هدمت قوات الأمن اللبنانية قرابة 17 مسكنا للاجئين السوريين في مخيم "قب الياس" التابع لقضاء زحلة في محافظة البقاع، بحسب مصادر من داخل المخيم لموقع تلفزيون سوريا، مشرّدة أكثر 200 لاجئ غالبهم من الأطفال والنساء.
يقول المتضررون إنّ أطفالهم ونساءهم باتوا ثلاث ليال في العراء حتى أنّ أحد الأطفال تعرض لمهاجمة كلاب شاردة، وكان سيقتل لولا أنّ أقاربه استفاقوا على الأصوات، وكل هذا نتيجة سياسة لبنان الرامية إلى الضغط على اللاجئين السوريين لإجبارهم على العودة.
حجج واهية
جرت العادة أن يستأجر اللاجئون أراضي من مالكيها لنصب خيامهم عليها، وتتراوح قيمة أجرة الأرض من 500 – 1000 دولار سنويا للخيمة الواحدة.
يقول أبو رحيل وهو أحد المتضررين خلال حديث لموقع تلفزيون سوريا، إنّ "قوات الأمن اللبنانية دهمت المخيم يوم الخميس الماضي، برفقة جرافات وأزالت أكثر من 17 خيمة بحجة أنّ أصحابها لم يدفعوا أجور الأرض لمالكها، من دون أن تبرز أي حكم قضائي بإزالة الخيام".
ويضيف أنّ سكان الخيام طلبوا من الأمن اللبناني الانتظار حتى يراجعوا الأمم المتحدة على اعتبارهم دفعوا كامل المستحقات لمالك الأرض وهم تحت حماية الأمم المتحدة، لكن طلبهم قوبل بالرفض.
قرار سياسي وصمت أممي
لا يرى المتضررون في مخيم "قب الياس" أي سبب مقنع لهدم خيامهم، فهم مسجلون رسميا على لوائح الأمم المتحدة ويحملون وثائق رسمية يثبت ذلك، ولديهم ما يثبت أنّهم يدفعون المستحقات لمالك الأرض أيضا، فما السبب وراء ذلك.
يرى أبو رحيل أنّ قرار إزالة الخيام هو قرار سياسي، فالحكومة اللبنانية تتحدث باستمرار عن خطة لإعادة 15 ألف لاجئ شهرياً إلى سوريا.
ويتابع أنّ التضييق على السوريين بدأ منذ إعلان الحكومة اللبنانية عزمها على إعادة اللاجئين بالاتفاق مع النظام السوري، إلا أن وثائق الأمم المتحدة تعيق إعادتهم قسريا بشكل جماعي، لذلك يحاولون التضييق على اللاجئين بشتى الطرق.
ويضيف أنّ المتضررين راجعوا مكتب الأمم المتحدة وعلى الرغم من مسؤولية الأمم المتحدة تجاههم إلا أنّ موظف المكتب أخبرهم بعدم إمكانية القيام بأي إجراء حيال تأمين مساكن لهم، أو منع هدم خيامهم.
عودة إلى الموت
يعاني اللاجئون السوريون في لبنان ضغوطا كبيرة وصلت إلى حد التضييق عليهم في لقمة عيشهم، وهذا ما انعكس على استقرارهم اقتصاديا وصعوبة تأمين لقمة العيش، إلا أنّهم يفضلون البقاء تحت هذه الضغوط على العودة إلى سوريا، فمن لا تنتظرهم فروع الأمن السوري المختلفة، ينتظرهم السوق إلى التجنيد الإلزامي، ولذا فالمخاطر محدقة بهم من كل حدب وصوب.
يقول إبراهيم لموقع تلفزيون سوريا، وهو أحد أصحاب الخيام التي أزيلت يوم الخميس الماضي، إنّه خرج من سوريا إلى لبنان قبل 8 سنوات وكان يبلغ من العمر 14 عاما والآن يبلغ من العمر 22 عاما، وهذا يعني أنهم مكلف بالخدمة الإلزامية، وهذا لا ينطبق عليه كحالة خاصة وإنّما حال الكثير من اللاجئين السوريين، هذا فضلا عن قضايا أمنية سيتعرض لها لاجئون آخرون، أقلها عبور الحدود بطرق غير شرعية إن لم يكن هناك قضايا كبرى مثل الإرهاب وغيرها.
رأي قانوني
يقول المحامي المتخصص بشؤون اللاجئين السوريين في لبنان، طارق شندب إنّ قرار إزالة المخيمات والذي شهدنا حالات مماثلة له سابقا هو قرار سياسي في البلد توجه الحكومة والفريق المسيطر على الحكومة وهو فريق ميشال عون، والآن كل الحكومة اللبنانية بما فيها رئيس الحكومة تتوجه نحو إجبار اللاجئين للعودة، وهذا ما صرحوا به بشكل علني في مؤتمرات دولية وأمام الرأي العام الدولي نتيجة للضغط السياسي الذي تمارسه بعض الطبقات السياسية التابعة للنظام السوري وحزب الله في لبنان، وبالتالي الحكومة اتخذت هذا القرار وبدأت خطوات هذا القرار التي نراها اليوم ورأيناها سابقا.
ويلفت إلى أن هذا القرار يتعارض مع القانون الدولي ومع التزام لبنان بتنفيذه وحماية اللاجئين، لكن لبنان تخالفه فالعودة إلى نظام الأسد التي صرح مسؤولي الأمم المتحدة إنها لا تأتلف مع القانون الدولي، ويجب أن تكون العودة طوعية، وشروط العودة غير متوفرة الآن. وهذا أمر يعرض لبنان إلى الكثير من السلبيات مع المجتمع الدولي.
ويرى أنّ الحكومة اللبنانية كان يمكن أن تكون أكثر حضارية وأكثر قانونية وتلجأ إلى المحاكم التي هي صاحبة الاختصاص بالنظر في أي قضية بين مواطن وآخر أو مواطن ولاجئ، لا أن تجلب القوات العسكرية والأمنية وتهدم المخيمات بحجة عدم تجديد عقد الإيجار أو عدم الدفع، وهذا أمر تشوبه علامات استفهام.
ويضيف أن اللاجئين السوريين في لبنان أصبحوا بين مطرقة الحكومة اللبنانية وسندان النظام السوري وهذا نتيجة تآمر الحكومات عليهم وعجز الأمم المتحدة، وتلك المخالفات القانونية يمكن أن يترتب عليها عقوبات على الدولة اللبنانية، ولم يعد أمام السوريين من حل سوى اللجوء إلى الإعلام لشرح مشكلاتهم، لأن تغطية الحكومة اللبنانية على إجرام الأسد أصبح واضحا للعيان ولو جرى ذلك في أي دولة متقدمة لرأينا استقالات وعقوبات ومحاكمات على مستويات عالية، ولكن للأسف لم يعد في لبنان أي احترام للقانون.
يذكر أنّ وزير المهجرين اللبناني عصام شرف الدين، قال في أكثر من مناسبة إن مجلس الوزراء اللبناني كلفه بالتواصل مع هيئات النظام السوري من أجل تطبيق خطة إعادة اللاجئين وسيزور دمشق لترتيب ذلك.