وافقت لجنة المسائل السياسية الخاصة وإنهاء الاستعمار التابعة للأمم المتحدة، المعروفة باسم "اللجنة الرابعة"، مساء أمس الجمعة، بأغلبية ساحقة على اقتراح فلسطيني يدعو لمحاكمة إسرائيل و"إنهاء الاحتلال"، ما شكل صدمة لإسرائيل نتيجة الدعم الدولي الواسع للخطوة.
يتضمن المقترح الفلسطيني طلب فتوى قانونية من محكمة العدل الدولية في لاهاي حول ماهية وجود الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي في أرض دولة فلسطين بما فيها القدس.
كما اعتمدت "اللجنة الرابعة" قراراً ضد الممارسات الاستيطانية الإسرائيلية التي تؤثر في حقوق الشعب الفلسطيني وغيره من العرب في الأراضي المحتلة، منها مرتفعات الجولان السوري المحتل، إضافة إلى تمديد عمل "الأونروا" وعدم شرعية المستوطنات.
وقالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" إن القرار يعني أن محكمة العدل الدولية ستحاكم إسرائيل.
دعم دولي واسع لفلسطين
صوّتت 98 دولة لصالح القرار الفلسطيني بطلب تدخل محكمة لاهاي لإنهاء الاحتلال مقابل 17 دولة اعترضت في حين امتنعت 52 عن التصويت.
في مقدمة الدول المعترضة كانت الولايات المتحدة الأميركية وأستراليا وكندا، وسبع دول أوروبية (ألمانيا والنمسا والمجر وجمهورية التشيك وإيطاليا وليتوانيا وإستونيا)، ودولة أفريقية (ليبيريا) وأخرى لاتينية (غواتيمالا)، إضافة إلى أربع دول جزرية صغيرة (مارشال وميكرونيزيا وناورو وبالاو).
في المقابل، أيدت دول من آسيا وأميركا الجنوبية وأوروبا حق فلسطين بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي.
واللافت أن أوكرانيا وروسيا صوتتا لصالح الاقتراح الفلسطيني وكذلك الصين، القوتين العظمتين، إضافة إلى أهم دولتين في القارة اللاتينية الأرجنتين والبرازيل.
كما دعمت الدول العربية المقترح بما فيها الدول المطبعة حديثاً.
ووفقاً للمقترح، يطالب الفلسطينيون محكمة العدل الدولية أن تقرر حيال الاحتلال الإسرائيلي طويل الأمد وتعطي رأياً قانونياً، بالاستناد إلى قرار مجلس الأمن رقم 242، الذي ينص على وجوب إنهاء الاحتلال من خلال مفاوضات تقوم على صيغة الأرض من أجل السلام.
والطلب من المحكمة الدولية تقديم توصيات للأمم المتحدة حول كيفية التصرف تجاه الممارسات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة، سواء من خلال الإجراءات التنفيذية أو فرض العقوبات أو المقاطعة.
فشل الضغوط الإسرائيلية والأميركية
أيد نائب السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة ريتشارد ميلز الموقف الإسرائيلي قبل التصويت.
وقال ميلز معلقاً على قرار اللجنة الأممية، نحن نرفض الاقتراح الفلسطيني ونشعر بالقلق حياله لأنه لا توجد طرق مختصرة للاستقلال.
ودعا المجلس إلى التوقف عن اتخاذ قرارات تضر بجهود عملية السلام وفقاً لمبدأ "حل الدولتين".
وبحسب "يديعوت أحرونوت"، ضغط الأميركيون والأوروبيون على الفلسطينيين لسحب القرار لكنهم رفضوا، كما رفضوا طلباً أوروبياً بتأجيله.
كما لم يرضخ الفلسطينيون لتهديدات إسرائيل التي أرسلت رسائل حذرتهم من رد قاس محتمل على الخطوة.
وأشارت الصحيفة إلى أن إسرائيل والولايات المتحدة طلبت من أكبر عدد ممكن من الدول الغربية معارضة القرار أو الامتناع عن التصويت، من أجل التأثير على رأي المحكمة العليا في لاهاي.
إسرائيل في مأزق
تأتي الخطوة الفلسطينية بعد انقطاع عملية السلام المتعثرة منذ عام 2014 بنقل المطالب الفلسطينية إلى المحافل الدولية وخاصة محكمة لاهاي، الأمر الذي تخشاه تل أبيب وترفضه بشدة.
ويصف الجانب الفلسطيني هذه الخطوة بأنها "إنجاز كبير" يحمل أفقاً سياسياً جديداً سيؤدي إلى إنهاء الاحتلال، بحسب وكالة "معاً" الإخبارية الفلسطينية.
في المقابل، قال سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان، إن طلب الفلسطينيين تدخل محكمة العدل الدولية يقضي على أي فرصة للسلام.
ووصف إردان القرار الجديد بأنه "وقاحة" مؤكداً رفض إسرائيل الرضوخ لما سمّاه "إملاءات لاهاي".
وتخشى تل أبيب أن يؤثر هذا القرار على أهم أهداف الاستراتيجية، والذي تطلق عليه "المعركة من أجل الشرعية"، ويعزز المقاطعة الدولية لها، وفقاً لـ "يديعوت أحرونوت".
إجرائياً ليكون القرار الفلسطيني نافذاً، يجب أن تتم الموافقة عليه من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر المقبل.
يذكر أن محكمة العدل الدولية في لاهاي أقرت، في عام 2004، بعدم شرعية جدار الفصل العنصري والمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية.