بعد سريان وقف إطلاق النار في إدلب شمالي سوريا آذار 2020 بالاتفاق بين تركيا وروسيا، انخفضت وتيرة القصف الجوي الروسي على مدن وبلدات الشمال، مقارنة بعام 2019، ولم تسجل ضربات جوية للطائرات الحربية أو المروحية، التابعة لنظام الأسد، على حساب تعزيز القواعد والثكنات العسكرية في محيط إدلب بأسلحة مدفعية دقيقة، وإسناد مهمة القصف والتدمير والقتل لهذه القواعد.
إحصائيات الشبكة السورية لحقوق الإنسان، تشير إلى أن حصيلة استخدام نظام الأسد للبراميل المتفجرة في عام 2019 بلغت 4378 برميلاً، في حين بلغت في عام 2018 نحو 3600 برميل، وفي عام 2020 توقفت الهجمات بشكل شبه كامل بواسطة البراميل المتفجرة، بعد أن أسقطت فصائل المعارضة طائرة مروحية للنظام غربي حلب في 14 شباط من ذلك العام.
خلال العامين الماضيين استحدثت روسيا عدة قواعد عسكرية في المناطق التي سيطرت عليها في أرياف إدلب وحماة وحلب، وزودتها بأسلحة مدفعية وصاروخية، مهمتها تنفيذ عمليات القصف على المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، وتعويض غياب الطائرات الحربية والمروحية التابعة للنظام.
يستعرض موقع تلفزيون سوريا في هذا التقرير، أبرز القواعد العسكرية التي تستخدمها روسيا وميليشياتها لتنفيذ عمليات القصف على إدلب وما حولها، ونوعية السلاح المستخدم، والميليشيات التي تشغل هذه المواقع، وبعض المجازر التي تسببت بها خلال الأشهر الماضية.
قواعد تصدر الموت إلى إدلب
أصدر مركز "جسور" للدراسات، دراسة في تموز الماضي، أكد فيها أن لروسيا 23 قاعدة عسكرية في محافظة حماة، و10 في حلب، و6 في إدلب، وأما إيران، فلها 54 قاعدة في حلب، و20 في إدلب، و10 في حماة.
تحتوي القواعد العسكرية الروسية والإيرانية، والتابعة لنظام الأسد في محيط إدلب، على أسلحة مدفعية وصاروخية، يشرف عليها خبراء روس، وتستخدم لقصف المدنيين بعد تلقيها إحداثيات من طائرات الاستطلاع.
وأفاد المتحدث باسم الجبهة الوطنية للتحرير، النقيب ناجي مصطفى، بأن لنظام الأسد وروسيا وإيران قواعد عسكرية ثابتة في محيط إدلب، وأخرى غير ثابتة تُبدل موقعها كل فترة زمنية معينة.
ومن أهم المواقع التي يستخدمها النظام لقصف أرياف إدلب وحماة، قاعدة "جب الأحمر" بريف اللاذقية الشرقي، وفقاً لـ"مصطفى"، وهي قاعدة أنشئت على تلال قرية "جب الأحمر"، التي تشرف على منطقة سهل الغاب غربي حماة، بعد سيطرة النظام على القرية عام 2015.
ويلي هذه القاعدة، معسكر جورين في ريف حماة الغربي، وهو المسؤول عن غالب عمليات القصف، التي تطول بلدات سهل الغاب، وجبل الزاوية جنوبي إدلب.
وتسبب المعسكر بارتكاب العديد من المجازر بحق المدنيين في مناطق سيطرة المعارضة، كونه يحتوي على مجموعة من الدبابات والمدافع البعيدة المدى، وراجمات الصواريخ، بحسب ما أكده "مصطفى".
وذكر النقيب في حديث لموقع تلفزيون سوريا، أن نظام الأسد استحدث قواعد ونقاطاً عسكرية لقصف المدنيين، في كل من جبالا وبسقلا وكفرنبل، ومعردبسة وخان السبل، ومعصران وسراقب بريف إدلب، إضافة إلى نقاط في ريف حلب تتوزع على بلدات كفر حلب، وميزناز وقبتان الجبل وعينجارة وعاجل، وريف المهندسين الثاني.
وأشار إلى أن معظم الرمايات المدفعية التي تستهدف ريف حلب الغربي، وأحياناً ريف إدلب الشمالي، تخرج من الفوج 46 غربي حلب، والذي سيطرت عليه قوات النظام في مطلع العام 2020.
ويتموضع الفوج في منطقة مرتفعة وحاكمة، بالقرب من مدينة الأتارب، تعد حلقة وصل بين أرياف حلب الغربي والجنوبي وريف إدلب الشمالي، على مسافة أقل من 20 كم من معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، مشرفاً على كامل المنطقة.
الميليشيات الموجودة في القواعد وأنواع السلاح
يؤكد النقيب ناجي، أن الميليشيات المتمركزة في هذه القواعد، تستخدم مدافع بعيدة المدى في عمليات القصف على "المناطق المحررة"، معظمها من عيار 122 و130 ملم.
وتحتوي القواعد على مدافع من نوع أكاسيا، وراجمات صواريخ غراد، وعربات عسكرية متنقلة تستخدم لإطلاق قذائف صاروخية من نوع كراسنوبول الروسية، الموجهة بواسطة الليزر.
