icon
التغطية الحية

كيف استطاع النظام السوري تغطية قيمة الحوالات ورفع قيمة الليرة في آن واحد؟

2024.06.15 | 06:15 دمشق

البنك التجاري السوري
البنك التجاري السوري في دمشق ـ AFP
دمشق ـ فتحي أبو سهيل
+A
حجم الخط
-A

يتساءل أغلب سكان العاصمة دمشق عن سبب ارتفاع أسعار الدخان والإلكترونيات ومستلزمات الطاقة الشمسية من ألواح وبطاريات وغيرها من السلع المستوردة خلال الأيام القليلة الماضية رغم ارتفاع قيمة صرف الليرة، كما يتساءل آخرون عن عدم قدرتهم على تصريف حوالاتهم الواردة بالدولار في السوق السوداء بسعر نشرات السوق السوداء، بل بأقل من ذلك.

كثيرة هي التساؤلات التي تدور مؤخراً في الأسواق السورية حول إجراءات اتخذها النظام في الخفاء وأصابت جميع التجار والعديد من المواطنين بإرباك. يؤكد تجار لموقع تلفزيون سوريا أن النظام علّق إجازات الاستيراد وتمويل المستوردات مؤخراً، مما أصاب السوق بنقص في البضائع ورفع من سعرها.

وأشار تجار أيضاً إلى تضييق الخناق عليهم عند السحب من ودائعهم في المصارف، ومع التعقيدات التي قيدت وصول التجار إلى أموالهم لممارسة أعمالهم اليومية، اضطر كثير منهم لدفع بعض الرشى إلى بعض السماسرة للتوسط وسحب الأموال لصالحهم.

ووفقاً لبعض التجار، فإن النظام أوقف منح القروض وتمويل المستثمرين خلال الفترة السابقة لعيد الأضحى، وهي مصدر مهم لليرة السورية في السوق.

الباحث الاقتصادي رازي مُحي الدين قال لصحيفة "البعث" الرسمية بداية العام الجاري، شارحاً دور هذه القروض في السوق السوداء: "تقييد عمليات تمويل رأس المال العامل وشبه توقف عمليات الاستثمار الحقيقي نتيجة تراجع القوة الشرائية الحاد، مع بقاء معدل الفائدة الحقيقي سالب على القروض، أفرز في اقتصاد الظل استثماراً جديداً وهو المضاربة على الليرة السورية بالاقتراض المصرفي، حيث يعتبر حالياً في السوق السورية أهم استثمار رابح (الاقتراض بالليرة السورية وتحويله إلى دولار)".

الواضح، بحسب من التقاهم موقع تلفزيون سوريا من تجار وعاملين في السوق السوداء، أن النظام يعمل جاهداً لحبس السيولة قدر الإمكان لتبقى في المصارف، ليستخدمها في تغطية قيمة الحوالات الواردة بالليرة السورية والاستفادة من القطع الأجنبي لصالح البنك المركزي بدلاً من السوق السوداء، محاولاً عدم زيادة المعروض في السوق والحفاظ على توازنه نوعاً ما.

ارتفعت نسبة الحوالات المالية الواردة إلى سوريا من السوريين في الخارج إلى ذويهم أو معارفهم في البلاد بمقدار 40%، بالتزامن مع اقتراب حلول عيد الأضحى. وأفاد مدير شركة "الفؤاد" في دمشق لتحويل الأموال، لموقع "أثر برس" المقرب من النظام، بأن نسبة الحوالات ارتفعت عن عيد الفطر الماضي بنحو 35% نظراً لارتفاع أسعار كل السلع وطبيعة الدخل التي لم تعد تتناسب مع الأسعار.

ونقل الموقع عن مصدر في شركة "العنكبوت" للصرافة، أن نسبة تحويل الأموال ارتفعت 40%، خاصة أن معظم العائلات باتت تعتمد على الحوالات المالية كي تؤمن احتياجاتها وتلبي طلباتها.

شراء الدولار بسعر أقل من النشرات

يؤكد عاملون في السوق السوداء أنهم غير قادرين على تأمين الكثير من قيمة الحوالات التي وردت بما يقابلها بالليرة السورية، ويضطرون إلى شراء الدولار بسعر أقل من النشرات لأنهم غير قادرين على تأمين السيولة، مما دفع أصحاب الحوالات في الخارج إما للتوجه نحو المصارف المرخصة أو الانتظار إلى ما بعد العيد للحصول على حوالاتهم.

وأشار العاملون في السوق السوداء إلى ما أكده التجار سابقاً، بأنهم يعانون كثيراً في تأمين الليرة السورية لعدم قدرة التجار الذين يتعاملون معهم عادةً على سحب مبالغ كافية من حساباتهم المصرفية وتعليق تمويل الاستثمارات.

كما أشار العاملون في السوق السوداء إلى أن شركات تعمل في الظل وتقدم خدمات لخارج سوريا، تأتيها واردات لقاء خدماتها عبر السوق السوداء شهرياً، ويقومون هم بتأمينها بالليرة السورية، لكن الصعوبة الأخيرة في تأمين قيمة هذه التحويلات أربكت تلك الشركات وانعكست سلباً على الموظفين لديها بعدم قدرتهم على قبض رواتبهم كاملة قبل عيد الأضحى.

يتطابق حديث العاملين في السوق السوداء والتجار بأن المنحة التي حصل عليها موظفو القطاع العام وعناصر جيش النظام كان من المفترض أن تساهم في زيادة الكتلة النقدية في الأسواق، وهذا بدوره يخفض من قيمة الليرة، لكن ما يحصل على أرض الواقع هو العكس، فقد تحسن سعر الليرة نتيجة حبس السيولة، لكن لأن تحسن الليرة ليس حقيقياً، فإن ذلك قابله ارتفاع في الأسعار، ما زاد من الضغط على السوريين.

ارتفع سعر صرف الليرة أمام الدولار في السوق السوداء، حيث وصل السعر على أرض الواقع عند التصريف إلى 14600 ليرة سورية، رغم أن السعر الأعلى الذي تصدّره نشرات السوق السوداء يصل إلى 14800 ليرة، والأدنى 14650 ليرة. سبب ذلك هو أن النظام خلق هذه المرة طلباً ضخماً على الليرة السورية بعدما اتخذ عدة إجراءات لحبس السيولة قبل عيد الأضحى.