icon
التغطية الحية

كفة المتطوعات السوريات في قطاع الصحة بتركيا ترجح على كفة الذكور

2024.04.29 | 18:23 دمشق

آخر تحديث: 30.04.2024 | 10:31 دمشق

432545
متطوعة في فريق ملهم التطوعي
إسطنبول - مزنة عكيدي
+A
حجم الخط
-A

تتباعد مهام طالب كلية الهندسة الكيميائية ومهام المترجم الطبي نظرياً، وتلتقي عملياً عند بانة السورية ذات الـ 22 عاماً التي ترتاد كلية الهندسة الكيميائية صباحاً، وتعمل طوعياً في أوقاتها المتاحة كمترجمة للمرضى القادمين من الشمال السوري، فهؤلاء المرضى هم " أهلها وناسها" كما قالت في حديثها لموقع تلفزيون سوريا.

دفعت المسؤولية الاجتماعية ببانة المقيمة في أضنة بالانضمام لأحد الفرق التطوعية لتقديم خدمة الترجمة للمرضى السوريين القادمين إلى تركيا، بعد أن كانت تراقب وتسمع عن معاناة الناس و تأخير علاجهم بسبب صعوبات التواصل واللغة.

ملاءمةً للاحتياجات التي خلفتها الحرب وظروف الهجرة، تشكلت في تركيا فرق تطوعية أخذت الطابع المؤسساتي، أو مبادرات فردية لعبت دوراً حاسماً في تلبية تلك الاحتياجات بكل مجالاتها ومستوياتها منها تقديم الرعاية في القطاع الطبي للسوريين القادمين من الشمال السوري وفي الحالتين كانت للنساء مشاركة فعالة رجحت على كفة الذكور.

مع ذلك تسود الأعراف العالمية ببديهية ذهاب المرأة للعمل التطوعي "نظراً لقلة مسؤولياتها مقارنة بالذكور" على الرغم من تعدد الالتزامات والواجبات المطلوبة منها.

التطوع بمبادرات فردية

على الرغم من المسؤولية المترتبة على العمل في هذا المجال لم تتردد بانة التي لطالما رغبت بالتطوع في مجال الترجمة للمرضى السوريين بالتقدم للشاغر بعد أن أخبرتها صديقتها بأن فريقهم التطوعي يبحث عن مترجمين طبيين، خصوصاً أن طبيعة العمل لا تتطلب تفرغاً كاملاً منها وتستطيع القيام به مع دراستها في الجامعة.

ولا تقتصر النشاطات التطوعية فقط على تلك المنفذة من قبل المنظمات، فتقول بانة إنه من الصعب تقدير أعداد العاملين طوعياً في الدعم الصحي فوفقاً لتجربتها يوجد الكثير من الأشخاص المتطوعين فردياً يسارعون في الترجمة الطبية وتأمين الأدوية ونقل المرضى بسياراتهم الخاصة وأحياناً مرافقة المرضى، دون انضمامهم لمؤسسة معينة أو تبعيتهم لمؤسسة ما.

كحال سلمى العشرينية المتخرجة من كلية القبالة التي شاهدت منشوراً على إحدى مجموعات الفيس بوك يبحث عن متطوعة لمصاحبة طفل مصاب بالسرطان دخل المشافي التركية دون مرافق، فتطوعت هي لدعمه ورعايته كما وضحت في حديثها لموقع تلفزيون سوريا.

تلخص سلمى تجربتها في مرافقة الطفل "بالرائعة"، فتقول إن مراعاتها لمشاعر المريض واستماعها لمعاناته وقصصه عكست على الطفل شعور الراحة والأمان اللذين كان يفتقدهما بغياب ذويه، وتضيف أن المشاعر الإيجابية التي وصلتها من خلال هذه التجربة وامتنان الطفل لها يدفعونها لتكراها دون تردد في حال سمعت عن حاجة طفل مريض آخر لمرافق.

وفقاً لبحث "ممارسات العمل التطوعي في القرن الواحد والعشرين" الذي شاركه موقع متطوعي الأمم المتحدة، فإن ممارسات العمل التطوعي تتغير استجابة لأنماط وتحديات اجتماعية كالظروف الإنسانية المتغيرة والطارئة وغالباً يكون الناجون من الأزمات هم أول المستجيبين، وتشير الدراسة التي أجريت عام 2020 إلى أن هناك اعترافا عالميا بمساهمة العمل التطوّعي غير الرسمي وأنشطة المساعدة الشخصية، حيث جرى تنفيذ 70 % من العمل التطوعي حول العالم بشكل غير رسمي من قبل أفراد غير منتسبين لأي منظمة أوجهة رسمية.

2345345

المتطوعون أكثر من الموظفين

تزيد عدم كفاية تمويل العمل الإنساني من أهمية العمل التطوعي، ففي حديثه إلى موقع تلفزيون سوريا يقول محمد عثمان مدير قسم الحالات الطبية في فريق ملهم التطوعي إن فريقهم يعتمد بشكل كبير على جهود المتطوعين الذين يبلغ عددهم 255 متطوعاً ومتطوعة ويزيد على عدد الموظفين في المنظمة.

