اجتمع ممثلون عن التكتلات العسكرية بمحافظة درعا، في مدينة طفس غربي المحافظة، بهدف محاولة تنسيق الجهود المشتركة فيما بينهم والتوصل لاتفاقية "دفاع مشترك" بين كل الأطراف.
وعقد الاجتماع يوم أمس السبت في مسجد التقوى بالمدينة بعد وصول أرتال عسكرية ضمّت عدداً من قادة المعارضة السابقين في محافظة درعا، من مدينة بصرى الشام وبلدة نصيب ومدينة درعا، ومناطق أخرى.
وحضر الاجتماع عن مدينة بصرى الشام، معقل اللواء الثامن الذي أسسته روسيا عام 2018، كل من القيادي علي المقداد المعروف محلياً بـ "علي باش"، والقائد العسكري للواء الثامن نسيم أبو عرة، والقيادي أبي علي مصطفى.
وعن بلدة نصيب حضر كل من القيادي في الأمن العسكري عماد أبو زريق، القيادي السابق في الجيش الحر ضرار الشريف، والشيخ فادي الشريف.
وعن مركزية مدينة درعا حضر أبو منذر الدهني، وأبو شريف المحاميد، وأبو حمزة أبو شلاش.
وعن مناطق الريف الغربي حضر القيادي المقرب من الأمن العسكري محمود البردان "أبو مرشد"، وكل من القياديين راضي الحشيش وأبو حيان حيط وأبو ناجي الزعبي.
من جهته اعتذر وفد من منطقة الجيدور عن الحضور بسبب الخلاف العشائري الحاصل في مدينة جاسم، وكلّفوا القيادي باسم جلماوي المعروف بـ "أبي كنان القصير" للحضور عنهم.
وقال قيادي سابق في فصائل المعارضة، فضل عدم الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، لوقع تلفزيون سوريا، إن الهدف الرئيسي من الاجتماع توقيع اتفاقية دفاع مشترك بين عدد من المناطق في محافظة درعا، لمكافحة أي خطر وتهديد أمني عليها، مشيراً إلى أن الدعوة للاجتماع كانت لمعظم مدن وبلدات المحافظة وليست لأشخاص بعينهم.
ونفى القيادي الذي حضر الاجتماع أن يكون الهدف إنشاء جسم عسكري جديد في المحافظة، مشدداً على أن الغاية الرئيسية ضبط الأمن والاستقرار في مناطق درعا، ومكافحة التنظيمات وتهريب المخدرات، والحد من عمليات السطو والسرقة وقطع الطرقات.
اتفاقية دفاع مشترك
"نهدف من خلال اتفاقية الدفاع المشترك إلى منع التشبيح والخطف والاغتيال ووضع حد للنظام السوري الذي يستفرد بالمناطق واحدة تلو الأخرى ومحاربة أذرعه كتنظيم داعش وتجار المخدرات"، وفقاً للقيادي.
وكشف المصدر عن أبرز بنود الاتفاقية أنه في حال تعرضت منطقة بدرعا لخطر وتهديد أمني من قبل النظام السوري وتنظيم "داعش" وقطاع الطرق فإن كل التشكيلات العسكرية ستجتمع للمؤازرة والمساندة.
فصائل محلية تعقد اجتماعا أمنيا لمكافحة المخدرات في #درعا
— تلفزيون سوريا (@syr_television) November 7, 2023
تقرير: معتز عبيد #سوريا_اليوم #تلفزيون_سوريا pic.twitter.com/lxLe8JtH3T
الأول من نوعه منذ سنوات
ويعد الاجتماع الأخير في طفس، الأول من نوعه منذ سنوات، بعد حالة التفرقة التي عمل عليها النظام بين الأجسام العسكرية في المحافظة، وتفاقم الخلافات بين عدد من القيادات العسكرية.
من جهتها نشرت مركزية الريف الغربي لدرعا عشرات العناصر المسلحة على مداخل ومخارج مدينة طفس بهدف تأمين وصول القيادات العسكرية من مختلف مناطق المحافظة.
اجتماع القيادات العسكرية يأتي في ظل استمرار حالة الفلتان الأمني والخلافات العشائرية في عدد من المناطق بدرعا، في ظل عدم وجود قانون رادع لتلك الجرائم وعمليات الاغتيال والخطف في المحافظة.
