أعادت السلطات الدنماركية منح تصريح الإقامة للاجئة السورية أسماء الناطور وزوجها عمر الناطور بعد أشهر طويلة من "النضال" وبعد أن تم اعتماد إحدى مقابلاتها في تلفزيون سوريا كـ"وثيقة رسمية" في محكمة اللاجئين إضافة إلى أسباب أخرى.
وشغلت قصة أسماء الناطور العالم قبل أشهر بعد أن سحبت السلطات الدنماركية تصريح الإقامة منها ومن زوجها وتناقلت وسائل الإعلام على نطاق واسع صورتها وهي تبكي على فراق جارتها المسنة التي كانت تساعدها.
وقالت أسماء الناطور لـ موقع تلفزيون سوريا: "حصلت على الإقامة السياسية من نوع 7/1 لمدة عامين وهي أفضل إقامة حالياً، كانت مدة هذا النوع من الإقامات خمس سنوات لكن تم تعديله وأصبح سنتين فقط".
وتضيف: "المحكمة منحتنا الإقامة بناء على عدة أسباب وهي أن زوجي كان موظفا حكوميا في وزارة الزراعة في سوريا وبناء على ذلك فإن عودته إلى سوريا تشكل خطرا على حياته حيث يعتبر بمنزلة الخائن في نظر النظام رغم أنهم قالوا سابقاً إنه لا خطر على حياته!".
وتتابع الناطور بأن "أحد الأسباب أيضاً يتمثل في أن أولادي مطلوبون للخدمة الإلزامية والسبب الأهم هو ظهورنا على الإعلام خصوصاً الإعلام المعارض للنظام"، مضيفة بأن "المحكمة اعتمدت إحدى المقابلات التي أجريتها مع تلفزيون سوريا كوثيقة رسمية في المحكمة وبناء على تلك المقابلة والأسباب الأخرى تم منحي الإقامة السياسية أنا وزوجي".
"فرحة لا تصدق"
ووصفت أسماء اللحظات الأولى بعد صدور القرار بأنها "فرحة كبيرة لدرجة الصدمة"، وقالت: "استمرت المداولات بين القضاة لمدة أكثر من ساعتين وكنا نشعر بالقلق، وبعد أن خرج القضاة أخبرنا القاضي الرئيسي بأننا حصلنا على الإقامة السياسية من نوع 7/1 فأصبنا بالصدمة من الفرح.. ولم يصدق زوجي بداية.. كانت فرحتنا لا تصدق.. همنا كان فقط أن نبقى لأجل أولادنا وليس لأي شيء آخر".
وفيما إذا كانت التقت مع جارتها الدنماركية التي ضجت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بصورتها معها، قالت أسماء: "للأسف توفيت بعد أن تمت إعادة فتح قضيتي في 17 كانون الأول الماضي (...) في اليوم نفسه الذي عدت فيه إلى البيت توفيت".
وتستدرك أسماء بالقول: "وكأنها أحست بي بأني عدت وسأحصل على الإقامة فاطمأنت ورحلت عن الحياة.. هذا ما أحسست به".
أسماء تقيم حالياً في أحد مراكز الإيواء في جزيرة يولاند بانتظار حصولها على منزل بعد أن خسرت بيتها إثر سحب تصاريح الإقامة منها ومن زوجها.
"بداية من الصفر"
وتقول أسماء: "خسرت كل شيء بعد أن سُحبت إقاماتنا.. البيت، العمل، الدراسة والآن سنعاود البدء من الصفر مرة أخرى لأنه بعد سحب الإقامة توقف كل شيء".
وكانت أسماء تدرس في المرحلة التي تسبق الدراسة الجامعية بعد أن تعلمت اللغة الدنماركية ودرست الرعاية الصحية أيضاً، وكانت تنوي أن تدرس في كلية الصيدلة. وتقول: "للأسف توقفت دراستي بعد أن فقدت تصريح إقامتي رغم أني اجتزت بعض الامتحانات".
عمر زوج أسماء، تعطلت حياته أيضاً رغم أنه حصل على شهادة سياقة الشاحنة وكان يتحضر للعمل حينئذ إلا أن مرضه إثر سحب إقامته وزوجته حال دون ذلك.
وفيما إذا كانت تنوي مواصلة دراستها قالت أسماء التي كانت تعمل كمعلمة لغة عربية في دمشق: "الآن استراحة مقاتل ثم سنبحث عن عمل أنا زوجي بعد أن نحصل على المنزل ونستقر".
ونصحت أسماء اللاجئين السوريين الذين يعانون حالياً مما عانته بمواصلة نضالهم حتى الحصول على الإقامة إضافة إلى ضرورة التعبير عن آرائهم بحرية وبدون خوف في الإعلام.
وخلال الأشهر الماضية، حصل عدد من اللاجئين السوريين على تصاريح إقامة بعد أن تم اعتماد مقابلاتهم مع تلفزيون سوريا كـ"وثائق رسمية" في محكمة اللاجئين، من بينهم رشا عمر وسيامند موسى.
ومنذ نهاية حزيران من العام 2020، بدأت الدنمارك عملية واسعة النطاق لإعادة النظر في ملفات عدد من السوريين القادمين من محافظة دمشق وريفها على اعتبار أنّ "الوضع الراهن في دمشق لم يعد من شأنه تبرير (منح) تصريح إقامة أو تمديده"، بحسب السلطات الدنماركية.
وبحسب وسائل إعلام، تم سحب تصاريح الإقامة من أكثر من ألف لاجئ سوري من أصل 30 ألف لاجئ سوري يقيمون في الدنمارك ويتخوفون أيضاً من قرارات قد تطولهم في المستقبل في حال اعتبار مدن سورية أخرى "آمنة".
وخلال الأشهر الماضية، تظاهر مئات الأشخاص أمام مقر البرلمان الدنماركي في العاصمة كوبنهاغن، ضدّ قرارات الحكومة التي تهدف إلى إعادة السوريين القادمين من دمشق إلى وطنهم، وشاركت في التظاهرات منظمات مجتمع مدني دنماركية، منها "منظمة التعاون بين الناس" و"المنظمة الشبابية لمجلس اللاجئين الدنماركي" إلى جانب لاجئين سوريين مقيمين في الدنمارك.
وتعرضت السلطات الدنماركية لانتقادات على خلفية حرمانها لاجئين سوريين من تصاريح إقامة لاعتبار الوضع "آمناً" في دمشق، حيث قالت الأمم المتحدة إنّ ذلك "يفتقر إلى المبرر"، كما انتقدت منظمة "هيومن رايتس ووتش" إزالة الدنمارك تدابير الحماية للاجئين السوريين القادمين من دمشق وريفها، وشددت على أن "التقارير الخاطئة الخاصة ببلد اللاجئين الأصلي تؤدي إلى سياسات خاطئة بشأن اللاجئين".
وتتبع الدنمارك سياسة استقبال متشددة بهدف تحقيق "صفر طالب لجوء" ولم تصدر سوى تصاريح إقامة مؤقتة منذ عام 2015.