تسعى السيدة مروة عوض إلى تأهيل وتعليم أطفال سوريين أصيبوا بالحرب، من خلال مركز افتتحته وأطلقت عليه اسم (خطوة أمل)، استقبلت فيه أطفالاً من ذوي الاحتياجات الخاصة ومصابين في الحرب وأطفال يعانون إعاقات مختلفة.
وتؤكد مديرة المركز لموقع تلفزيون سوريا أن المركز التعليمي يقدم كل خدماته تطوعياً، وأضافت "يستهدف مركزنا بالدرجة الأولى الأطفال فاقدي الأطراف سواء أكان تشوّها خلقيا أو إصابات حربية، إضافة إلى أطفال الضمور الدماغي والشلل الشوكي والأطفال الأيتام، ونعمل مع الأطفال على برامج تعليمية وتأهيلية، نقوم بتعليم اللغة التركية والإنجليزية كمحادثات، إضافة إلى الحاسوب والتعليم التقني".
ويقول ممثل اليونيسيف في سوريا، بو فيكتور نيلوند في تقرير صدر عام 2021: "وُلد نحو 5 ملايين طفل في سوريا منذ عام 2011، ولم يعرفوا شيئًا سوى الحرب والنزاع. في أجزاء كثيرة من سوريا، ما زالوا يعيشون في خوف من العنف والألغام الأرضية والمتفجرات من مخلفات الحرب".
ليس لدى اليونيسيف أرقام دقيقة عن الأطفال ذوي الإعاقة، لكن من الواضح أن الأطفال ذوي الإعاقة يتحملون عبئًا مزدوجًا عندما يتعلق الأمر بالعنف والتهديدات لصحتهم وسلامتهم والجوع وخطر الإساءة وفقدان التعليم. ويؤدي الافتقار إلى القدرة على الحركة وصعوبة الهروب من الأذى إلى تفاقم العقبات التي يواجهونها. بحسب التقرير الأممي.
وكانت صحيفة لوموند الفرنسية قد نقلت عن منظمة هيومن رايتش ووتش في العام 2022، أن "19% من السوريين ممن تتراوح أعمارهم بين عامين و17 عاما يعانون إعاقة جسدية أو ذهنية، ويرجع ذلك جزئيا إلى الحرب في بلدهم، وهم الأكثر عرضة للأذى ويفتقرون إلى الرعاية الصحية والتعليم والمساعدات".
اقرأ أيضا: في اليوم الدولي لضحايا العدوان من الأطفال.. أكثر من 30 ألف طفل قضوا في سوريا
تأهيل حركي ونفسي لـ 150 طفلا
يعمل المركز على تأهيل الأطفال تأهيلاً حركياً إلى جانب التأهيل النفسي، ويعتمد التأهيل الحركي على وجود غرفة للعلاج الفيزيائي ضمن المركز إضافة إلى التشبيك مع مشافٍ طبية خارج المركز، بينما يعتمد التأهيل النفسي على وجود داعم نفسي داخل المركز، بالإضافة إلى محاولات الدمج الواسع والمتعدد للأطفال بالمجتمع وذلك من خلال إطلاق مبادرات خارجية تهتم بالطفل وبنفسية الطفل، وبحسب مروة فإن هدف هذه المبادرة هو إعادة وهيكلة نفسية الطفل وفاعليته في المجتمع، وتدريب الطفل على آلية تعاون محددة.
واجهت مسؤولي المركز صعوبات كثيرة بداية انطلاقهم بالمبادرة، إلا أن عزيمة الأطفال كانت دافعاً قوياً للاستمرار وتحدي المعوقات والتغلُّب عليها برأي عوض وأردفت: "في بداية افتتاحنا للمركز كان معنا ما يقارب الأربعة عشر طفلاً، كنا نسلط اهتمامنا على أطفال إصابات الحرب نظراً إلى افتقادهم للتعليم ولأنهم ينتمون إلى الفئات المنسية في منطقتنا، إذ أن هناك اهتماماً دائماً بتعليم الأطفال الأيتام دون النظر في أحوال الأطفال المصابين".
