ما تزال تداعيات قرار الإنتربول الأخير الذي سمح لنظام الأسد بالولوج إلى نظام بياناته تلقي بظلالها على حياة اللاجئين السوريين الذين بات بعضهم يتخوف من التنقل بين دول العالم لا سيما الدول العربية، بينما قلل ناشط حقوقي سوري بارز من أهمية القرار واصفاً ترويج النظام له بـ"البروباغندا" لكي يُشعر السوريين بأنه "انتصر".
موقع تلفزيون سوريا تواصل مع عدد من اللاجئين السوريين الذي عبروا عن مخاوفهم من عواقب عودة نظام الأسد للإنتربول، معتبرين أنه يستطيع تلفيق تهم الإرهاب لهم وثم ملاحقاتهم عبر الإنتربول.
ويقول اللاجئ السوري المقيم قرب مدينة روتردام الهولندية (يوسف أ) لموقع تلفزيون سوريا: "أنا انشققت عن جيش النظام في عام 2015 لم أرد أن أقاتل ضد شعبي (..) وعندما سنحت لي الفرصة هربت إلى تركيا ثم إلى هولندا"، مضيفاً: "أنا أخشى أن يتهمني النظام بالإرهاب ويصدر مذكرة اعتقال للإنتربول بحقي في المستقبل ولا أدري".
أما السوري (زهير ح) المنحدر من مدينة حمص فيقول لموقع تلفزيون سوريا: "أنا من حي باب السباع في حمص هربت من سوريا في بداية الثورة خوفاً من الاعتقال بعد أن رفضت الالتحاق بجيش النظام"، مشيراً إلى أنه لا يعلم إذا كان أحد جيرانه من موالي النظام قد كتب تقريراً لمخابرات النظام أم لا.
وأضاف زهير الذي يقيم في مدينة دلفت الهولندية "قرار الإنتربول غريب جداً ومخيف ورغم أني أحمل الجنسية الهولندية إلا أنني أخاف أن أسافر إلى بعض الدول العربية كلبنان أو العراق، فربما يكون اسمي على قوائم الإنتربول".
أما اللاجئ السوري (علي ع) المقيم في مدينة يوتوبوري بالسويد فقال لتلفزيون سوريا إنه لا يخاف التنقل بين الدول الأوروبية لأنها دول قانون لكنه يتخوف من السفر إلى لبنان أو الأردن أو الإمارات أومصر لأنه كان ناشطاً في المظاهرات ومطلوباً لـ"الخدمة الإلزامية" لدى قوات النظام، مشيراً إلى أنه بات يخشى من السفر إلى تلك الدول العربية خصوصاً تلك الدول التي تربطها بالنظام علاقات.
لا أهمية للقرار
من جانبه، قلل المحامي والناشط الحقوقي السوري أنور البني من خطورة قرار الإنتربول وتأثيره على وضع اللاجئين السوريين في دول اللجوء.
وقال البني في تصريح لموقع تلفزيون سوريا إن "قرار الإنتربول لا يؤثر على وضع اللاجئين السوريين"، مضيفاً أن الإنتربول هو منظمة للتنسيق بين الدول ولا تملك قوة تنفيذية أو عناصر تقوم بتوقيف أي شخص".
وأضاف الناشط السوري أن الإنتربول هو منظمة تشارك المعلومات بين الدول بحيث ترسل كل دولة قائمة بأسماء المطلوبين لديها ويقوم الإنتربول بوضع تلك الأسماء على قاعدة بياناته"، مشيراً إلى أن أي دولة تدخل إلى قاعدة البيانات ستعرف أسماء المطلوبين لكل دولة".
وأشار البني إلى أن "قرار التسليم يعود إلى كل دولة فهي تستطيع تسليم المطلوبين أو رفض ذلك"، مشدداً على أن "الإنتربول ليس لديه قوة لتسليم أحد".
وأكد البني الناشط السوري أن "القرار لم يحدث نقلة نوعية للنظام (..) وفي الأساس سوريا لم تفقد عضويتها في الإنتربول أبداً"، لافتاً إلى أنه "مرت فترة كان يتعامل فيها الإنتربول ببرودة شديدة تجاه النشرات الحمراء بقائمة المطلوبين التي تقدمها سوريا".
