وصل كتاب "الانتقال الديمقراطي وإشكالياته.. دراسة نظرية وتطبيقية مقارنة" للدكتور عزمي بشارة، إلى رفوف مكتبة الشبكة العربية في مدينة إسطنبول، التي باتت ملاذ الآلاف من ناشطي وقادة الربيع العربي والسياسيين ودعاة الإصلاح والتغيير، بمختلف انتماءاتهم. ما يتيح الفرصة أمامهم لمراجعة نظريات التحديث ودراسات الانتقال إلى الديمقراطية ونقدها ومعالجة مآلات تجارب الانتقال في البلدان العربية التي اندلعت فيها ثورات شعبية.
وكتاب المفكّر العربي عزمي بشارة صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في الـ 17 من تموز الماضي، ووصل إلى فرع الشبكة العربية للأبحاث والنشر في إسطنبول يوم الخميس الفائت. ويتألف الكتاب من 624 صفحة ضمن 16 فصلاً، وزعها المؤلف في أربعة أقسام.
وصل لمكتبة الشبكة العربية في إسطنبول كتاب "الانتقال الديمقراطي وإشكالياته.. دراسة نظرية وتطبيقية مقارنة" للدكتور عزمي بشارة@AzmiBishara pic.twitter.com/RkgY2OzQtT
— مكتبة الشبكة العربية - فرع اسطنبول (@arabnetworkist) October 8, 2020
وفي منشور على حسابه في فيسبوك، دعا نواف القديمي مدير الشبكة العربية للأبحاث والنشر، "الناشطين السياسيين والمثقفين ودعاة الإصلاح والتغيير في العالم العربي على اختلاف الانتماءات والبلدان والإيديولوجيا"، لقراءة كتاب بشارة "بتمعن".
وقال القديمي في مراجعته للكتاب، إنه يمثّل "مفتاحاً للفهم التأسيسي لمسارات الإصلاح والانتقال الديمقراطي"، حيث يناقش وينتقد أهم نظريات التحول الديمقراطي، ما يتيح للقارئ إسقاطها عربياً، إذ يقدّم بشارة في كتابه "نظرية مهمة حول الممكن وغير الممكن في مسارات التحول الديمقراطي بالعموم، وفي العالم العربي خصوصاً"، بحسب القديمي.
ويجيب الكتاب عن التساؤل الراهن "لماذا لم تطلق عمليات الإصلاح من الأعلى في بعض البلدان العربية عملية انتقال ديمقراطي؟"، وذلك بتوصيف وتحليل وتفسير المخلفات التي أنتجتها "النظم التسلطية" ويجول في طبيعتها وهيكلها، بالإضافة إلى دور الجيوش والعوامل الخارجية في إعاقة الانتقال.
ويعرّف المركز العربي بالكتاب، بقوله "يدرس المؤلف نشأة الديمقراطية، ويميز النشوء التدريجي للديمقراطيات التاريخية الأوروبية من الليبرالية عن عملية الانتقال من السلطوية إلى الديمقراطية في عصرنا هذا، ويدرس علاقة مرحلة التأسيس بالبرجوازية. كما يتطرق مطولًا إلى مسألة الدولة والإجماع على الكيان الوطني بوصفه شرطًا للديمقراطية. وفي غمار هذه المعالجة، قدم الكاتب نقدًا ثاقبًا لمقاربات التحديث ولنظرية التبعية، وتعرض للسياقات التاريخية لما يسمى الشروط البنيوية للديمقراطية، ومسألة الثقافة السياسية".
ويرى القديمي أنه وبعد استعراض النظريات وتحليلها ونقاشها واستخلاص ديناميات التحول في المجتمعات العربية، سيصل القارئ إلى خُلاصة مفادها "الإصلاح، لا الثورة، لمن استطاع إلى ذلك سبيلاً. وهو بالطبع سؤالٌ برسم الحكومات والسُلطات قبل الشعوب".
اقرأ أيضاً: عن الانتقال الديمقراطي وإشكالياته
وأشار القديمي إلى أن مسألة التحول الديمقراطي في الحالة العربية، تخضع لاشتراطات داخلية وخارجية معقدة، حيث "إمكانات التحول، المحدودة والصعبة في دول، والمعدومة في دول أخرى". لافتاً أنه "لا ديمقراطيات بعد أنظمة سلطوية، بل مرحلة انتقالية صعبة وخطرة - قد تطول - وتحتاج دوماً إلى نضال وتسويات ونخبة واسعة واعية وديمقراطية".
وأضاف "في الكتاب ثمة خُلاصات وأفكار مُربكة: أن المُطالبة الشعبية المتصاعدة بالإصلاح في ظل حكومات إصلاحية تؤدي غالباً إلى انتكاسات. وأن اللبرلة قبل الدمقرطة تُفضي غالباً إلى تحول ديمقراطي أكثر استقراراً. وأنه في فترة التحول الديمقراطي يتطلب الأمر تسويات غير ديمقراطية من أجل تسهيل عملية الانتقال. وأنه في الدول التي لا إجماع فيها على الدولة تكون الأولوية لبناء المؤسسات لا الانتخابات".
وبذلك بات كتاب الدكتور عزمي بشارة، متاحاً لنحو مليوني عربي يقيمون في إسطنبول، من أصل 5 ملايين عربي في كامل تركيا، بينهم كثير من الناشطين والسياسيين وقادة الحراك الشعبي والصحفيين، ممن هُجّروا من بلدانهم، هرباً من بطش الأنظمة التي حاولوا إسقاطها ضمن الربيع العربي.
وبحسب إحصائية عرضها متين طوران رئيس الجمعية العربية في إسطنبول، فقد ارتفع عدد العرب في تركيا من 1.5 -2 مليون شخص قبل الثورة السورية، إلى نحو 5 ملايين في عام 2019، أي ما يشكّل 6 بالمئة من عدد سكان تركيا البالغ أكثر من 83 مليون نسمة.
وفي حي الفاتح الذي تقع فيه مكتبة الشبكة العربية، وسط مدينة إسطنبول، تغصّ المقاهي بالناشطين والسياسيين السوريين والمصريين والفلسطينيين والعراقيين، وجنسيات أخرى كاليمنيين واللبنانيين والليبيين والمغاربة والتوانسة، وقالت صحيفة العربي الجديد في تقرير لها إن العرب "نجحوا بشكل كبير في تجاوز عقدة الحدود والانتماءات لصالح الانتماء العربي"، وتحولت المقاهي بحضورهم إلى أشبه بمنتديات فكرية يناقشون فيها عمليات الانتقال الديمقراطي وما آلت إليه ثورات الربيع العربي، وانتقاد الأخطاء التي وقعت فيها الشعوب في ثوراتها ومحاولة التمييز والتفريق بين ثورة كل بلد.