مع كتابة سطور هذا المقال، استهدفت قوات الاحتلال الإسرائيلي مجموعة مواطنين فلسطينيين قرب مخازن وكالة الغوث "أونروا" التي تحتضن عدداً كبيراً من النازحين في تل السلطان غرب مدينة رفح جنوبي غزة لتقتل مجموعة من المواطنين، كما استهدف الاحتلال ساحة مدرسة تؤوي نازحين في بيت لاهيا شمالي غزة، صباح السبت الفائت، وهذه فقط أمثلة قليلة مما حدث خلال يوم واحد فقط.
في ذات الوقت كان الصحفي بشار خيار يناشد زملاءه الصحفيين عبر مجموعة واتساب للاتصال بالإسعاف للوصول إلى أقاربه المصابين داخل منزلهم منذ 48 ساعة في منطقة العباس وسط مدينة غزة حيث توجد إصابات خطيرة وهناك 3 قتلى في داخل البيت، ولا تستطيع أي جهة للوصول إليهم حتى الآن.
وعلى ذكر المناشدات ناشد المواطن ماجد أبو رمضان كل قلب رحيم مساعدة أمه وهي مقعدة تم احتجازها هي وأخيه من قبل الجيش الإسرائيلي في أحد البيوت.
هناك كثير من القتلى لا يمكن الوصول إليهم، منذ أيام، ويمكن تخيّل ماذا يعني هذا الأمر وقد وردت شهادات مأساوية تفيد بأنّ بعض الجثث باتت طعاماً للطيور والكلاب الضالة.
وفي الحقيقة هناك كثير من القتلى لا يمكن الوصول إليهم، منذ أيام، ويمكن تخيّل ماذا يعني هذا الأمر وقد وردت شهادات مأساوية تفيد بأنّ بعض الجثث باتت طعاماً للطيور والكلاب الضالة.
جانب آخر أكده لي أحد الأطباء وهو أن المصابين والمرضى في أقسام العناية المركزة في المستشفيات يموتون بسبب نقص الإمدادات الطبية والوقود، وهناك أكثر من 20 مستشفى قد خرج عن الخدمة في غزة. 36 طفل خداج يمكن أن يفقدوا خلال الأيام المقبلة بعد فقدان 3 منهم خلال الأيام الماضية.
استهدف الاحتلال المستشفيات منذ بداية الحرب عندما قصف المستشفى الأهلي وحالياً يهدّد معظم المستشفيات في غزة والتي من المفترض أن تحظى بحماية خاصة في القانون الدولي الإنساني، كما هدد الاحتلال المشافي والمرضى من خلال حظره لدخول الوقود منذ أكثر من 36 يوماً.
ومع ذلك زعم الاحتلال، السبت الفائت، أنه استعد لوضع 300 لتر وقود لصالح مستشفى الشفاء من أجل الترويج لصورته أمام العالم، وحقيقة هذه من الأمور الهزلية لأن هذه الكمية لا تكفي لتشغيل المستشفى 25 دقيقة، حيث يستهلك مشفى الشفاء 8000 لتر على الأقل، وهناك أمران حقيقة لا نعرف كيف نصفهما في ظل هذا الوضع المأساوي وهو أن الاحتلال قصف عدداً من المولدات الكهربائية، كما أنه قصف سيارات إسعاف على مدخل مشفى الشفاء، والأمر الآخر هو أن العدو قطع الوقود عن مشافي غزة بحجة أنّه يذهب لقيادة حركة حماس وها هو الآن يعرض كميات محدودة وهو الأمر الذي يظهر زيف ادعاءاته.
بالنسبة للوضع الصحي هناك أكثر من 50 ألف امرأة حامل تفتقد الرعاية الصحية، هناك مرضى الكلى والقلب والسرطان، كما أن انقطاع المياه والكهرباء أدى لانتشار عدد من الأمراض المعدية وقد سبب شرب الماء الملوث إلى حالات الإسهال الشديد لدى كثير من المواطنين.
الوضع في مدن الجنوب رفح وخانيونس مأساوي جداً حيث تضاعفت أعداد السكان في المحافظتين مع نزوح أكثر من 800 ألف مواطن من الشمال للجنوب
ما يزال قرابة 900 ألف مواطن في غزة والشمال في ظل عدم انتقال المساعدات إلى شمالي غزة بعد قطع أوصال القطاع من قبل الدبابات الإسرائيلية، أما عن الوضع في مدن الجنوب رفح وخانيونس فهو مأساوي جداً حيث تضاعفت أعداد السكان في المحافظتين مع نزوح أكثر من 800 ألف مواطن من الشمال للجنوب وفراغ محال البقالة والسوبرماركت من المنتجات، ومع أن هناك توزيعاً لمساعدات محدودة من الدقيق إلا أنه بسبب عدم وجود الوقود أو الغاز فإن الناس تحاول إعداد الخبز بشكل يدوي عبر إشعال النار حيث تم تقطيع الكثير من أغصان الأشجار واستخدام كل أوراق الكرتون الملقاة في الشوارع خلال الأيام الماضية.
ومع نزول درجات الحرارة منذ بداية تشرين الثاني وهطل الأمطار في غزة، فإن المعاناة تصبح مضاعفة خاصة على الأطفال والمرضى.
يخوض الشعب الفلسطيني معركة مع عدو من أكثر الأعداء انعداماً للأخلاق وتجاهلاً للقيم الإنسانية بل دوساً عليها أيضاً، وهو المشهد الذي عبر عنه قائد جرافة صهيونية داس بجنازيرها جسد أحد القتلى الفلسطينيين في غزة، ولهذا لا بد من عدم الاستسلام لعنجهية هذا الاحتلال وعدم التماهي والتعود على هذه الصور، وإنقاذ المدنيين والأطفال من التعرض لمزيد من الكوارث خاصة أنّه خلال الأيام المقبلة إذا استمر هذا الوضع، فسيسفر عن نتائج أكثر كارثية وأكثر خطورة بشكل لم يشهد له مثيل.