قواعد الإنتربول
وأشار المحامي السوري إلى أن الإنتربول لديه قواعد أساسية للتعامل مع تلك النشرات بحيث تكون تلك النشرات ليس لها علاقة بالقضايا السياسية أو الدينية أو العرقية"، لافتاً إلى أنه "لا يكفي أن تقول الدولة أن هذا الشخص مطلوب لدينا فيجب أن يتضمن الملف معلومات على أي أساس هذا الشخص مطلوب وما هي الدعوى المحركة بحقه وهل صدر قرار حكم نهائي بحقه وما هي التهم؟".
وقال البني إن "الإنتربول يتجاهل أي طلب اعتقال يكون له علاقة بالسياسة أو الدين أو حرية الرأي أو القومية"، مشيراً إلى أنه "لا يعمم مثل تلك الطلبات على باقي الدول".
وجدد البني التأكيد على أن "لا أهمية لقرار الإنتربول (..) ولا أعرف لماذا أعطته الناس كل هذه الاهتمام"، لافتاً إلى "الدول لا تستطيع أن تأمر الإنتربول".
وعن مخاوف اللاجئين السوريين الناشطين من الاعتقال في بعض الدول العربية كلبنان أو مصر أو الإمارات بحال أصدر النظام مذكرات اعتقال بحقهم، قال إن "دولاً كمصر والعراق ولبنان والإمارات ليست دولاً آمنة كثيراً للناشطين المعارضين أو المنشقين"، مشيراً إلى أن "النظام ليس بحاجة للإنتربول إذا أراد اعتقال أحد في تلك الدول فهو يستطيع إرسال قوائم المطلوبين بهم بشكل مباشر (..) والنظام بحال أراد أن يتعاون مع تلك الدول فإنه ليس بحاجة للإنتربول"، مشيراً إلى أن علاقة النظام مع الأنظمة التي تشبهه لم تنقطع في الأساس.
وأضاف إنه "بإمكان النظام في حال كان أحد المطلوبين له مثلا موجودا في مصر أن يرسل مذكرة اعتقال باسمه ويطلب من السلطات المصرية اعتقاله وتسليمه لكن حتى السلطات المصرية لن تسلمه دون إجراءات تسليم وهذا يحتاج إلى قرار قضائي لتسليمه"، لكنه أشار إلى أن "حزب الله في لبنان يسلم أي شخص يطلبه النظام دون أي قرار قضائي".
فسـاد وبروباغندا
وعن "منطقية" قرار الإنتربول رغم أن أهم شخصية أمنية في سوريا وهي علي مملوك رئيس الأمن الوطني مطلوبة على قوائمه، اتهم البني المنظمة بالفساد وقال إن "منظمة الإنتربول فيها فساد مثل أي منظمة في العالم"، مشيراً إلى أنه "إذا كانت منظمات الأمم المتحدة فيها فساد فكيف سيكون حال الإنتربول".
ووصف الناشط الحقوقي السوري ترويج النظام لقرار الإنتربول بأنه "عبارة عن بروباغندا من قبل النظام تزامنت مع الاتصال بين ملك الأردن عبد الله الثاني ورئيس النظام بشار الأسد إضافة إلى لقاء وزير خارجيته فيصل المقداد مع نظيره المصري سامح شكري في نيويورك".
وأشار البني إلى أن "النظام يحاول أن يكسر السوريين ويهزمهم لكي يشعروا باليأس والقول بأنه انتصر وأن الجميع يسعى لخطب وده"، مجدداً تأكيده بأن "القرار ليس له أي قيمة"، واصفاً إياه بأنه كـ"الغبار الذي ينثر في الهواء ولا يوثر إلا على العيون".
ويعد الإنتربول أكبر منظمة دولية لمكافحة الجرائم وتضم 194 دولة عضو، يُسمح لها بالوصول لقاعدة البيانات وشبكة الاتصال الخاصة بها.