الحكومة مستمرة منذ قرابة ثلاث سنوات، والتي بدأت بنقل فرع جامعة حلب الحرة من الأتارب إلى مدينة الدانا، ومن ثم نقل المجمع التربوي، وبعدها السجل العقاري ومديرية التربية ومديرية الأوقاف، وانتهاءً بنقل معهد إعداد المدرسين.
ولفت إلى أننا في الحملة نسعى إلى حثّ الحكومة ومطالبتها باستعادة المؤسسات إلى المدينة، بالإضافة إلى تنظيم وتطوير الخدمات وتحسينها.
وأشار إلى أن الخدمات التي تقدمها الحكومة للمدينة تتركز فقط على المشاريع الأساسية وهي "المياه، والصرف الصحي، والنظافة، والكهرباء" فقط، دون النظر إلى حال الطرقات وتوسيع الشبكات وأهمها الصرف الصحي والمياه وخاصّة أن المنطقة شهدت توسعاً عمرانياً كبيراً خلال السنوات الماضية، لافتاً إلى أنه حتى الخدمات التي ذكرناها مدعومة في معظمها من قبل منظمات إنسانية عاملة في المنطقة.
غياب الخدمات
من جهته، ذكر محمد شاكردي، وهو ناشط مدني وأحد المشاركين في الحملة لموقع "تلفزيون سوريا"، أن أهم الخدمات التي تفتقدها المدينة في الوقت الحالي، هي سوء الطرقات، بالإضافة إلى موضوع شبكات الصرف الصحي وشبكات المياه وشبكات الكهرباء، إذ لم تشهد هذه الشبكات أي توسع منذ عام 2011، مشيراً أن أغلب المنازل الموجودة على أطراف المدينة غير مخدمة بالمطلق، بالإضافة إلى موضوع غياب إنارة الطرقات ليلاً.
وبين أن المدينة لا يوجد بداخلها أي مركز حكومي يُخدم المدينة على أبسطها مركز تبصيم الهوية الصادر عن الحكومة، على الرغم من أن منطقة الأتارب تحوي ما يزيد على 200 ألف نسمة.
وتابع: "المدينة أيضاً تفتقد لأي مساحات آمنة للأطفال، إذ تغيب عن المدينة الحدائق بشكل تام، بالإضافة إلى غياب موضوع رش المبيدات الحشرية وخاصّة في فصل الصيف واشتداد درجات الحرارة التي من شأنها أن تطرد الحشرات، والتي تعود أساساً إلى مهام البلدية".
وخلال السنوات الماضية، كانت مدينة الأتارب التي تبعد عن مركز مدينة حلب (30 كم باتجاه الغرب) من أكثر المناطق في الشمال السوري التي شهدت مظاهرات واحتجاجات ضد هيئة تحرير الشام.