رجح مسؤول عسكري مطلع لموقع تلفزيون سوريا أن المروحيتين اللتين سقطتا قبل يومين، وأعلنت قوات سوريا الديمقراطية "قسد" اليوم الجمعة مقتل 9 من عناصرها في الحادثة؛ تعودان لجهاز مكافحة الإرهاب في السليمانية والذي يقوده رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني بافل جلال طالباني.
وأكد المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن "قسد" لا تمتلك مروحيات من هذا النوع في الوقت الحالي.
وأعلنت قوات سوريا الديمقراطية في بيان، اليوم الجمعة، عن مقتل 9 عناصر من وحدات "مكافحة الإرهاب" (YAT)، بينهم قائد الوحدة شرفان كوباني، في تحطم مروحيتين كانتا تقلهم إلى مدينة السليمانية جنوبي إقليم كردستان العراق، بسبب الطقس السيئ.
وأضاف بيان "قسد" أن المجموعة كانت في طريقها إلى الإقليم "لتبادل الخبرات الأمنية والعسكرية بما يعزز المستوى القتالي والأمني للوحدات لمواصلة مهامها في مكافحة الإرهاب وحماية سكان مناطق شمال وشرق سوريا".
تركيا والولايات المتحدة تنفيان ملكيتهما للمروحيتين
وكشف جهاز مكافحة الإرهاب في إقليم كردستان العراق، يوم أمس الخميس، أن طائرة مروحية من طراز Eurocopter AS350، سقطت بالقرب من قرية بيركيات في منطقة جماني بمحافظة دهوك الحدودية مع تركيا ليلة الأربعاء، وأن القتلى فيها هم أعضاء في حزب العمال الكردستاني.
وأضاف البيان، أن مسؤولي حكومة إقليم كردستان اتصلوا بالحكومة العراقية والحلفاء والحكومة التركية بشأن سقوط المروحية، لكنهم نفوا جميعاً أن تكون المروحية تابعة لهم.
وذكر البيان أن التحقيقات ما زالت قائمة من أجل جمع المعلومات بهدف تحديد الجهة التي تعود لها المروحية على وجه الدقة.
وقال محافظ دهوك علي تتر في مؤتمر صحفي، إنه كانت هناك مروحية أخرى برفقة التي تحطمت مساء الأربعاء. وأشار إلى أن المروحية الثانية قد هربت وكان أيضا عناصر من الحزب على متنها، إلا أن بيان "قسد" قال إن المروحيتين سقطتا.
وكانت وزارة الدفاع التركية قد نفت عقب الحادثة صحة الأنباء التي تحدثت عن سقوط مروحية تابعة لقواتها المسلحة في إقليم كردستان العراق.
من جانبه نفى المتحدث باسم البنتاغون الجنرال باتريك رايد أي علاقة قد تربط الولايات المتحدة الأميركية بامتلاك "قسد" لطائرات مروحية أو تدريب عناصرها على قيادتها.
وسأل صحفي تركي خلال مؤتمر صحفي المتحدث باسم البنتاغون: "هل توفر الولايات المتحدة تدريباً على قيادة طائرات الهيلكوبتر لقوات سوريا الديمقراطية في سوريا أم لا؟، فأجاب الأخير: "ليس على حد علمي. لا، نحن لا نفعل ذلك".
وأواخر العام الفائت وصل بافل طالباني في زيارة مفاجأة إلى قاعدة "استراحة الوزير" التي تعد مقر إقامة مظلوم عبدي قائد "قسد" في شمالي الحسكة عبر طائرة عسكرية، برفقة مدير مكافحة إرهاب السليمانية وهاب حلبجي.
وظهر في فيديو نشره الطالباني على حسابه بموقع فيسبوك بعد زيارته لسوريا، قائد قوات مـكافحة الإرهاب في قسد "شـرفـان كوباني" والذي قتل في حادثة تحطم المروحيتين.
وراجع موقع تلفزيون سوريا صوراً لعناصر وآليات جهاز مكافحة الإرهاب في السليمانية على صفحات الإنترنت، وعثر على أكثر من صورة لطائرات من نوع "Eurocopter AS350" بحوزة هذه القوات.
لماذا يتدخل بافل طالباني في ملف "قسد"؟
وأثارت زيارة بافل طالباني، لشمال شرقي سوريا تساؤلات عديدة وسط تصاعد التوتر بينه وبين ورئيس حكومة الإقليم مسرور البارزاني، وفشل المساعي الأميركية في استئناف الحوار الكردي – الكردي في سوريا.
وكشف مصدر مطلع لموقع تلفزيون سوريا عقب الزيارة عن "سعي واشنطن لتحريك ملف الحوار الكردي في شمال شرق سوريا عبر طالباني الذي يملك علاقات وثيقة مع قائد قسد مظلوم عبدي وحزب الاتحاد الديمقراطي والعمال الكردستاني".
وفشلت المساعي الأميركية منذ أواخر العام 2020 في استئناف المفاوضات الكردية – الكردية في سوريا وسط تصاعد التوتر بين "المجلس الوطني الكردي" و"الاتحاد الديمقراطي" على خلفية اتهام الأخير بارتكاب "انتهاكات وعدم الالتزام بالاتفاقات والتفاهمات المنجزة خلال المرحلة الأولى من المفاوضات"، بحسب تصريحات رسمية "للوطني الكردي".
واجتمع بافل طالباني خلال زيارته إلى مقر قائد "قسد" مع صالح مسلم وآسيا عبد الله الرئيسين المشتركين "لحزب الاتحاد الديمقراطي" (PYD).وفوزة يوسف عضو الهيئة الرئاسية للحزب وأحد أكثر الشخصيات الموالية "لحزب العمال الكردستاني."
وأشار المصدر إلى أن "طالباني أبدى دعمه لضرورة استئناف الحوار بين المجلس الوطني الكردي وأحزاب الوحدة الوطنية الكردية بقيادة "PYD"، ودعا لإشراك كافة الأحزاب الكردية في الحوار".
وأكد المصدر أن زيارة طالباني تحمل رسائل عديدة أبرزها "تقديم نفسه منافساً لبارازاني الذي طالما أشرف ودعم الحوار والتوافق بين الأكراد السوريين وكذلك الترويج لشخصه وحزبه كأحد الأحزاب الكردستانية المؤثرة في الساحة الكردية السورية على غرار الديمقراطي الكردستاني وحزب العمال الكردستاني".
وتشهد العلاقة بين طالباني وبارزاني توتراً متصاعداً منذ اتهام أربيل السليمان بالوقوف خلف عملية اغتيال العقيد هاوكار الجاف في أربيل، وهو أحد الضباط الكبار في مؤسسة مكافحة الإرهاب في السليمانية قبل الانشقاق عنها.
وكان بافل طالباني قد اجتمع في 5 تشرين الثاني الماضي مع مبعوث الخارجية الأميركية الى منطقة شمال وشرق سوريا، نيكولاس جرانجر، بمدينة أربيل في إقليم كردستان.
وحسب بيان صدر عن مكتب بافل طالباني آنذاك، بحث الجانبان الملفات السياسية والأمنية في سوريا وشمال شرقي البلاد، و"أكد الطرفان على الحلّ السياسي للمشكلات، وتوحيد الجهود في مواجهة الإرهاب، وحفظ أمن المنطقة".
وتفرد بافل، ابن الرئيس العراقي الراحل جلال طالباني، برئاسة حزب والده المسيطر على محافظة السليمانية بعد أن أطاح بابن عمه لاهور شيخ جنكي الذي كان يشاركه منصب الرئيس المشترك للحزب في آب الفائت وأصبح يشرف بشكل مباشر على جهاز الاستخبارات الذي كان يديره الأخير.
وكشفت وكالة "باسنيوز" المقرّبة من البارازاني في السادس من آذار الجاري، معلومات جديدة حول تأسيس حزب العمال الكردستاني في مدينة السليمانية، تنظيماً جديداً يضم مجموعة من أكراد تركيا، يقودها رجل يُدعى "خبات أندوك".
وبحسب الوكالة، فإن حزب العمال الكردستاني أسس مجموعة سياسية شبيهة بالحزب في السليمانية، أطلق عليها تسمية (ميزوبوتاميا)، تتكون من عناصر تابعة للحزب المسلح، وتنشط في مناطق نفوذ الاتحاد الوطني الكردستاني، بزعامة بافل الطالباني.
ويواجه الاتحاد الوطني الكردستاني في السليمانية، تهماً بإيواء قيادات وأعضاء الحزب المصنّف على لائحة الإرهاب في تركيا والوايات المتحدة ودول أوروبية وغربية أخرى.
وفي حزيران الماضي، استهدفت طائرات تركية مسيّرة فرهاد شبلي القيادي في "قسد" داخل العمق العراقي بضواحي السليمانية، أعقبتها عملية مماثلة في بلدة كلار، استهدفت سيارة تقلّ قيادات بارزة في حزب العمال الكردستاني، أدت إلى مقتلهم جميعا.
واتهمت أنقرة في مناسبات عديدة موقف السليمانية في إيواء مسلحي حزب العمال الكردستاني، وقررت في أوقات مختلفة حظر الطيران بين مطار السليمانية وتركيا، ردا على ما اعتبرته تركيا "مساعدة السليمانية للإرهابيين".