كان الأستاذ كريغ آنغوس يبحث عن تجربة عملية تساعد طلابه في مادة الجغرافيا على فهم محنة اللاجئين السوريين خلال تدريسه لوحدة عن الهجرة في عام 2017.
ولذلك ابتكر تحدياً يحاكي رحلة اللاجئ وذلك ضمن دورة لتحدي تسلق الحبال على ارتفاعات شاهقة قدمه في المدرسة الخاصة التي يعلم فيها، فقد سبق لهذا المعلم أن حاول إطلاق تلك الدورة لمرة واحدة فقط، إلا أن خططه المستقبلية تغيرت بسبب تفشي فيروس كورونا. وبعد تقاعده بنهاية السنة الدراسية، أصبح المجال مفتوحاً أمامه يوم الإثنين الماضي ليقود الطلاب ويرشدهم ضمن رحلة تحاكي رحلة اللاجئين من جديد.
يخبرنا هذا المعلم بأن دورة تسلق الحبال تشابه الرحلة التي قطعها اللاجئون، وذلك لأنك لا تستطيع أن تسترخي وأنت تتخذ قرارات خلالها، بل تحتاج إلى ذهن حاضر طوال الوقت وأن تفكر وأنت تسير على قدميك، ويضيف: "من المفترض لتلك الدورة أن تحاكي شكل حياة اللاجئ، إذ عليك أن تقهر الخوف، وأن تحاول أن تتعاون مع غيرك بدلاً من أن تتصرف بمفردك، وأن تراقب أيهما أنجح. وهذا ما يجعلك تفكر بالخطر والمجازفة وإلى أي مدى يعاني اللاجئ من تقلقل في حياته".
شارك صفان من تلك المدرسة في تلك الدورة يوم الإثنين الماضي، وذلك بمساعدة مدير دورة التحدي كريش شوهمان وغيره من كوادر المدرسة.
رشوة وجائزة
يبدأ كل طالب رحلته وبحوزته مبلغ من عملة أجنبية عليه أن يستخدمه في رشوة خفر الحدود، حيث يقوم كل منهم بشراء الطريق بعيداً عن الحالات الخطرة، أو يدفعون لطلاب آخرين مقابل مساعدتهم لهم. ولم تحدد الأسعار للطلاب، وذلك حتى يضطروا لتخمين الأسعار بأنفسهم وتقديرها. ولهذا فإن الطالب الذي ينهي تلك اللعبة وبحوزته أكبر مبلغ من المال يحصل على جائزة.
وطوال تلك الرحلة، يتنقل الطلاب الذين يمثلون دور اللاجئين بين ستة مواقع، أولها يحاكي الطريق البرية من حلب السورية إلى تركيا، ثم ألمانيا، وفرنسا، وبعدها كندا وبنسلفانيا، قبل أن ينتهي بهم المقام في دينفر الأميركية. يتم فرز الطلاب في كل موقع من تلك المواقع بناء على ما يختاره النرد لهم، ما يجعلهم يعيشون سيناريو من بين ستة سيناريوهات تتراوح ما بين الوصول بأمان وصولاً إلى اضطرارهم للبقاء في وضع قد يفقدون معه حياتهم.
إذ في المكان الذي يمثل سوريا مثلاً، قد توقفهم العناصر التابعة للنظام لتقوم بتجنيدهم في الجيش، أو قد يحتجزهم مهربو البشر أو قد يصلون إلى تركيا بأمان فيصعدون على متن شاحنة ليصلوا إلى ألمانيا، حيث يختبئون داخل صهريج بترول يستوعب 55 غالوناً، ضمن رحلة تستهلك كل ما لديهم من نقود.
ولذلك يحذر شوهمان الطلاب بقوله: "إنها رحلة خطرة، ولهذا لا نتوقع للجميع منكم أن يقطعها".
محاولات للاستقرار
وهكذا، فإن من ينجو بعد تحدي الرحلة البرية ينتقل إلى دورة تسلق الحبال على ارتفاعات شاهقة، تصل إلى نحو 12 متراً في الهواء، وتتمثل أول مهمة لهم بتسلق جدار حتى يصلوا إلى المسار، حيث تمثل قمة الجدار حدود فرنسا. بعد ذلك يتعين عليهم أن يجتازوا أربعة أقسام من الطريق، مع تجنب الحظوظ السيئة لحجر النرد، وذلك حتى يصلوا بأمان إلى دينفر في نهاية المطاف.
وتماماً كما يفعل بعض اللاجئين الذين يقررون أن يبقوا حيث وصلوا، يخبرنا آنغوس بأن بعض الطلاب يقررون عدم المحاولة مع طريق الحبال الشاهقة.
إذ تخبرنا نتالي كوركزاك بأنها تجاوزت فكرة عبور مسار الحبال لأنها شعرت بأنه: "مخيف للغاية"، ولكنها فخورة بوصولها إلى قمة الجدار الذي تسلقته مع أول محاولة، وتضيف: "عندما جربت الهجرة من خلال هذه الدورة استطعت أن أصبح جزءاً منها وأن أحكي عنها".
كثيرون ممن بقوا على الأرض، سواء باختيارهم أو باختيار حجر النرد، سرعان ما أسسوا مشاريع تجارية فصاروا يحصلون على المال مقابل تقديم المساعدة.
إذ حصلت مادي هولي على المال من قبل من ينتظرون في الطابور مقابل تأمين العدة المثبتة اللازمة لمسار الحبال الشاهقة والتي حصلت عليها من زملائها الذين نزلوا من تلك الحبال، وعن ذلك تقول: "كان الأمر ممتعاً، إذ أعجبتني تلك العقبات والتحديات المختلفة".
أما ماديسون دودج التي قطعت مسار الحبال الشاهقة بعدما قدمت لها زميلتها بعض المال لتدفعه كرشوة، فتصف التجربة بأنها كانت: "مخيفة للغاية، وممتعة للغاية في آن معاً... كما أحببت تدفق الأدرينالين، إذ من خلال ذلك تحس بما أحس به غيرك، أي أنك تستشعر الخوف بحق".
المصدر: Daily Camera