ومن الأسلحة الموجودة في هذه المواقع، دبابات، وعربات شيلكا، وعربات BMP، ومدافع 23 ملم، ورشاشات 14.5 ملم، ورشاشات دوشكا، إضافة إلى صواريخ مضادة للدروع، معظمها من طراز كورنيت.
اقرأ أيضاً.. قذائف كراسنوبول الموجهة.. أداة روسية لبعثرة الأوراق في إدلب |فيديو - صور
وأضاف النقيب أن الميليشيات الموجودة في هذه المواقع، هي الحرس الجمهوري، والفرقة الرابعة، والفرقة 25 (ميليشيا النمر)، والفيلق الرابع، والفيلق الخامس، والميليشيات الإيرانية، المتمثلة بميليشيا حزب الله اللبناني، وفاطميون، وزينبيون، وتتمركز معظمها في ريف حلب، في حين تنتشر قوات روسية خاصة في نقاط تقع شمالي اللاذقية، وأخرى في عمق ريف إدلب الشرقي.
ولفت إلى أن الفصائل ترصد بشكل دائم تموضع هذه الميليشيات، كما ترصد عمليات نقل الأسلحة من وإلى القواعد المذكورة، وتتعامل مع التحركات، بواسطة السلاح المدفعي المتوافر لدى الجبهة الوطنية للتحرير.
سلسلة مجازر.. الزمان والمكان
تسببت القواعد والثكنات العسكرية المذكورة، بعدة مجازر وقعت في الشمال السوري خلال الأشهر الماضية، معظمها ضمن منطقة جبل الزاوية في ريف إدلب الجنوبي.
وحصل موقع تلفزيون سوريا على معلومات من مرصد عسكري ضمن غرفة عمليات "الفتح المبين"، توضح مصدر القصف الذي تسبب بوقوع مجازر بعينها شمالي سوريا، كما هو موضح في الآتي:
- مقتل 7 أشخاص إثر استهداف مشفى مدينة الأتارب بريف حلب الغربي بصواريخ كراسنوبول في 21 آذار الماضي / مصدر القصف الفوج 46 غربي حلب، وريف المهندسين الثاني في أورم الصغرى.
- مقتل 13 شخصاً بقصف مدفعي على بلدة إبلين جنوبي إدلب في 10 حزيران الماضي / مصدر القصف القوات الروسية في مدينة كفرنبل.
- مقتل المتطوع في الدفاع المدني السوري "دحام الحسين"، بقصف مدفعي مباشر استهدف مركز الدفاع المدني في بلدة قسطون غربي حماة في 19 حزيران الماضي / مصدر القصف القوات الروسية في بسقلا.
- مقتل أربعة أطفال وامرأة من جراء قصف بواسطة قذائف كراسنوبول الموجهة بالليزر، طاول قرية بلشون جنوبي إدلب 19 آب الماضي / مصدر القصف القوات الروسية في بلدة بسقلا.
- مقتل أربعة أطفال أشقاء من جراء قصف بواسطة قذائف كراسنوبول الموجهة بالليزر، طاول بلدة كنصفرة جنوبي إدلب 20 آب الماضي / مصدر القصف القوات الروسية في بلدة بسقلا.
- مقتل أربعة مدنيين، بسبب قصف بواسطة قذائف كراسنوبول، على مدينة إدلب في 7 أيلول الماضي / مصدر القصف مدينة سراقب.
- مقتل أربعة أشخاص بقصف مدفعي على طريق سرمدا - باب الهوى، في 16 تشرين الأول الماضي / مصدر القصف منطقة ريف المهندسين الثاني غربي حلب.
- مقتل 10 مدنيين بقصف مدفعي على مدينة أريحا بريف إدلب في 20 تشرين الأول الماضي / القصف تم بواسطة مدفع 130، من قبل ميليشيات الفيلق الخامس في محيط بلدة معردبسة.
- مقتل طفل إثر قصف بقذائف موجهة بالليزر على مخيم "شام الخير" للأرامل بمحيط بلدة ترمانين شمالي إدلب في 27 تشرين الأول / مصدر القصف ريف المهندسين الثاني.
ونشير إلى أن المجازر وعمليات القصف المذكورة، هي عينة من الخروق والمجازر التي ارتكبتها روسيا ونظام الأسد، بحق المدنيين في شمال غربي سوريا منذ مطلع العام الحالي.
وكان الدفاع المدني السوري قد استجاب منذ بداية عام 2021 حتى 5 تموز لأكثر من 700 هجمة استهدفت منازل المدنيين والمنشآت الحيوية في شمال غربي سوريا، من قبل قوات النظام وروسيا والميليشيات الموالية لهما، تسببت بمقتل أكثر من 110 أشخاص، من بينهم 23 طفلاً و19 امرأة، و2 من الدفاع المدني السوري.
واستجابت فرق الدفاع المدني لأكثر من 700 هجوم جوي ومدفعي من قبل قوات النظام وروسيا على شمال غربي سوريا، منذ بداية حزيران، حتى شهر تشرين الأول الماضي، أدت إلى مقتل أكثر من 155 شخصاً، من بينهم 55 طفلاً، و24 امرأة.