صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة، فجر اليوم السبت، لصالح قرار طلب رأي استشاري من محكمة العدل الدولية بشأن التبعات القانونية للاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وذلك بعد يوم من تشكيل حكومة نتنياهو التي تضم وزراء من أبناء المستوطنات.
وصوّت لصالح القرار، الذي تقدمت به فلسطين، أغلبية بـ 87 دولة، في حين صوتت إسرائيل والولايات المتحدة و24 دولة أخرى ضد القرار بينما امتنع 53 عضوا عن التصويت.
وتعد هذه الخطوة انتصاراً للمساعي الفلسطينية لنقل الصراع إلى المحاكم الدولية، الأمر الذي يخشاه الاحتلال الذي يرفض "حل الدولتين" ويستمر في سياسة التهويد والاستيطان.
ويأتي اعتماد القرار الجديد بعد أقل من 24 ساعة من تأدية حكومة نتنياهو اليمين الدستورية، وهي الحكومة الأكثر يمينية وتطرفاً في تاريخ إسرائيل.
القرار الجديد.. ماذا يتضمن؟
بموجب القرار الجديد، سيطالب الفلسطينيون محكمة العدل الدولية بأن تقرر حيال الاحتلال الإسرائيلي طويل الأمد وتعطي رأياً قانونياً، بالاستناد إلى قرار مجلس الأمن رقم 242، الذي ينص على وجوب إنهاء الاحتلال من خلال مفاوضات تقوم على صيغة الأرض من أجل السلام.
والطلب من المحكمة الدولية تقديم توصيات للأمم المتحدة حول كيفية التصرف تجاه الممارسات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة، سواء من خلال الإجراءات التنفيذية أو فرض العقوبات أو المقاطعة.
ترحيب فلسطيني بالدعم الدولي.. وغضب إسرائيلي
عبّر المراقب الدائم لدولة فلسطين في الأمم المتحدة رياض منصور، عن شكره للوفود التي أيدت مشروع القرار، حسب وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية "وفا".
وقال منصور، إن الأمم المتحدة طلبت بهذا التصويت فتوى من محكمة العدل الدولية بشأن انتهاك حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير والاحتلال والاستيطان والضم.
وفي 11 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، وافقت "اللجنة الرابعة" التابعة للأمم المتحدة، الخاصة بالمسائل السياسية وإنهاء الاستعمار، على قرار فلسطين بطلب فتوى قانونية ورأي استشاري من محكمة العدل الدولية، حول ماهية الاحتلال الإسرائيلي.
وبعد موافقة "اللجنة الرابعة" كان لا بد أن يمر القرار بالتصويت عليه في الجمعية العامة للأمم المتحدة ليصبح نافذاً، الأمر الذي تحقق اليوم بالتصويت بأغلبية ساحقة لصالح القرار الفلسطيني.
يذكر أن محكمة العدل الدولية ومقرها لاهاي، أعلى محكمة تابعة للأمم المتحدة تتعامل مع النزاعات بين الدول. وأحكامها ملزمة غير أنها لا تملك سلطة إنفاذها.
بدورها رحبت الرئاسة الفلسطينية، بالتصويت بحسب ما نقلته وكالة "وفا".
وقال الناطق باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة، إن هذا التصويت دليل على وقوف العالم أجمع إلى جانب الشعب الفلسطيني وحقوقه التاريخية غير القابلة للتصرف.
في المقابل يشكل القرار الفلسطيني صدمة للجانب الإسرائيلي الذي حاول الضغط عبر الولايات المتحدة لدفع الدول الغربية لإفشاله.
ورفض سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان الاعتراف بالقرار الجديد واصفاً الأمم المتحدة بأنها "كيان مشوه أخلاقياً" والقرار بأنه "غير شرعي".
وقال إردان، "لا يحق لأي محكمة أو هيئة دولية أن تقرر أن إسرائيل تحتل أرضها أو أن وجودنا في القدس ويهودا والسامرة (الاسم التوراتي للضفة الغربية) غير قانوني".
وأضاف السفير الإسرائيلي، أن الاجراء الذي يحصل على تفويض من هيئة "مشوهة اخلاقياً" مثل الأمم المتحدة ليس له شرعية، وفقاً لما نقلت "يديعوت أحرونوت".
وسبق أن وصف إردان القرار الجديد، عقب تصويت "اللجنة الرابعة"، بأنه "وقاحة" مؤكداً رفض إسرائيل الرضوخ لما سمّاه "إملاءات لاهاي".
فشل الضغوط الإسرائيلية والأميركية
قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، الشهر الماضي بعد تصويت "اللجنة الرابعة"، إن القرار يعني أن محكمة العدل الدولية ستحاكم إسرائيل.
وبحسب الصحيفة الإسرائيلية، فقد ضغط الأميركيون والأوروبيون على الفلسطينيين لسحب القرار لكنهم رفضوا، كما رفضوا طلباً أوروبياً بتأجيله.
كما لم يرضخ الفلسطينيون لتهديدات إسرائيل التي أرسلت رسائل حذرتهم من رد قاس محتمل على الخطوة.
وأشارت الصحيفة إلى أن إسرائيل والولايات المتحدة طلبت من أكبر عدد ممكن من الدول الغربية معارضة القرار أو الامتناع عن التصويت، من أجل التأثير على رأي المحكمة العليا في لاهاي.
إسرائيل في مأزق
تأتي الخطوة الفلسطينية بعد انقطاع عملية السلام المتعثرة منذ عام 2014 بنقل المطالب الفلسطينية إلى المحافل الدولية وخاصة محكمة لاهاي.
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أنذر في خطابه أمام الجمعية العامة في أيلول/سبتمبر 2021، أنه إذا لم تنسحب إسرائيل إلى حدود الـ 67 في غضون عام، فإن الفلسطينيين سيتوجهون إلى لاهاي، وهو ما حدث اليوم.
وتخشى تل أبيب أن يؤثر هذا القرار على أهم أهداف الاستراتيجية، والذي تطلق عليه "المعركة من أجل الشرعية"، ويعزز المقاطعة الدولية لها، وفقاً لـ "يديعوت أحرونوت".
ويصف الجانب الفلسطيني هذه الخطوة بأنها "إنجاز كبير" يحمل أفقاً سياسياً جديداً سيؤدي إلى إنهاء الاحتلال، بحسب وكالة "معاً" الإخبارية الفلسطينية.
يذكر أن محكمة العدل الدولية في لاهاي أقرت، في عام 2004، بعدم شرعية جدار الفصل العنصري والمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية.