ملخص:
- استخبارات "قسد" تمارس ضغوطاً على عوائل مقاتلي "بيشمركة روج آفا" لإجبارهم على التخلي عن دعم أبنائهم.
- تشمل الضغوط تهديدات واستدعاءات متكررة للعائلات واتهامات بالخيانة والتعاون مع الجيش التركي.
- بعض عائلات اضطرّت للتبرؤ من أبنائها تحت التهديد بالاعتقال أو النفي.
- "قسد" تستغل وسائل الإعلام لتشويه صورة البيشمركة عبر تلاعب بالمقابلات مع العائلات.
- المجلس الوطني الكردي دان حملة التهديدات التي طالت أكثر من 30 عائلة من مقاتلي البيشمركة في الشهرين الماضيين.
تواصل استخبارات قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ممارسة ضغوط متزايدة على عائلات مقاتلي "بيشمركة روج آفا" شمال شرقي سوريا، في إطار محاولاتها المستمرة لإجبار أبنائهم على ترك صفوف القوات العسكرية التابعة للمجلس الوطني الكردي المعارض.
ووفقًا لمصادر عدة من عائلات البيشمركة السوريين في محافظة الحسكة، فإن هذه الضغوط تأتي في شكل تهديدات واستدعاءات متكررة تهدف إلى إجبار العائلات على الإدلاء بتصريحات ضد أبنائهم، والتخلي عن دعمهم لقوات البيشمركة، التي تضم نحو 8 آلاف مقاتل كردي سوري.
ويُذكر أن هذه القوات تشكلت منذ عام 2011، عندما انشق العديد من الشباب الكرد عن جيش النظام السوري مع بداية الثورة السورية، وانضموا إلى "بيشمركة روج آفا" التي توجد في إقليم كردستان العراق منذ تأسيسها.
"قسد"تصعّد الضغوط
تحدث عدد من أهالي مقاتلي البيشمركة لموقع "تلفزيون سوريا" عن الضغوط التي تعرضوا لها من قبل استخبارات "قسد". وقال "شريف يوسف" (اسم مستعار)، والد أحد المقاتلين، إن "وسائل إعلامية تابعة لقسد، يشرف عليها كوادر من حزب العمال الكردستاني، أجبرت عددًا من عائلات مقاتلي البيشمركة على الإدلاء بتصريحات ضد أبنائهم تحت تهديد النفي إلى إقليم كردستان العراق أو اعتقالهم".
وأضاف يوسف أن "تلك الوسائل الإعلامية طرحت أسئلة للعائلات حول موقفهم من أي اقتتال بين الكرد أنفسهم، وتم استغلال تلك التصريحات بعد التلاعب بالمقابلات واختصارها، بهدف تشويه صورة البيشمركة وإقليم كردستان".
مشدداً على أن "استخبارات قسد وقنواتها تتهم كل شخص يرفض التعاون معها بالوقوف إلى جانب قوات بيشمركة روج آفا والجيش التركي في حربه ضد قسد وحزب العمال الكردستاني".
تحت الضغط.. عائلات تتبرأ من أبنائها
من جانبه، قال "شمدين سلو" (اسم مستعار)، وهو والد مقاتل آخر من "بيشمركة روج آفا" من مدينة عين العرب (كوباني)، إنه اضطر للتبرؤ من ابنه تحت الضغوط المستمرة التي مارستها أجهزة استخبارات "قسد".
وأشار إلى أنه تم استدعاؤه وأفراد من عائلته بشكل أسبوعي بسبب انضمام ابنه لصفوف البيشمركة، وخلال التحقيقات، وُجهت له اتهامات بالخيانة والعمالة لصالح الجيش التركي ضد حزب العمال الكردستاني.
وأوضح سلو أنه تعرض لتهديدات جدية بالاعتقال في حال لم يوافق على الإدلاء بتصريحات تهاجم قوات البيشمركة، وحث أعضاءها على الانشقاق والعودة إلى سوريا للانضمام إلى "قسد".
وتحت هذه الضغوط، وقع سلو على تعهد بعدم التواصل مع ابنه، والتبرؤ منه، وتزويد "قسد" بأي معلومات عن تحركاته في حال خروجه من صفوف البيشمركة.
استغلال الخلافات العائلية لتشويه الصورة إعلامياً
في سياق متصل، تحدث "شيروان"، مقاتل من "بيشمركة روج آفا" مقيم في إقليم كردستان العراق، لموقع تلفزيون سوريا، حيث اتهم استخبارات "قسد" باستخدام الترهيب الإعلامي، واستغلال الخلافات العائلية لتشويه صورة البيشمركة. وأكد أن وسائل إعلام "قسد" أظهرت أفرادا من عوائل المقاتلين في مواقف متعارضة مع أبنائهم، واستغلت تلك الخلافات لتوجيه هجمات إعلامية ضد البيشمركة.
وأضاف شيروان أن "مقاتلي البيشمركة نصحوا عائلاتهم بالامتثال لمطالب استخبارات قسد في الظاهر، لحماية أنفسهم من المضايقات والتهديدات، حتى لو تطلب الأمر الإدلاء بتصريحات تظهر أنهم على خلاف مع أبنائهم".
وأشار إلى أن قوات "قسد" نشرت مؤخرا أخبارا مضللة حول مشاركة البيشمركة في القتال إلى جانب الجيش التركي ضد حزب العمال الكردستاني، وهو ادعاء ينفيه المقاتلون بشكل قاطع، مؤكدين أن الغاية منها تشويه صورتهم أمام الرأي العام الكردي.
وشدد المقاتل الثلاثيني على أن "الأوضاع الحالية في سوريا لا تسمح بعودة مقاتلي بيشمركة روج آفا، ولذلك تستغل قسد هذه الظروف لزيادة الضغوط على عوائلنا ومحاربتنا إعلامياً. ولكنها تعلم بأن قوات البيشمركة السورية تحظى بشعبية واسعة بين الأكراد السوريين وحتى بقية المكونات، ولذلك تتخوف قسد من أي تطورات قد تؤدي إلى عودتنا لوطننا".
المجلس الوطني الكردي يدين حملة التهديدات
في أواخر يوليو/تموز الماضي، أصدر المجلس الوطني الكردي بيانا يدين فيه حملة التهديدات التي تستهدف عائلات "بيشمركة روج آفا"، مؤكدًا أن استخبارات "قسد" استدعت العديد من أفراد العائلات للتحقيق، من بينهم "رمضان محمود حاجي" في منطقة تربه سبي بمحافظة الحسكة، الذي تم مداهمة منزله ومصادرة هاتفه كونه والد اثنين من مقاتلي بيشمركة روج آفا.
وأوضح المجلس أن هذه الحملة تأتي بالتزامن مع إطلاق "قسد" سراح مئات المعتقلين من تنظيم "داعش" في الفترة نفسها.
وقد أفادت مصادر لموقع تلفزيون سوريا أن أكثر من 30 عائلة لمقاتلي البيشمركة خضعوا للتحقيقات والتهديدات خلال الشهرين الماضيين.
تاريخ قوات "بيشمركة روج آفا"
تأسست هذه القوات مطلع عام 2012 من قبل وزارة البيشمركة في حكومة إقليم كردستان العراق، بعد وصولهم إلى نحو 5 آلاف عنصر، وجميعهم كانوا من المنشقّين عن قوات نظام الأسد، ومن بينهم قائدهم الأول العميد محمد رجب حبش من أهالي مدينة عفرين. وتم تدريب تلك القوات من قبل ضباط كرد العراق، ثم كُلّف التحالف الدولي بتدريبها ضمن خطة لمحاربة تنظيم الدولة.
واعتُبرت هذه القوات جزءاً من "البيشمركة"، ومن ثم نُقلوا كـ "فيلق القوات الخاصة" تحت إشراف الشيخ منصور البرزاني (أحد القادة البارزين للبيشمركة). وبعد فتح باب التطوّع مطلع عام 2016، وصل عددهم إلى 8 آلاف عنصر، وتم تقسيمهم إلى تسعة أفواج.
كان لهذه القوات دور كبير في دحر تنظيم الدولة في عدة محاور بكردستان العراق، منها سهل نينوى وشنكال وسد الموصل والحدود المتاخمة لمحافظة دهوك، وقتل قرابة 40 عنصراً في تلك المعارك.