بين النفي والتأكيد وإلقاء اللوم على حكومة فلاديمير بوتين ووزارة دفاعه، استمرت المناقشات - وما زالت حتى الساعة- المناقشات بين عدد كبير من المرتزقة الروس، في غرف خاصة بهم على تطبيق "تليغرام" حول الأنباء التي تحدثت عن مقتل جنديين من القوات الجوية الروسية في البادية السورية، أمس السبت.
وزارة الدفاع الروسية لم تعلق حتى الآن على خبر أوردته وكالة "أعماق" التابعة لتنظيم "الدولة"، قالت فيه إن مقاتلي التنظيم تمكنوا من إفشال إنزال جوي لجنود روس في مدينة السخنة في البادية السورية وقتلوا اثنين من الجنود.
أعماق أوردت تفاصيل دقيقة حول الحادثة تكاد تكون وفق مراقبين، منطقية إذا ما تم النظر إلى كثافة وطبيعة الحملات العسكرية التي تشنها روسيا منذ أشهر في البادية السورية، والتي وثقتها وسائل إعلام رسمية عبر تسجيلات مصورة أظهرت مروحيات حربية روسية وهي تغطي للميليشيات الإيرانية وقوات نظام الأسد على الأرض عمليات التمشيط على امتداد البادية بحثا عن خلايا التنظيم، الذي أرهق عناصر النظام صعودا على الأرض من خلال الكمائن.
وفي هذا السياق، كان موقع تلفزيون سوريا قد حصل على معلومات مطلعة الشهر الحالي، تفيد باستعداد روسيا لشن عملية تمشيط واسعة في البادية السورية.
المعلومات تحدثت عن مشاركة طائرات مروحية روسية من نوع "Mi_8amtsh" لتقوم بعمليات استطلاع مكثفة في بادية حمص وصولا إلى بادية دير الزور.
وبناء على هذه الاستعدادت تلقّت ميليشيا "لوء القدس" أوامر من القوات الروسية برفع الجاهزية، تحضيرا لبدء عملية تمشيط واسعة في المنطقة.
حديث المرتزقة الروس يحمل أوجهاً ثلاثة
بالعودة إلى ما جرى من نقاش على لسان شريحة واسعة من مرتزقة روس قاتلوا في سوريا وغادروها وبعضهم ما زال فيها، ويشاركون عبر مجموعات للمحادثة على "تليغرام" أهم نشاطاتهم في البلدان التي قاتلوا فيها من بينها سوريا، فقد رصد موقع تلفزيون سوريا، عددا من تلك النقاشات التي أشارت بعضها إلى أن البيان الذي أعلنته "أعماق" منطقي ومن الممكن أن تكون الحادثة قد وقعت وأن الجنود الروس لم يكونوا يعلمون بوجود مقاتلين من التنظيم في تلك المنطقة حين هبطوا من الطائرة.
في حين توقع آخرون أن الحادثة قد تكون حصلت لكن الجنود لم يقتلوا، وأنهم تعرضوا فقط لإطلاق نار، لذلك لم يتم إعلان أي شيء رسمي من قبل وزارة الدفاع الروسية.
أما القسم الآخر، فقد شن انتقادا لاذعا للجيش الروسي وللسلطات الروسية بوصفها تستخدم المرتزقة ولا تعترف بهم ولا بـخدماتهم، في إشارة إلى احتمالية أن يكون القتلى من المرتزقة وليس من الجيش الروسي النظامي.
هكذا تتعامل روسيا مع قتلى جنودها ومرتزقتها
جرت العادة أن تعترف وزارة الدفاع لروسية بوقوع قتلى من جنودها أو ضباطها في حال حدث ذلك في معارك مع تنظيم "الدولة"، وهناك حوادث مشابهة كثيرة، كان آخرها في آب 2020 حين قُتل ضابط في ريف مدينة الميادين بمحافظة دير الزور إثر انفجار عبوة ناسفة أثناء عملية تمشيط كان يقوم بها مع ميليشيا "الدفاع الوطني".
وأظهر شريط مصور، نشر حينئذ، لحظة انفجار العبوة، واعترفت على الفور ميليشيا "الدفاع الوطني" بمقتل ستة من عناصرها بينهم قائد الميليشيا محمد تيسير الظاهر.
في حين انتظرت وزارة الدفاع الروسية عدة أيام كي تعلن مقتل لواء وإصابة ثلاثة من جنودها في الحادثة نفسها.
لكن في المقابل لا تعلن روسيا أو تفصح عن قتلى المرتزقة الذين يقاتلون إلى جانب قواتها وقوات نظام الأسد في سوريا، وحتى في دول أخرى كـ ليبيا وغيرها في أفريقيا، بل على العكس تنكر علاقتها بهم.