يستعد مزارعون في شمال غربي سوريا لجني محاصيل العصفر في منتصف شهر أيار المقبل، مع توقعات بوصول سعر "ريشه" إلى 17 ألف دولار أميركي للطن الواحد.
وقالت مصادر إعلامية، إنّ كميات من ريش العصفر طُرحت في أسواق مناطق الشمال السوري بسعر وصل لـ 10 آلاف دولار أميركي، ويبقى السعر مرشحاً للارتفاع مع دخول موسم الحصاد بشكل رسمي منتصف الشهر المقبل، وسط توقعات بأن يصل إلى 17 ألف دولار للطن.
"ريش العصفر" مكسب للمزارعين
ويقدر مزارعون إنتاج الدونم الواحد من العصفر بـ 20 - 35 كيلو من الريش اليابس الطازج، وفي عملية التجفيف يبقى ربع الكمية على شكل عصفر يابس، ويباع الكيلو بسعر يتراوح بين 13-17 دولارا في الموسم.
ويتم حصاد كميات من بذار العصفر أيضاً بعد قطاف الريش، فالدونم الذي يعطي 20 كغ من الريش اليابس، سينتج 200 كغ من البذار التي تباع بسعر 350 -400 دولار للطن الواحد.
كم تبلغ التكاليف؟
وقد تصل التكاليف في الحد الأقصى لـ 3000 دولار أميركي إذا لم تكن الأرض مستأجرة، وهناك نوعان من الزراعة للعصفر، فهو يزرع مروياً أو بعلياً.
وإذا كان العصفر مروياً فقد يصل الإنتاج لـ 40 كغ من ريش العصفر لكل دونم، أي أن مساحة 50 دونما ستمنح الفلاح ما يقارب 2 طن من الريش، وهناك مراحل في زراعته التي تبدأ من تشرين الثاني، من أهمها "التفريد".
انعدام وجود الأيدي العاملة الخبيرة يزيد من كلفة الإنتاج، فبدلاً من استخدام مجموعة من 10 عمال يقطف كل منهم من 3-5 كغ من الريش يومياً، تتم الاستعانة بـ20 عاملاً يقطف كل منهم ما يقارب 2 كغ فقط كل 5 ساعات.
نبتة مهاجرة
توسعت زراعة العصفر في شمال غربي سوريا منذ عامين، وذلك بعدما نقلها النازحون والمهجرون من ريف إدلب الجنوبي وريف حماة الشمالي إلى الشمال السوري، عقب موجات النزوح والهجرة.
كانت زراعة العصفر تتركز في ريف حماة وريف إدلب الجنوبي، لكنه اليوم يزرع بكثرة في عفرين واعزاز وريف إدلب، مناطق اعتادت على زراعة القمح والشعير والبقوليات.
وأصبحت زراعة العصفر في ريف حلب من المزروعات المهمة كونها تمتاز بمرابحها الجيدة بعدما تأثرت الزراعات العطرية بالأحوال الجوية غير المستقرة كحبة البركة والكمون والكزبرة وغيرها إذ تعتبر نبتة العصفر من الأنواع المقاومة للتقلبات الجوية.
ولا يقتصر محصول العصفر على الزهر (البتلات) فقط، وإنما يمكن أن يستفيد المزارع من البذور التي تستخدم للزيت وبقاياها لطعام الحيوانات، مثل بقايا الساق والأوراق الشوكية، التي يتم تحويلها إلى علف للماشية.
أمراض فطرية تضرب المحاصيل العطرية
وحذّرت مديرية زراعة حلب التابعة لوزارة الزراعة في الحكومة السورية المؤقتة في وقت سابق مزارعي الكمون من تعرض محاصيلهم لهجمة مرضية شرسة تؤدي إلى خسائر اقتصادية كبيرة لهم، في حال عدم استجابتهم لعلاج مرض شلل الكمون.
وأكدت الحكومة على صفحتها في "فيس بوك"، أنّ الظروف ملائمة لانتشار المرض (الرطوبة المرتفعة ودرجات الحرارة المعتدلة، والتربة الحامضية، وزيادة عنصر الآزوت ونقص عنصر البوتاسيوم في التربة)؛ مشيرةً إلى أنّ "محصول الكمون يتأثر بالمرض في مختلف مراحل النمو منذ فترة البذار حتى النضج، حيث يتحول لون الأوراق من اللون الأخضر إلى اللون الأصفر في النباتات المزروعة مبكراً، وبدءاً من الأوراق القديمة باتجاه الأوراق الفتية وفي حالة الإصابة الشديدة يذبل النبات".
أسعار مغرية تسببت في توسع زراعة الحبوب العطرية
تنشط زراعة الحبوب العطرية في مناطق الشمال السوري على حساب القمح والشعير، نتيجة انخفاض أسعارهما، خلال العام الفائت، ما استدعى بحثَ المزارعين عن مصادر زراعية أكثر ربحاً، حيث يعد الكمون من أبرز المزروعات العطرية زراعةً.
ووصل سعر طن الكمون خلال الموسم الزراعي الماضي إلى حدود ثمانية آلاف دولار أميركي، بعدما كان قبل فترة الحصاد نحو 3500 دولار، ما دفع المزارعين خلال الموسم الحالي إلى توسيع زراعته، رغم عدم صلاح وضعف مخزون بعض الأراضي الزراعية لزراعته.
ولا توجد إحصائيات دقيقة توضّح المساحات المزروعة بمادة الكمون وحبة البركة، لكن خلال جولة أجراها موقع "تلفزيون سوريا" بين مدن وبلدات ريفي حلب الشمالي والشرقي، أظهرت وجود مساحات كبيرة من الأراضي المزروعة بالحبوب العطرية وعلى رأسها مادة الكمون وتليها حبة البركة.
وأكّد مدير زراعة حلب لموقع تلفزيون سوريا، أن المساحات المزروعة بالمحاصيل العطرية تجاوزت ضعف مساحتها خلال الموسم الزراعي الماضي، بسبب ارتفاع سعر بعضها مثل الكمون واستقرار أسعار الأنواع الأخرى، مقارنةً مع الزراعات التقليدية كالقمح والشعير، والتي تعرضت لانخفاض كبير أوصلت بعض المزارعين إلى الخسارة.
ويتأمّل المزارعون بمحصول زراعي وفير من المحاصيل العطرية التي وضعوا تكاليف عالية لنجاحها لعلها تنتشلهم من تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية التي باتت تلامسهم في مختلف نشاطاتهم الزراعية التي تعتبر مصدر دخل رئيسي لهم.