icon
التغطية الحية

كفالة الأيتام في سوريا.. عائلات تفتح بيوتها لأطفال ضيعتهم الحرب

2024.07.11 | 16:31 دمشق

زلزال اللاذقية
طفل ورجل في جبلة يراقبان إزالة ركام مبنى دمره زلزال شباط ـ AFP
اللاذقية ـ علي أحمد
+A
حجم الخط
-A

تمد عائلات سورية "جسور محبة" فوق آثار الحرب والزلزال المدمر الذي ضرب البلاد في شباط 2023، من خلال كفالة الأطفال الأيتام وتربيتهم ليكونوا عائلات بديلة، رغم ما تمر به البلاد من أزمات اقتصادية وأمنية تركت ملامحها على جميع السوريين. وكانت محافظة اللاذقية على الساحل السوري إحدى المناطق الأكثر تضررا بالزلزال.

وبحسب تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة يونيسيف، فإن 3.7 ملايين طفل في سوريا يحتاجون إلى مساعدة إنسانية مستمرة، عقب الزلزال ونتيجة للحرب المستمرة منذ سنوات.

"حرمت من الأطفال ولن أعيش الحرمان مجدداً"

"لم أشعر يوماً بأنه ليس ابني، أحسه قطعة من لحمي ودمي، أبكي عندما أشعر بالتقصير تجاهه، وألوم نفسي إن قصرت بحقه".

بهذه الكلمات يحدثنا ماجد الرجل الستيني عن ابنه، أو ابنه المتبنى. فلم يُرزق ماجد بأطفال، وفشلت كل المحاولات أن تمنحه طفلاً يسعده. فما كان منه إلا أن قصد دار الأيتام ليكفل طفلاً يؤنسه هو وزوجته ويعطيانه كل ما يقدران عليه من حب وحنان ورعاية واهتمام. اختار ماجد وزوجته رضيعاً ليشعرا شعور كل أب وأم، وما إن مضت الشهور الأولى السعيدة حتى اكتشفوا إصابة هذا الطفل بمرض (التلاسيميا)، فلم يتخلوا عن الطفل بل قبلوا بمشيئة الله وأكملوا تربيته ورعايته، كما يقولون لموقع تلفزيون سوريا.

المؤسف أن مريض التلاسيميا يقضي حياته يعاني من المرض ويحتاج إلى استشفاءات متكررة في المشافي إضافة إلى فقر الدم الذي يحتاجون على إثره لنقل دم بشكل متكرر وما يرافقه من مشكلات وحاجة إلى الأدوية والعلاجات واللقاحات وكل هذا مكلف ويستنزف طاقة ذوي المريض.

لا يتوانى ماجد عن تقديم كل ما يلزم لابنه ليساعده ويجعله يعيش حياة أقرب للطبيعي مثله مثل بقية أقرانه، من دون أن ينقصه شيء. اضطر ماجد إلى بيع كثير من ممتلكاته ليؤمن مستلزمات هذا الطفل، حتى أنه باع بعض أغراض منزله ليؤمن مرة ثمن لقاحات لطفله. "قد يكون الله حرمني من نعمة الإنجاب، ولكنه عوضني بهذا الصبي ليختبر صبري وإيماني وكل خوفي ألا أكون أهلاً لهذا الحمل". يضيف ماجد لموقع تلفزيون سوريا.

تخبرنا  الطبيبة المسؤولة عن مراقبة وضع ابن ماجد أنها دهشت من الإنسانية التي يحملها ماجد في قلبه، وطريقة تعامله مع طفله المتبنى، وتضيف "حتى أننا لم نفكر ولو للحظة أنه طفل متبنى.. أحياناً يخفي ماجد دموعه عندما لا نتمكن من تأمين الدم لابنه ولكننا قطعنا وعداً على أنفسنا في القسم ألا نجعله يبكي مرة أخرى".

أكثر من أهل

تعلم سناء (طلبت عدم ذكر اسمها كاملاً) منذ لحظة زواجها أنها ستربي أطفال زوجها، وأنها ستعاني كثيراً في حياتها، لكنها قبلت التحدي وتحملت كامل المسؤولية. فحاولت قدر الإمكان التعامل مع أبناء زوجها وكأنهم أبناؤها، وعمدت كل الوقت أن تشعرهم بجو من الألفة وحنان الأم. وما ساعدها بحسب قولها أن "الله رزقها بطفل فربته معهم وأشركتهم في تربيته، ليشعروا أنه شقيقهم".

وتوضح لموقع تلفزيون سوريا أنه "ليس من الصعب أن تدخل منزلاً يحوي ثلاثة أطفال ليسوا أطفالك، ووالدتهم ما زالت على قيد الحياة، مغامرة محفوفة بالمخاطر". تزوجت سناء من رجل مطلق ولديه ثلاثة أطفال يعيشون معه، المشكلة كانت إصابتهم بفقر الدم المنجلي وهو ما جعل حياتهم صعبة، وحياة سناء أصعب، على حد تعبيرها.

لم تتوان سناء للحظة عن خدمة أطفال زوجها ورعايتهم رغم كل الصعوبات، حتى رغم ولادتها لطفل فإنها اعتبرتهم بمنزلة أطفالها ولم تبخل بمشاعرها وعاطفتها نحوهم. تترك سناء أحياناً طفلها الرضيع عند والدتها وتبقى في المشفى عند أطفال زوجها في حال مرضهم ودخولهم المشفى أو عند ذهابهم لنقل الدم المتكرر الذي يحتاجون إليه. تشعر سناء بحسب قولها أن هذا قدرها وأنها بعثت لهؤلاء الأطفال لتعوضهم عن حرمانهم في هذه الحياة.

"جسر حب" فوق الدمار في سوريا

زين، شاب (15) عاماً خسر أهله في زلزال شباط ولم يبق له أحد، ونتيجة للزلزال تعرض لعدة كسور واحتاج لعمليات متعددة ليستطيع أن يبقى على قيد الحياة. عندما استقر زين واستوعب واقعه الجديد، وجد نفسه وحيداً في هذا العالم من دون عائلة وإخوة، ومن دون منزل يعود إليه، كل أحلامه ذهبت وكل طموحاته تبخرت، ولم يبق لديه سوى أمله بالله أن يعثر عليه أحد أقربائه ويساعدوه، كما يقول.

تكفل بـ زين عدد من الجمعيات الخيرية، وساعدوا بتغطية تكاليف العمليات الجراحية والأدوية، وتبرع جاره وصديقه بمساعدته وملازمته طوال فترة علاجه. لم يتركه جيرانه ألبتة وخاصة صديقه، وحاولت عائلة صديقه احتواءه والبقاء بجانبه ريثما تتحسن حالته ويصبح قادراً على خدمة نفسه.

يقول صديق زين إنه لن يتركه، وإن عائلته ستربي زين كفرد من أفرادها في حال لم يتبين له أي قريب.

ويعلق زين على ذلك قائلاً: "جميل أن يساعدك كل الناس ولكن ستكون فترة مؤقتة وبعدها سيعود كل شخص لحياته، وسأصبح عالة عليهم، أتمنى رد الجميل للجميع عندما أقدر، وأتمنى أن يعوضني الله خسارة عائلتي".