فتحول محدودية التمويل بين المؤسسات وإمكانية زيادة عدد الموظفين، لذلك يسهم المتطوعون المشركون بجميع مراحل الاستجابة وعلى كل مستوياتها مساهمة محورية وأساسية في عمل الفريق

ويضيف محمد عثمان أن المنفعة تكون متبادلة بينهم وبين المتطوع الذي يحصل بدايةً على التدريبات اللازمة لعمله ويحظى لاحقاً بالخبرة الكافية في مجال تطوعه، ما تتيح له فرصاً ويفتح له آفاقاً في حياته المهنية.

محمد عثمان مدير قسم قسم الحالات الطبية في فريق ملهم التطوعي
محمد عثمان مدير قسم قسم الحالات الطبية في فريق ملهم التطوعي

الإناث سباقات في التطوع

تواكب المرأة ركب التنمية المجتمعية وتسبق الرجال في العمل التطوعي، فوفقاً لتجربة فريق ملهم يقول محمد عثمان إنه لطالما كانت الإناث أكثر إقبالاً على التطوع، ويعمل فريقهم حالياً مع 158 متطوعة مقابل 97 متطوعاً أي نسبة 62% للإناث أمام نسبة 32% للذكور .

وعالمياً وفقاً لبحث "ممارسات العمل التطوعي في القرن الواحد والعشرين" تؤيد الدراسات دور النساء التطوعي الغالب لدور الرجال، حيث نظر باحثون في الرابط بين النوع الاجتماعي والعمل التطوّعي، وخلصوا إلى أن 57% من العمل التطوعي في العالم تقوم به النساء كما تجد دراسة أخرى عبر البلدان أن غالبية النساء يتطوّعن في الخدمات الاجتماعية والصحية.

التقليل من شأن تطوع الإناث

بالرغم من مساهمتهن الفعالة في العمل التطوعي تنظر المنظمات على نحو مجحف إلى نشاط النساء، فيسود الحكم أن "لديهن وقتا غير محدود للمشاركة في الأنشطة المجتمعية" بحسب"دراسة ممارسات العمل التطوعي في القرن الواحد والعشرين" التي تدحض بدورها صحة هذا الاعتقاد.

فعلى النقيض، تقول سلمى إن النساء في مجتمعاتنا يعانين من الضغط في الوقت خصوصاً بعدما زادت الأعباء عليهن في الزمن الحالي فإلى جانب واجبات العناية الشخصية والرعاية المنزلية والالتزامات العائلية تتكبد النساء مسؤوليات الدراسة والعمل.

 وهذا ما تؤيده الدراسة التي تؤكد على أن النساء يكافحن من أجل تحقيق التوازن بين العمل التطوّعي والأدوار الأخرى، كما تضيف الدراسة إلى أن عدم الاعتراف بمساهمة المرأة يجعلها تشعر بعدم التقدير والحرمان.

التكنولوجيا والأدوار الجديدة في التطوع

على عكس ما يوحي مسماها لا تنحصر "مهام التطوع في القطاع الصحي" بتقديم خدمات الطبابة فقط، فيقول محمد عثمان إن دور المتطوعين في القطاع الصحي في منظمتهم -التي تتكفل بعلاج بعض الحالات غير القادرة على توفير العلاج- يشمل التواصل مع الحالة، زيارة الحالة، ملء الاستمارات وجمع البيانات، تقييم الحالة، التواصل مع المتقدمين، إعداد المحتوى لنشر تفاصيل الحالة وجمع التبرعات لتأمينها، البحث عن مزودي خدمات طبية وعروض، مرافقة بعض المرضى في رحلة العلاج، توفير الترجمة عند الحاجة، وخدمات أخرى، وبذلك تكون أغلب المهام قابلة للتنفيذ عن بعد.

وحتى في حالات الترجمة تقول بانة إنها وزملاءها يحاولون بعض الأحيان حل الأمور المستعجلة أو الطارئة من خلال الترجمة عبر الهاتف، ما يسهل الانخراط في العمل التطوعي.

يشير تقرير موقع متطوعي الأمم المتحدة إلى أن الانتشار السريع للتكنولوجيات الجديدة والاتصال عبر شبكة الإنترنت أدى إلى تنويع مشاركة المتطوّعين وتسهيل وصول بعض الأفراد إلى فرص العمل التطوّعي.

23452345

يشير الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في مادته الـ ٢٥ إلى حق الصحة من خلال الاعتراف بحق كل شخص في مستوى معيشة يكفي لضمان الصحة والعناية الطبية له ولأسرته ويعزز الوصول إلى هذا الحق المادة ٢٩ من نفس الإعلان التي تؤكد على واجبات كل فرد إزاء الجماعة.

وبذلك يكون العمل تطوعي واجباً على الفرد لتسهيل وصول الجماعة إلى حقوقهم الأساسية، ما يتطلب توفير البيئات المناسبة والمحفزة على الانخراط بالعمل التطوي بدءاً من التزويد بالتكنولوجيا الحديثة المسهلة للتطوع وانتهاء بالاعتراف بجهود جميع الجهات الفاعلة دون تمييز.

تم إنتاج هذه المادة بدعم من منظمة "JHR - صحفيون من أجل الإنسان".