كشف موقع "واللا" العبري، أن الرئيس الأميركي جو بايدن وقع على وثيقة جدد فيها التزام الولايات المتحدة بعدم الضغط على إسرائيل بشأن ترسانتها النووية، الوثيقة التي تحولت إلى عُرف دبلوماسي تقليدي يتم التوقيع عليها في مراسم اللقاء الأول لجميع الرؤساء الأميركيين مع رؤساء الحكومات الإسرائيلية منذ خمسة عقود.
ونقل الموقع الإخباري عن مسؤول إسرائيلي، لم يذكر اسمه، أن هذه الخطوة كانت إحدى نتائج زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى واشنطن الأسبوع الماضي، وتتضمن تعهد الإدارة الجديدة الالتزام بتفاهمات استراتيجية تم التوصل إليها منذ عقود مع إسرائيل حول برنامجها النووي.
الوثيقة التي وقع عليها بايدن هي تأكيد لاتفاق قديم، مكتوب وغير معلن، تلتزم من خلاله واشنطن بالتستر على برنامج تل أبيب النووي، وهذا الاتفاق حظي بدعم كل الرؤساء الأميركيين منذ عهد نيكسون، ويقضي بعدم الضغط على الإسرائيليين للانضمام إلى معاهد حظر انتشار الأسلحة النووية مقابل تعهدهم بعدم استخدام القنابل. بحسب موقع "تايمز أوف إسرائيل".
لم يصدر تعليق من البيت الأبيض أو من مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي على هذا التقرير.
واتفق الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينت، في اجتماعهما يوم الجمعة الماضي، على رؤية مشتركة لمواجهة النووي الإيراني، وتعهد بايدن بفرض "الخيارات الأخرى" ضد طهران في حال فشلت الطرق الدبلوماسية.
لم يحدد بيان البيت الأبيض، خلال تعليقه على القمة الأميركية الإسرائيلية، ما هي "الخيارات الأخرى"؟
وبينما تفرض واشنطن على كوريا الشمالية والهند وباكستان حظراً على امتلاك هذه الدول أسلحة نووية، إضافة للضغوط الكبيرة التي تمارس ضد إيران لوقف برنامجها النووي، يغض الطرف عن نشاطات إسرائيل النووية.
ومع قدوم الديمقراطيين إلى البيت الأبيض بقيادة بايدن تعالت الأصوات لوقف سياسة التستر التي مارستها جميع الإدارات الأميركية السابقة على الترسانة النووية الإسرائيلية.
وكانت 153 دولة طالبت في نهاية العام الماضي، عبر الجمعية العمومية للأمم المتحددة إسرائيل بالتخلي عن برنامجها النووي.
الاتفاق المكتوب.. التستر الأميركي
الوثيقة التي وقع عليها بايدن هي جزء من اتفاق مكتوب التزمت به جميع الإدارات الأميركية المتعاقبة منذ أكثر من 50 عاماً.
- في عام 1969 توصل الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون ورئيسة الوزراء الإسرائيلية آنذاك، غلودا مائير إلى اتفاق تتعهد به واشنطن بعدم الضغط على تل أبيب للانضمام إلى معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، مقابل أن تحافظ تل أبيب على السرية في نشاطاتها النووية والتزامها بعد التهديد باستخدام أسلحتها النووية، بحسب صحيفة "معاريف" الإسرائيلية.
- جدد الرؤساء الأميركيون فورد وكارتر وريغان وجورج بوش الأب التأكيد على التزامهم بغض الطرف عن النووي الإسرائيلي.
- في بداية التسعينيات، إسرائيل كانت تخشى تراجع إدارة بوش الأب عن احترام هذا الاتفاق الضمني، الذي كان لايزال تعهداً شفهياً، لا سيما بعد مساعي الولايات الأميركية في أعقاب حرب الخليج لإخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل.
- في عام 1998، تحول اتفاق التستر الأميركي على النووي الإسرائيلي إلى وثيقة مكتوبة في عهد بيل كلينتون بطلب من بنيامين نتنياهو، وكان كلينتون أول من وقع على وثيقة الاتفاق الذي يضمن لإسرائيل "الردع الإستراتيجي".
- في 1999، كرر كلينتون التوقيع مرة أخرى على الوثيقة، بعد تسلم إيهود باراك رئاسة الوزراء في إسرائيل.
- كما وقعت إدارتا جورج بوش الابن وباراك أوباما على الاتفاق، الذي أصبح روتينياً، إلا أن إعلان أوباما رفع شعار " عالم خال من الأسلحة النووية" أثار مخاوف تل أبيب.
- في 2017، ترددت إدارة ترامب بالتوقيع على هذه الوثيقة، وطلب البيت الأبيض التريث بعد الطلب المقدم من سفير إسرائيل لدى واشنطن، رون ديرمر، بحسب صحيفة “نيويورك بوست”، إلا أنه وقع عليها في نهاية المطاف.
فاعل "ديمونة" السري
ترفض إسرائيل التوقيع على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، وتنفي حيازتها سلاحاً نووياً، في ظل تقارير غربية تؤكد عمل تل أبيب على بناء برنامجها النووي في مفاعل "ديمونة" في صحراء النقب.
تعد الوثيقة التي وقعها جميع الرؤساء الأميركيين، اعترافاً من قبل واشنطن وتل أبيب على أن إسرائيل دولة نووية تحظى بغطاء أميركي.
ويعود إنشاء "مفاعل ديمونة" النووي، الذي تطلق عليه تل أبيب اسم "مركز الأبحاث النووية"، أهم منشأة نووية إسرائيلية، إلى عام 1957 بمساعدة فرنسا، وترفض إسرائيل السماح لمفتشي الوكالة الدولة للطاقة الذرية (IAEA) بفحص برنامجها النووي.
وتدعي تل أبيب التي تمارس التعتيم والسرية أن المفاعل مخصص للأبحاث الزراعية ولاستصلاح الأراضي الصحراوية، وهو عبارة عن منشأة مقامة في منطقة نائية محاطة بالأشجار العالية وسط تكثيف دوريات الحراسة.
وتصر إسرائيل على أن مفاعل "ديمونة" هو برنامج نووي لأغراض مدنية وعلمية، بينما تشير تقارير رسمية وغير رسمية، إلى أنَّ المفاعل ذو طابع عسكري، وتعتبر إسرائيل خامس دولة نووية والأولى في الشرق الأوسط.
وتشير التقارير إلى امتلاك الإسرائيليين رؤوسا نووية يمكن إطلاقها باستخدام صواريخ "أريحا" الإسرائيلية لمسافات تصل إلى 1500 كيلومتر، إضافة لـ 200 قنبلة نووية يمكن استخدامها في الغارات الجوية.
في عام 1986 كشف مردخاي فعنونو، أحد العاملين في مفاعل "ديمونة"، بالوثائق والصور أسرار السلاح النووي الإسرائيلي، الأمر الذي اعتبر فضيحة مدوية لإسرائيل وبرنامجها النووي.
يشار إلى أن إسرائيل تقود رأس الحربة، بالتنسيق مع واشنطن، في عملية إحباط البرنامج النووي الإيراني لضمان تفوقها العسكري والإستراتيجي في المنطقة، بناءً على الالتزام الأميركي الثابت في الحفاظ على "أمن إسرائيل".
كما أقدمت إسرائيل في 1981 على تدمير مفاعل "تموز" العراقي، وفي 2007 دمرت موقع "الكُبر" في ريف دير الزور شرقي سوريا، الذي يشتبه بأنه مفاعل نووي سوري.