وسبق لقائد اللواء الثامن، أحمد العودة، أن أعلن سعيه تشكيل جسم عسكري جامع، في حزيران 2020، بهدف توحيد كل الجهود ضمن تشكيل عسكري واحد يضم ممثلين عن كل مناطق المحافظة.
إلا أن التشكيل الذي تحدث عنه العودة لم يرَ النور حتى الآن، في ظل حالة من الفوضى والفلتان الأمني تعيشها معظم مدن وبلدات محافظة درعا، نتيجة لعمليات الخطف والاعتقال والاغتيال وترويج المخدرات، وعمليات السطو المسلح والسلب وقطع الطرقات وفرض الإتاوات.
وتقف خلف تلك العمليات خلايا أمنية شكلتها فروع النظام الأمنية في درعا بهدف تصفية واغتيال المعارضين للنظام وإيران، وخلايا أخرى تتبع لتنظيم الدولة "داعش" يقدم النظام لبعضها دعماً مالياً ولوجستياً عن طريق وسطاء، بحسب مصدر في المعارضة لموقع تلفزيون سوريا.
قيادي سابق في فصائل المعارضة، يُقيم على أرض المملكة الأردنية، قال لموقع تلفزيون سوريا: "تفاجأنا بحضور عدد من الشخصيات المرتبطة بجهاز الأمن العسكري بعضها يعمل في تجارة وتهريب المخدرات، للاجتماع الذي حصل في طفس، وهذا يثير التساؤلات عن نتائج الاجتماع وانعكاسه على الملف الأمني في محافظة درعا".
وشدد القيادي الذي فضل عدم الكشف عن اسمه على ضرورة منع القياديين المرتبطين بأجهزة النظام الأمنية من حضور هكذا اجتماعات، لأن ذلك سينعكس سلباً على نتائج الاجتماع والأشخاص الذين حضروه، على حد وصفه.
بعض الأجسام العسكرية تنسق سرّاً مع النظام مقابل تحقيق منافع متبادلة، وكان ذلك السبب الرئيسي في حالة التفرقة الحاصلة وتصاعد وتيرة الفلتان الأمني في المحافظة.
ومن أبرز الشخصيات المرتبطة بالنظام السوري، وحضرت الاجتماع الأخير، عماد أبو زريق، وهو قيادي سابق في فصيل جيش اليرموك المعارض، والذي يتزعم ميليشيا محلية مدعومة من قبل شعبة المخابرات العسكرية، ويعمل أفرادها على تهريب وتجارة المخدرات في المنطقة.
وفي آذار الماضي أدرجت الخزانة الأميركية اسم القيادي عماد أبو زريق على لوائح العقوبات الأميركية لكونه يتزعم ميليشيا محلية تعمل على تهريب المخدرات.
ومنذ سيطرة النظام السوري وحلفائه على درعا، تحوّلت المحافظة إلى مركز لإرسال المخدرات باتجاه المملكة الأردنية والخليج العربي، فضلاً عن تحويلها إلى قاعدة لترويج المخدرات واختبار النوعية.
فلتان أمني مستمر
وتشهد محافظة درعا منذ اتفاق التسوية عام 2018 بين فصائل المعارضة وروسيا، حالة من الفلتان الأمني، إذ سجّلت عشرات عمليات الاغتيال والاستهداف لقوات النظام والمتعاونين معها، كما تشمل عمليات الاغتيال عناصر وقادة المعارضة ووجهاء محليين مؤثرين في الوسط الاجتماعي.
بدوره سجّل مكتب التوثيق في "تجمع أحرار حوران" ما لا يقل عن 1983 عملية ومحاولة اغتيال، أدت إلى مقتل ما لا يقل عن 1323 شخصًا في محافظة درعا، منذ عقد اتفاقية التسوية بين روسيا وفصائل المعارضة عام 2018 حتى نهاية شهر تشرين الأول الفائت.
ومن المجموع الكلي للقتلى وثق المكتب ما نسبته 39 في المئة من القادة والعناصر السابقين في فصائل المعارضة.
وخلال تشرين الأول الفائت، وثق مكتب توثيق الانتهاكات في التجمع 33 عملية ومحاولة اغتيال، أسفرت عن مقتل 17 شخصاً، وإصابة 12 آخرين بجروح متفاوتة، ونجاة 8 من محاولات الاغتيال.