يواجه لاجئ سوري الموت في مستشفى بولندي، بعد سقوطه من جدار بارتفاع 5 أمتار على الحدود، خلال محاولته الفرار من بيلاروسيا بحثاً عن مكان آمن غربي أوروبا.
ونُقل "محمد" البالغ من العمر 58 عاماً، إلى مستشفى بولندي عقب سقوطه من الجدار في مدينة بياليستوك شرق بولندا، حيث دخل في غيبوبة منذ 7 نيسان الجاري، وفق ما أورد موقع "الجزيرة"، يوم الإثنين.
ويمتد الجدار الذي أقامته السلطات البولندية العام الماضي على طول 186 كيلومتراً، لمواجهة موجات اللجوء التي تستخدم أراضيها للعبور باتجاه غربي أوروبا.
"قد يموت اليوم أو غداً"
وقال "عبد الله" شقيق "محمد"، إن الأخير كُسرت ساقاه في حادثة السقوط، كما أصيب بجروح تعرضت لالتهابات وعدوى، ما أدى إلى مضاعفات مميتة، قد تضطرهم إلى بتر ساقه لمنع انتشار العدوى.
وأضاف، "لا أعتقد أنه لدينا فرصة، يمكن أن يموت اليوم أو غداً"، وبيّن "عبد الله" أن الطبيب المشرف على شقيقه أبلغه باحتمال تدهور الحالة.
وكان "محمد" قد خسر كل أملاكه خلال الحرب في سوريا، بما في ذلك منزله ومزرعتان، كما تعرض لمضايقات من قبل النظام السوري بسبب عمل أحد أقاربه في مجال الصحافة، بحسب "عبد الله"، الذي أشار إلى أن شقيقه اضطر لدفع 14 ألف دولار حتى استطاع الوصول إلى الحدود.
وتابع، "أريد فقط أن تتمكن زوجة أخي، الموجودة في لبنان، من رؤيته مرة أخيرة، أشعر بالحزن الشديد عليها، لا أعرف ماذا أقول لها".
ولم تعلق السفارة البولندية في سوريا، التي تمارس أعمالها من لبنان حالياً، إذا ما كانت ستمنح تأشيرة مؤقتة لزوجة "محمد" لتكون قربه.
تحقيق عوض المساعدة
وقالت ابنة "محمد"، المقيمة في ألمانيا، إن محنتها تفاقمت بسبب موظفي المستشفى البولنديين الذين تعاملوا معها بطريقة مريبة، متسائلين عن الطريقة التي وصل فيها "محمد" إلى بولندا، عوض مساعدة ابنته التي أصيبت بالصدمة من جراء رؤيته بهذه الحالة.
وزاد الوضع سوءاً، حين استدعى الطبيب شرطية تتحدث بالألمانية للتأكد من وثائق الابنة، قبل اتهامها بالتورط في تهريب البشر.
وبيّنت الابنة، أن تعامل الشرطة معها كان "عنصرياً بشكل واضح"، ما جعلها تشعر بـ"الخوف والصدمة"، لا سيما بعد أن قالت لها الشرطية "قد تكون هذه آخر مرة ترين فيها والدك".
وبررت متحدثة باسم حرس الحدود البولندي لـ"الجزيرة"، أن الشرطة حضرت إلى المستشفى للتأكد من أن الابنة من أفراد الأسرة، وللتحقق من وجودها القانوني في بولندا.
أزمة طالبي اللجوء على حدود بيلاروسيا
وبين نهاية العام 2021 وبداية العام 2022، شهدت الحدود البيلاروسية البولندية أزمة كبيرة، إثر احتشاد آلاف من طالبي اللجوء، بينهم سوريون وعراقيون وأفغان، أنفقوا مدخرات حياتهم في سبيل الفرار من الحروب في بلادهم نحو دول أوروبا الغربية.
واتهم الاتحاد الأوروبي حينذاك بيلاروسيا بافتعال الأزمة، واستخدام المهاجرين كسلاح ضد أوروبا، في حين أثبت تحقيق لمنصة "تأكد" تورط شركة طيران "أجنحة الشام" التابعة للنظام السوري بأزمة المهاجرين، وبتسهيل من السلطات البيلاروسية، لاستخدام طالبي اللجوء السوريين لأهداف سياسية.
ويتهم الاتحاد الأوروبي الرئيس البيلاروسي بتنسيق وصول هذه الموجة من المهاجرين واللاجئين إلى الجانب الشرقي من التكتل، وذلك رداً على العقوبات الأوروبية التي فرضت على بلاده بعد "القمع الوحشي" الذي مارسه نظامه بحق المعارضة.
وكانت منظمة العفو الدولية قد قالت إن طالبي اللجوء السوريين والعراقيين الذين يحاولون دخول الاتحاد الأوروبي من بيلاروسيا يواجهون عمليات صد وانتهاكات لحقوق الإنسان على الحدود البيلاروسية - البولندية؛ كالتعذيب أو غيره من ضروب سوء المعاملة والظروف غير الإنسانية والابتزاز وغيرها من الانتهاكات.
ويسافر طالبو اللجوء إلى بيلاروسيا أولاً، ثم يتابعون طريقهم بعد ذلك عبر ليتوانيا وبولندا في اتجاه الغرب، وغالباً ما يستعينون بمهربين لإيصالهم إلى ألمانيا وباقي دول الاتحاد الأوروبي.