يصل اليوم عدد الأطفال المستفيدين من مركز خطوة أمل إلى مئة وخمسين طفلاً يخضعون لبرامج مختلفة، وإلى جانب البرامج التعليمية يعمل مركز خطوة أمل على ترفيه الأطفال ضمن خطة كاملة لنادي صيفي بأساليب متطورة، ومن ناحية أخرى فإن المركز يواجه صعوبات وبحسب مروة: "أبرز الصعوبات التي تواجهنا هي أننا لا نستطيع الوصول للأطفال المصابين خارج مدينة إدلب، إضافة إلى افتقار المركز للدعم والتمويل لاسيما أن معظم المنظمات خرجت من المنطقة، ما جعل مركزنا يعتمد على الجهود الشخصية، أطلقت في البداية حملة تبرعات لكنها لم تستمر بسبب كارثة الزلزال والحرب على غزة. نحاول الاعتماد على الأصدقاء المقربين المقتدرين في الداخل".
مكان ضيق وأعداد تتزايد
يعتبر المركز أحد المراكز المميزة في الشمال السوري، إذ أن معظم المراكز الخاصة بأطفال الاحتياجات الخاصة تعمل على خدماتهم وتأهيلهم فقط، لكن التعليم المتوفر في مركز خطوة أمل غير متوفر في معظم المراكز، ولكن ضيق المركز بات يشكّل مخاطر على الأطفال برأي مديرة المركز، إذ تراود المسؤولين مخاوف من ضيق المكان مقارنة بأعداد الأطفال، كما أضافت مروة: "في بداية انطلاقنا كنا نستقبل الطفل من عمر خمس سنوات حتى 14 سنة، لكن لاحظنا خلال عملنا تسرُّب كثير من اليافعين المصابين من مدارسهم، وكان عددهم يقارب الثلاثين حالة، ما دفعنا إلى إحداث شعبة تهتم بهم وتؤهلهم وتعمل على دمجهم بالمجتمع".
بينما أفاد المتطوع في المركز (حسن بازر باشي) لموقع تلفزيون سوريا أن "العطاء الذي يبذله وزملاؤه لهؤلاء الأطفال يشعرهم بالفخر، لاسيما أنهم يقدمون خدمات مختلفة لأطفال حالتهم تعدُّ استثنائية وصعبة"، وأضاف: "نحاول انتشال الأطفال من حالة الضياع التي يعيشونها، نحاول معاملة أطفال مركزنا معاملة خاصة بعناية ودقة، لاحظت أن الأطفال المصابين يتمتّعون بحساسية كبيرة، وأعتقد أن هذه الحساسية تعود إلى تعرضهم للتنمر، إذ أن كثيرا من الأطفال كانوا يعانون من حالة نفسية شبه مدمرة، ما يجعل دورنا كمتطوعين هو أن نرفع من معنوياتهم ونحفزهم وندعمهم نفسياً قبل الخوض في رحلة التعليم".
وأكدت أم أحد الأطفال وتدعى (سناء) أنها لمست فرقاً كبيراً في شخصية طفلتها بعد التحاقها بمركز خطوة أمل، وقالت "أصيبت سناء أثناء الحرب وتم بتر قدمها اليمنى، اتصلت بي معلمة طفلتي في مدرستها السابقة وأخبرتني بأن طفلتي لا تجلس في مقعدها وهذه مشكلة بالنسبة لزملاء صفها، عانت سناء من تنمر الأطفال ومضايقاتهم لها، حتى اضطررت إلى سحب طفلتي سناء من المدرسة، ولكن مركز خطوة أمل جعل من سناء طفلة متقبِّلة لذاتها ولمن حولها".
لم يقتصر مركز "خطوة أمل" على دعم الأطفال نفسياً وتقديم الخدمات التعليمية لهم؛ بل إن هناك علاجاً فيزيائياً يقدمه المركز للأطفال المحتاجين له، إذ يضم المركز نحو 45 حالة بحاجة ماسّة إلى العلاج الفيزيائي بحسب (عمر بدوي) اختصاصي العلاج الفيزيائي في المركز، وأضاف عمر لموقع تلفزيون سوريا "أواجه ضغوطا في العمل لا سيما أنني المعالج الفيزيائي الوحيد في المركز أمام عشرات الحالات التي لا يمكن تركها دون تقديم العلاج لها، حيث إن المركز بحاجة إلى أربعة أو خمسة معالجين فيزيائيين على الأقل لتغطية هذه الحالات، كما يفتقر المركز إلى كثير من الآلات الطبية، أحاول الاستفادة من الأدوات البسيطة المتوفرة في المركز لإفادة هؤلاء الأطفال وتقديم العلاج لهم".
عبَّر عمر كغيره من زملائه في المركز عن سعادته بتحسُّن بعض الأطفال، وأكّد أنه وغيره من أساتذة الكادر لا يطمعون بأي مقابل مادي بقدر ما يطمحون ويتطلّعون إلى رؤية أطفال المركز في تقدم مستمر وملحوظ.